في الكنيسة.. يراها البعض طموحا في توقيت صعب يلتف حوله الأقباط.. في الرئاسة.. تبعث ثقة الشعوب. في السياسة.. صنعت قوي سياسية.. وقدمت شخصيات صار لها تاريخ. لها مفعول السحر.. تصنع شعبية صاحبها بسرعة البرق.. بعضها يكتسب.. مع الوقت, وأحيانا تنتصر للمقومات الإلهية. الكاريزما.. صاحبها يجيد فن التعامل باقتدار.. مزيج من الحكمة والقوة واتخاذ القرار في الزمان والمكان الصحيح. يمتلك أدوات المناورة في حل الأزمات وفن الإدارة. في صمته كلام.. وفي كلامه جاذبية تستند إلي ثقافات متعددة يظل عالقا في الذاكرة حبا وكرها. موهوب في فن التعامل مع الصغير علي أنه الكبير.. ومع الكبير علي أنه صاحب الكلمة العليا.. لكن ما بينهما يتخذ صاحب الكاريزما قراره دون إشارة من أحد. رحل البابا شنودة الثالث.. فولد السؤال همسا: هل يأتي للكنيسة كاريزما في حجم كاريزما البابا الراحل؟ دارت رحي المعركة الرئاسية في توقيت صعب علي البلاد فاختلف الشعب حول شخصية الرئيس.. هل مطلوب أن يتمتع بكاريزما؟ أم أن هذا الزمان لم يعد يعترف بهذا النوع الكاريزمي؟! بداية الكاريزما.. هي كلمة إغريقية قديمة تعني موهبة ربانية أو منحة إلهية لها جاذبية وحضور فائق وفتنة غير عادية وحسب دراسات متخصصة فإن هناك سبع صفات إذا توافرت لديك فأنت كاريزمي في مقدمتها أن يكون لديك قدرة علي إعطاء رسالة صامته, وقادر علي صياغة كلامك بأسلوب جديد, تمتلك مهارة الاستماع إلي الآخرين, والقدرة علي الاقناع.. والتكيف مع الآخرين ومعرفة ماذا يريدون, قادر علي استغلال وقتك ووقت الآخرين, تستطيع قراءة مشاعرك بذكاء وأن تعرف ماذا تريد؟! السياسة تحتاج إلي قدر من هذا النوع الكاريزمي.. هكذا استهل محمد فايق, وزير الإعلام الأسبق الذي كان قريبا من الرئيس جمال عبدالناصر حديثه مؤكدا أن ناصر في بداية الثورة لم تكن لديه الكاريزما التي وصل إليها من خلال ممارسته العمل السياسي, أي أنها في رأيه تكتسب مع الطبيعة البشرية نتيجة جسور من العلاقات مع الجماهير, وقدرته علي ايجاد صورة ذهنية لدي الناس.. وأيضا من خلال أعماله وقدرته علي الإنتاج, فرغم أن الكاريزما مطلوبة في القائد لكن المطلوب أولا هو الوصول إلي شخصية قادرة علي الإنتاج, والخلق والتواصل مع الشعوب, لا سيما أننا في هذه المرحلة في أمس الحاجة إلي الشخص المناسب لهذه الظروف التي تحتاج إلي أداء جيد وشخصيات وطنية تستطيع الصناعة والبناء في مرحلة لها قواعد وقوانين وآليات مختلفة.. إذا توافرت هذه المقومات فنحن نضع أيدينا علي الشخص المناسب في الوقت المناسب ولاشك في أن من يفعل ذلك قطعا ستتوافر له الكاريزما مع مرور الوقت وخير مثال علي ذلك هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. لا يخطئ ربما تتأرجح وجهات النظر والمفاهيم بعيدا وقريبا لكن يبدو أن الأجواء التي نعيشها تتمرد علي كل الثوابت, فرغم أن الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية يري أن الشعب علي استعداد أن ينقاد وراء الشخصية الكاريزمية إذ أنه في رأي الجمهور شخص لا يخطئ. هو نفسه د.نافعة الذي يؤكد أنه ليست الأهم وجود الكاريزما بقدر ضرورة وجود الشخصية المحبوبة التي يكون لديها القدرة علي التأثير في الجماهير وتستطيع التغلب علي أي مشكلة, خاصة أن المواقف الصعبة تحتاج إلي حنكة وخبرة في إدارة الأمور. وفيما يظل الهمس مستمرا حول ضرورة وجود كاريزما لمن يخلف البابا شنودة علي سبيل المثال فإن د.نافعة يري أن البابا لم يكن لديه كاريزما عندما جلس علي كرسي البابوية, ولكن بعد أن حقق نجاحات كبيرة في مشواره, وأصقل موهبته بالثقافات المتعددة صار له حضور كبير, أضفي عليه صفات الكاريزما, كما أن د.نافعة يؤكد أن الكاريزما لا تهبط من السماء ولكنها مكتسبة من الألف إلي الياء. الموهوب أفضل الموهبة تعيش أكثر من الكاريزما.. فمثلا الفنان شكري سرحان كان كاريزما لكنه لم يستمر.. من هذه النقطة ينطلق المخرج السينمائي مجدي أحمد علي ليضرب مثلا آخر بلاعبي كرة القدم فأهمهم في رأيه قد يكون موهوبا جدا وليس له أي كاريزما ثم يحاول المخرج السينمائي نسف هذه الفكرة مطالبا بكل صراحة بضرورة التخلص من هوس البحث عن الكاريزما. وفي محاولة منه لتأكيد منطقه في الكلام يتساءل المخرج السينمائي: ماذا فعلت كاريزما صدام حسين والأسد والقذافي؟ بعد طرحه السؤال باغته بسؤال آخر: ( حضرتك ناصري.. وماذا فعلت كاريزما عبدالناصر؟ ففي الحقيقة لم يخجل مجدي أحمد علي ولم يرتبك في رده الذي جاء مباشرا وسريعا:( عبد الناصر كان كاريزما.. أيوه كان كاريزما.. لكن كانت له أخطاء.. ويكفي هزيمة1967).. وهنا قال المخرج السينمائي الكاريزما تنسينا أخطاء أصحابها وتغطي علي المشكلات والعيوب وتجعلنا ننجرف وراء خطب رنانة وكلام منمق فقط, ولذلك علينا أن نبحث عن شخصيات نكلفها بأعمال ثم نحاسبها.. فالموضوع الأهم هو الإنتاج والفعل لاسيما أنه كلما تقدمت البلاد قلت احتياجاتها للكاريزما. لكن إذا كانت الرؤي السابقة تقترب بشكل واضح من المناصب الرئاسية والقيادية عموما.. اذن ما هو حال الكاريزما داخل الكنيسة بعد رحيل البابا؟! المفكر الوحيد فكرة تعليق النجاح والاستقرار علي شخصية لها كاريزما أكذوبة.. هكذا أجاب الناشط د.نبيل منير( ماجستير القانون الكنسي).. فالكاريزما مثلما لها فوائد لها أيضا عيوب.. وفيما يتعلق بالكنيسة فإن الكرسي البابوي يحتاج إلي الإنسان الطبيعي الذي يجمع المتناقضات.. القوي والضعيف.. المخطئ.. والمصيب نحتاج إلي شخص أشبه بالعهد الذي سبق البابا شنودة.. عهد البابا كيرلس شخص ملتحم مع الوطن.. هادئ.. طيب.. مصل. غير أن الكاريزما في رأي د. منير تجعل صاحبها لا يري سوي نفسه, وأنه المفكر الوحيد, وبالتالي نجد الآخرين ينصاعون لرأيه الصواب, والخطأ وبدون مبررات. وإذا انتقلنا لتأثير الشخصيات الكاريزمية لعلماء الدين الاسلامي نجد ان هناك نماذج كانت لها قدرة علي التأثير في عقل ووجدان الشعوب فمثلا الشيخ الشعراوي رغم رحيله منذ مايزيد علي عشر سنوات ألا ان تأثيره لايزال حاضرا. هوس المزاج الرؤية النفسية لغالبية المصريين وللأسف الشديد تتجه إلي الجاذبية الجماهيرية, أي الكاريزما, خاصة أن الفقر المطبق وارتفاع نسبة الأمية يسيران في اتجاه ثقافة الاختيار غير القائم علي أسس وثوابت منطقية.. هكذا يتأمل معنا الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ليقودنا إلي أن هذا المزاج النفسي يؤدي إما إلي شخصية لها كاريزما أنانية وتحب السلطة وديكتاتورية تؤدي إلي كوارث, وإما أن تكون شخصية تقدم نفسها لخدمة الشعب, ولذلك فإن هذا الخيط النفسي والعاطفي يحمل قدرا كبيرا من المجازفة ولذلك فلابد أن يكون الاتجاه عقلانيا قائما علي مواصفات منطقية في الشخصية القيادية بما يتناسب مع مهنته. [email protected]