وسط موجة استياء واسعة داخل الأوساط السياسية التركية لتطاول الرئيس رجب طيب أردوغان المتكرر ضد مصر ، أدانت وزارة الخارجية فى بيان شديد اللهجة أمس ما جاء فى الكلمة التى ألقاها الرئيس التركى أمام المنتدى الاقتصادى العالمى أمس الأول - الأحد - ووصفتها بأنها تأتى استمرارا لمسلسل الشطط والأكاذيب التى يرددها الرئيس التركى حول الأوضاع فى مصر. وذكرت وزارة الخارجية فى بيانها أنها إذ تجدد استنكارها الشديد لهذه الأكاذيب من جانب الرئيس التركى ، فإنها تؤكد أن المُتابع للشأن الداخلى فى تركيا خلال الإثنى عشر عاما الأخيرة يخلص إلى نتيجة طبيعية مفادها أن الممارسات الداخلية لأردوغان الذى يدعى أنه راعى الديمقراطية والمدافع عن ثورات الربيع العربى بعيدة كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية خلال هذه الأعوام ، ومن ثم فإنه ليس فى وضع يسمح له بإعطاء الدروس للغير بشأن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أو ينصب نفسه وصياً عليها. وأضافت الخارجية فى بيانها أن «واقع الأمور فى تركيا يشير إلى أنه رغم بقاء أردوغان فى السلطة لأعوام طويلة كرئيس للوزراء ، فإنه لم يتردد عن تغيير النظام السياسى للدولة من النظام البرلمانى إلى النظام شبه الرئاسى وتغيير الدستور التركى حتى يستمر فى السلطة لعشرة أعوام قادمة ، وهو ما لا يمكن وصفه بالسلوك الديمقراطى ، خاصة فى ظل الممارسات التى انتهجها خلال الأعوام الماضية ، سواء من خلال فرض قيود على حرية الرأى والتعبير والتجمع واستخدام القوة المفرطة فى التعامل مع النشطاء السياسيين والمتظاهرين السلميين ، بل ووصل به الحد إلى إغلاق موقع تويتر فى تحد سافر لأبسط قواعد احترام حرية الرأى ، يضاف إلى ذلك القيود الشديدة التى يفرضها نظامه على حرية الصحافة والملاحقة القضائية والأحكام المتعددة ضد الكتاب والصحفيين ، والتمييز ضد الأكراد ، وتدخله المتكرر فى أعمال القضاء الذى ينظر قضايا الفساد ، واحتجاز المواطنين بدون تهم لفترات طويلة ، وهى أمور ترصدها وتؤكدها تقارير منظمات دولية وإقليمية لسجل حقوق الإنسان فى تركيا مثل الاتحاد الأوروبي». وتابعت «لا شك فى أن هذه الانتهاكات المستمرة والممنهجة والممارسات غير الديمقراطية تُفقد الرئيس التركى أى مُبرر أخلاقى أو سياسى للتشدق بالدفاع عن الديمقراطية ، كما أن ذلك يعكس منظور أردوغان الأيديولوجى الضيق الذى يرتبط بتوجهاته الفكرية وطموحاته الشخصية وأوهام استعادة الخلافة العثمانية بعيداً عن المصالح الوطنية لبلاده وشعبه». كما أدانت مصر بشدة أيضا تهجم الجانب التركى على دولة الإمارات العربية الشقيقة ، واعتبرت ذلك تهجماً على سائر الدول العربية ، وأكدت رفضها لذلك. وأكدت وزارة الخارجية فى بيانها أنه «إذا كان أردوغان يُمارس استبداده السياسى الداخلى ولا يكف عن دس أنفه فى الشأن الداخلى للدول الأخرى ، فإنه لم يكتف بذلك ، بل تجاوزه من خلال دعم جماعات وتنظيمات إرهابية ، سواء بالتأييد السياسى أو التمويل أو الإيواء لبث الفوضى والإضرار بمصالح شعوب المنطقة ، وهو ما تؤكده المعلومات والتقديرات المختلفة ، واتصالاته المباشرة مع تنظيمات فى ليبيا وسوريا والعراق وغيرها ، وهو أمر لا يتعين السكوت عنه أو التهاون معه من جانب الأممالمتحدة والمجتمع الدولى لما يمثله ذلك من تهديد للأمن والسلم الدوليين». وقال البيان إن مصر تنصح أردوغان بأن يلتفت إلى شأنه الداخلى لإصلاح سلوكه الشخصى المستبد وتحسين سجله السيء فى مجال حقوق الإنسان ، قبل أن ينبرى بدس أنفه فى شئون الآخرين وينصب نفسه وصياً على الديمقراطية ومدافعاً عنها ، وهو أبعد كل البعد عن مبادئها وقيمها. وأضاف بيان الخارجية أنه «وإذا كانت مصر تحرص على التمييز بين مواقف القيادة التركية التى أقل ما توصف بأنها مواقف متدنية وتتسم بالرعونة وتنتهك التقاليد والأعراف الدولية وتتطلب تكاتف المجتمع الدولى لتصويبها ، وبين العلاقة التاريخية وروابط الدم التى تجمع الشعب المصرى بالشعب التركى الصديق». وكانت تصريحات أردوغان الاستفزازية ضد مصر التى تكررت خلال افتتاح القمة الإقليمية أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة أوراسيا التابعة للمنتدى الاقتصادى العالمى فى إسطنبول أمس الأول قد أثارت أيضا استياء شديدا فى الأوساط السياسية التركية ، حيث أعرب عدد من أعضاء لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان التركى عن استيائهم ، مؤكدين على أن مصر أهم دولة فى منطقة الشرق الأوسط ولا يمكن إهانتها واستخدام عبارات لا تليق بالسياسة الخارجية التركية. وأشاروا إلى أن ما جاء على لسان رئيس الجمهورية ألحق أضرارا كبيرة بالعلاقات التركية – المصرية ودفعتها إلى الوراء.