حدث حادث سعيد للمهتمين بالمسرح وللفن وللثقافة بصفة عامة بل وللمصريين جميعاً، ولا أبالغ إن قلت وللمهتمين بالفنون والثقاقة فى العالم أجمع.. أصدرت جامعة نيويورك ترجمة إنجليزية لثلاثية الكاتب المسرحى المصرى الموصلى المولد ابن دانيال.. الكتاب بعنوان «المسرح من قاهرة العصور الوسطى - ثلاثية ابن دانيال ترجمة العلاّمة الأمريكى المعروف مارفين كارلسون وصافى محفوظ».. وتعود أهمية الكتاب إلى أن المسرحيات المذكورة هى كل ما وصلنا من المسرح المصرى فى العصور الوسطى بكاملها . يقارن مارفين كارلسون فى مقدمته الباهرة ابن دانيال بمعاصره الكاتب الفرنسى ده لا هال كما يصف ابن دنيال بأنه واحد من كبار كتاب المسرح فى العالم . كما يصف كارلسون القرن الثالث عشر الذى عاش فيه ابن دانيال بأنه القرن الذى استمد فيه الغرب الكثير من الثقافة العربية والإسلامية التى قدمت لأوروبا أيضاً إعادة لأعمال الكتاب الإغريق وأرسطو على وجه التحديد . المسرحيات هى «بابات خيال الظل» التى كانت قد بدأت فى أواخر القرن العاشر بعد إنشاء القاهرة نفسها لكن ابن دانيال غير من موضوع مسرحية خيال الظل وفى قيمتها الأدبية. كان الموضوع الجديد هو الحياة اليومية فى القاهرة وكانت تعبر عن عدم استقرار المشهد السياسى . وقد أثرى ابن دنيال مسرحياته بمقتطفات من أعماله السابقة ونسجها فى مادة جديدة ليخلق فعلاً مسرحياً معقدا تدور المسرحية الأولى «طيف الخيال» حول الأميروصال الذى يريد أن يستقيم ويتزوج فيتفق مع الخاطبة أم رشيد على أن تختار له عروساً جميلة وفى ليلة الزفاف يفاجأ بأن العروس عجوز شمطاء وأن الخاطبة خدعته فيقرر الانتقام منها لكنها تموت فيتجه الأمير إلى الله ويقرر الحج. تدور المسرحية الثانية «عجيب وغريب» حول المحتالين والغشاشين «بنى ساسان» والمسرحية مليئة بالإرشادات المسرحية وبتفاصيل الملامح الفيزيقية للشخصيات وكان هذا - كما يرى كارلسون - أمراً جديداً لم يكن المسرح الأوروبى يعرفه. المسرحية الثالثة هى مسرحية «المتيم واليتيم» وتدور حول حب محرم وتنتهى بتطهر العاشق وتوبته وعودته إلى طريق الهداية ويرى كارلسون أن المسرحية تشبه كثيراً فى بنائها الفنى كوميديا أريستوفانيس . وأنا أطلب - بهذه المناسبة السارة - من المفكرالكبير د.جابر عصفور - الذى أنشأ المركز القومى للترجمة وتمت فى عهده ترجمة الأدب المصرى الرفيع بل ورفع من شأن الترجمة حين غير فى المقابل المادى ليحفظ كرامة المترجم وليغير المشهد الترجمى بأسره تغييراً غير مسبوق - أن يتدخل ليجعل المركز القومى للترجمة يعاود ما كان يفعله من ترجمة للأدب المصرى الرفيع وشكرا لجامعة نيويورك، وهذا يجعلنى أقول أليس من الكياسة أن نحول مرتبات المسئولين عن المركزالقومى للترجمة - وجميعهم أساتذة محترمون وأكفاء - ولو عن شهر واحد للمسئولين عن الترجمة فى جامعة نيويورك فهم أيضاً يعملون على ترجمة الأدب المصرى ليقرأه العالم فإذا كان الناس لبعضها فلتكن مكافآت وحوافز الناس أيضاً لبعضها.