عندما وقف الرئيس الراحل أنور السادات مخاطبا شعب مصر مساء يوم الخميس 27 سبتمبر 1973 بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر ومعلنا العفو عن جميع المعارضين السياسيين وعودة الصحفيين المبعدين إلى مؤسساتهم كانت عجلة التحضير النهائى لحرب أكتوبر قد بدأت دورانها فى مركز عمليات القوات المسلحة المعروف باسم «المركز رقم 10» من خلال متابعة مجريات مناورة عسكرية كبرى كان الهدف منها إعطاء رسالة لإسرائيل بأن المسألة مجرد مناورة روتينية فى الخريف لا تختلف كثيرا عن مناورة الربيع التى أجرتها القوات المصرية فى شهر مارس 1973 وظنتها إسرائيل بوادر حرب تستدعى إعلان التعبئة العامة مما كلفها نحو 35 مليون دولار! وصحيح أن أحدا فى «المركز رقم 10 » لم يكن لديه أى علم بالموعد الدقيق لنشوب الحرب لكن كان هناك إحساس بأن الساعة قد أزفت وأن المسألة لن تتعدى عدة أسابيع أو عدة أشهر على الأكثر. والحقيقة أن نقطة الارتكاز الرئيسية التى شجعت الرئيس السادات على أن يتخذ قرار الحرب بعد اتفاق القيادتين العسكريتين فى كل من مصر وسوريا على حل وسط لإشكالية التوقيت الملائم للجبهتين فى آن واحد هو اطمئنان السادات إلى أن القوات المصرية المسلحة قد أكملت استعداداتها ورتبت كل أوضاعها وانتهت من تحديد توقيتاتها على ضوء القدرات والإمكانات المتاحة! كان الرئيس السادات قد أجرى سلسلة لقاءات فردية وثنائية مع معظم قادة القوات المسلحة على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل موعد ساعة الصفر طبقا لأجندة مواعيد بهذه اللقاءات أعدها اللواء عبد الرءوف رضا السكرتير العسكرى للرئيس والذى كان قد انتدب لهذه المهمة مطلع عام 1973 من موقعه الأساسى كزميل لنا فى فرع المعلومات بإدارة المخابرات الحربية... واستخلص السادات من هذه اللقاءات أن هناك نداء عارما يسرى فى جنبات القوات المسلحة يطلب ويضغط ويلح على سرعة التحرك والانتقال من أوضاع السكون التى فرضت نفسها على جبهة القتال منذ 8 أغسطس 1970 طبقا لترتيبات وقف إطلاق النار التى نجحت مصر فى الساعات الأخيرة التى سبقتها فى تحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة القناة وبما يضمن تأمين قوات العبور من الضربات الجوية الإسرائيلية.. وغدا نواصل الحديث لمزيد من مقالات مرسى عطا الله