تشهد هذه الأيام أجواء ذكرى رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وذكرى نصر أكتوبر ومعهما تزخر الشاشات المصرية والعربية بلقطات وأجزاء من خطب الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس السادات. ورغم أن هذه المشاهد تكاد تكون مكررة وهى نفسها التى تم بثها عدة مرات فى سنوات سابقة إلا أن هناك شغفا وجاذبية من جانب المشاهدين لسماعها ومشاهدتها رغم مرور عشرات السنوات على رحيل أصحابها، ويعلل البعض ذلك بالكاريزما المصاحبة لبعض الشخصيات ومنهم الملوك والرؤساء، وحول ماهية الكاريزما على الشاشة وكيف تفرض نفسها ودور الجاذبية التى تميز الأشخاص وتفرض لهم وجودا.. كان هذا التحقيق مع خبراء فى التأليف والإعلام والطب النفسى. فى البداية يقول الكاتب وحيد حامد إن عملية الحضور والقبول والكاريزما، جزء أساسى منها يكون فى داخل تركيبة الشخصية وجزء آخر يعد موهبة فطرية، ويضيف فى حالة الرؤساء أو الزعماء فإنهم يمتلكون فى هذه الحالة الهيبة التى تؤهل للكاريزما وهذا عنصر ضرورى فى أى رئيس خاصة عندما يكون رئيس. وقد كان الوطن فى الستينيات والسبعينيات يبحث عن زعيم بمعنى الكلمة وليس رئيس عادى وبالفعل تحقق لمصر وللشعب ماأراد بتولى الرئيس الراحل عبد الناصر مقاليد الحكم فى وقت عصيب، وجاء بعده الرئيس السادات الذى أكمل المسيرة، ولأن الكاريزما على الشاشة وحب الجماهير لها لاتأتى من فراغ فهى تحتاج لوقت طويل من العطاء والإنجازات والزعامة تأتى بالأفعال وعلى الزعيم ان يقدم شيئا لوطنه. ويقول د. على عجوة عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق إنه من المعروف أن الزعيم عبد الناصر كانت له شخصية قوية جعلته يتمتع بجاذبية على الشاشة هذه الكاريزما لم تأت من فراغ ولكن لأنه شخصية غير تقليدية فى تناوله للأوضاع المصرية والعربية والعالمية واستشراف المستقبل برؤية بعيدة وأدرك من الوهلة الأولى أن مصر لابد أن يكون لها الدور الإقليمى والعالمى وساعد حركات التحرر ووقوفه مع الفقراء والفلاحين حقق مكتسبات بدت وكأنها خيالية، هذا كله انعكس على صورة عبد الناصر حتى الأن من حب الجماهير له ليس فى مصر فقط ولكن فى كثير من الدول الأخرى وارتبطت كاريزما عبد الناصر بأفعاله وأقواله الصادقة، هذه الأفعال مازالت لها تأثيرها لدى الجماهير ولن تنسى فى المستقبل ، أما كاريزما السادات فقط وصلت إلى الدرجة القصوى عندما تحقق انتصار أكتوبر 73 ثم خطابه أمام الكنيست الذى زاد من جماهيريته فيما بعد خاصة حديثه عن الأم الثكلى التى فقدت ابنها وتعبيراته عن السلام والإنسانية ولجميع المصريين والإسرائيليين والعالم أجمع. ويقول د. ممتاز عبد الوهاب أستاذ الطب النفسى جامعة القاهرة إن الجاذبية والقدرة على الإقناع والتأثير كانت تصب بشكل متميز فى صالح الزعماء والرؤساء فى أغلب الأوقات خاصة من تميز منهم بالذكاء الاجتماعى وكيفية مخاطبة الجماهير فرعم أن الخطابة والإلقاء علم يحتاج إلى تدريب وهذا مايحدث فى أوروبا وأمريكا إلا أن هناك رؤساء يتميزون فى الخطابة وقوة الشخصية بل والأناقة والمظهر والتحدث دون تلك التدريبات ويساعد على الكاريزما أيضا التكوين الجسمانى ونبرات الصوت ونظرات العين وطريقة التحدث والثقافة العالية.