ضبط أنصار مرشح بتهمة التحريض على نشر مقاطع مصورة بدائرتي مصر القديمة والمنيل    ترامب يمهل مسئوليه 45 يوما لتصنيف فروع الإخوان كجماعة إرهابية    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    رئيس الاتحاد السكندرى: خدت اللعيبة أعشيهم.. وسيتم توقيع غرامة على اللاعب المخطئ    اتحاد السلة يصدر بيانا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلى فى نهائى دورى المرتبط    نائب رئيس اتحاد السلة يكشف كواليس أزمة مباراة نهائى دورى المرتبط    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ضبط 180 قضية سرقة تيار كهربائي وإغلاق 5 محال مخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء بالجيزة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    أمريكا: قلق في مجتمع الصوماليين فى مينيسوتا بعد تهديد ترامب بإنهاء وضع الحماية المؤقتة    العدل الأمريكية تطلب من قاض السماح بنشر المواد الخاصة بهيئة المحلفين الكبرى في قضية إبستين    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    كلب "بيتبول" يثير الذعر في حدائق الأهرام.. وأحد السكان يحرر محضرًا.. شاهد    وكيل توفيق محمد يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي وموعد تحديد مصيره    مفتي الجمهورية: التعليم الصحيح يعزز الوازع الديني ويصون المجتمع من التطرف    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    رئيس الوزراء يغادر العاصمة الأنجولية عائدا إلى القاهرة    كاراجر ينتقد صمت محمد صلاح ويطالبه بالظهور أمام الإعلام وسط أزمة ليفربول    اتحاد كرة السلة: لا تأجيل لمباراة النهائي.. والانسحاب يعنى تتويج الأهلى بلقب المرتبط    النيابة العامة تصدر بيانًا بشأن واقعة "سيدز الدولية" وتعلن حبس المتهمين وفحص الأدلة    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    إذاعة القرآن الكريم تُحيي الذكرى ال 45 لرحيل الشيخ الحصري    مراسل الحكاية: المنافسة قوية بين 289 مرشحاً على 38 مقعداً في انتخابات النواب    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    إلهام شاهين تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان مسرح الشباب    بعد قليل.. مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لعرض مستجدات اليوم الأول للتصويت    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    المؤبد لشخصين والسجن 5 سنوات لآخر لاتهامهم بإحراز سلاح دون ترخيص بسوهاج    مستشار الرئيس للصحة: مصر خالية من أى فيروسات جديدة (فيديو)    إقبال كبير علي اللجان الانتخابية خلال الفترة المسائية بدمياط    مفتي الجمهورية: الإسلام دين سلام وعدل وأفعال المتطرفين لا تمتُّ إليه بصلة    السجن مدى الحياة لداعمى التنظيم فى الولايات المتحدة بعد قرار ترامب المرتقب    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    ارتفاع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    الاتحاد السعودي يواجه الدحيل القطري في قمة آسيوية حاسمة بدوري أبطال آسيا 2025    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرارة الانفصال تضرب أوروبا
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 09 - 2014

ربما تكون صيحة ويليام والاس الشهيرة من أجل الحرية فى اسكتلندا قد خابت للمرة الثانية ، لكن أصداء الاستفتاء على الاستقلال فى الإقليم الأسكتلندى أخيرا أيقظ فتنا فى أرجاء أوروبا ليست مستعدة لها حاليا ، فمن ينسى أن هذا الكيان الأوروبى المتكامل الذى يقترب من المثالية يضع قدميه على أرض من الفسيفساء، ويرتكن الى ماض مخضب بالدماء.
ورغم الرخاء الذى الذى حققته دول الاتحاد وتكالبها على مباديء ديمقراطية موحدة تتسم بالعدالة فى أغلبها، فإن ذلك لم يتغلب على حلم الاستقلال لدى الكثير من أقاليم الاتحاد على مستوى ما دون الدولة ، فلم تكد تمضى 24 ساعة على نجاة المملكة المتحدة من التفكك، حتى بلغت الشرارة إقليم كتالونيا بشمال شرق إسبانيا، وصوت نواب البرلمان المحلى للإقليم على منح حاكمه صلاحية الدعوة لاستفتاء على الاستقلال، وهو ما احتجت عليه حكومة مدريد بقوة وأحالت القضية إلى المحكمة الدستورية العليا بالبلاد ، لكن أرثر ماس حاكم كتالونيا أكد أن استفتاء اسكتلندا أضاء الطريق أمام استقلال كتالونيا.
ويرى شعب كتالونيا - يبلغ تعداده نحو 9 ملايين نسمة - أن لديه روابط مشتركة تميزه عن سائر إسبانيا، فهم يتحدثون لغة ال"كاتلان" التى تتوسط اللهجة المستخدمة فى جنوب فرنسا وتلك الشائعة فى إسبانيا، كما يمتد تاريخ قومية "الكاتلان" بمؤسسات حكمها إلى القرن الحادى عشر، وتم توحيدها للمرة الأولى مع سائر إسبانيا فى القرن الخامس عشر، عندما تزوج الملك فيردناند ملك "أراجون" (التى تنضوى كاتالانيا تحت لوائها فى ذلك الوقت) من الملكة إيزابيلا ملكة "كاستيل" فى سائر أنحاء إسبانيا ، وقد قام الزوجان بتوحيد مملكتيهما، ومنذ ذاك الحين ظل حلم الكتالان يروح ويغدو، حتى جاء حكم الديكتاتور الإسبانى فرانكو فرانشيسكو القرن الماضى تاركا جراحا داخل الكتالونيين بسبب محاولته قمع هويتهم بالقوة ، وربما يظهر هذا الجرح من وقت لآخر من خلال التعصب الكروى كلما جرت مباراة كرة قدم بين نادى "برشلونة" (الذى ينتمى لإقليم كتالونيا) ونادى العاصمة الملكى ريال مدريد.
وما يجعل إسبانيا الأكثر هشاشة أمام الفكرة الانفصالية دون سائر الاتحاد، أنها تواجه المطالب ذاتها من إقليم ثان على أراضيها وهو "الباسك" الذى يقع فى شمالها ويمتد حتى جنوب غرب فرنسا ويبلغ عدد قاطنيه نحو ثلاثة ملايين نسمة، ويرى أبناؤه أن لديهم تاريخا يميز إقليمهم يمتد إلى القرن السادس عشر ، وكانت آخر محاولات الباسك لنيل الاستقلال فى العام 2005، عندما سعوا للحصول على تصريح من مدريد لإجراء استفتاء على الاستقلال، لكن طلبهم قوبل بالرفض. وتهدد الحكومة الإسبانية كل من يلجأ لتنظيم مثل هذه الاستفتاءات سواء فى كتالونيا أو الباسك بإلقائه فى السجن، لكنها تعجز عن مواجهة المظاهرات الشعبية الحاشدة المطالبة بالاستقلال والتى حفزتها أحداث اسكتلندا.
وقد سرت الشقوق فى التربة الأوروبية حتى إيطاليا، فطالب نواب حزب رابطة الشمال عن إقليم "فينيتو" رئيس الوزراء ماتيو رينزى بالإصغاء إلى مطالب "حق تقرير المصير فى الإقليم الواقع شمال البلاد"، واتهموا حكومة روما ب"الديكتاتورية"، بينما رحب نواب حزب رابطة الشمال الانفصالى - الذى يسعى لإعلان دولة "بادانيا" المستقلة فى شمال إيطاليا - بفكرة الاستفتاء فى حد ذاتها، مؤكدين أنها تدعم مباديء الديمقراطية.
ولا تكاد تكون هناك حدود جغرافية متفق عليها ل"بادانيا"، لكن حزب رابطة الشمال يرى أنها تضم 14 "ولاية" أبرزها : لومبارديا وفينيتو وبيمونته وتوسكانى ، وترتكز الفكرة على الفجوة الماثلة بين شمال إيطاليا الصناعى الغنى وجنوبه الذى يعانى تراجعا تنمويا ونشاطا للجريمة المنظمة. وكان المصطلح قد استخدم سياسيا للمرة الأولى فى العام 1975 عندما نادى جيدو فانتى القيادى بالحزب الشيوعى الإيطالى بإقامة وحدة تضم أقاليم الشمال ، و تمتاز بنسيج اجتماعى اقتصادى مميز عن الجنوب، ومنذ العام 1991 برزت مطالب حزب رابطة الشمال لانفصال أقاليم شمال إيطاليا "بادانيا" أو منحها حكما ذاتيا. وحتى ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الأول أوروبيا، تسود فيها مخاوف من نمو النزعة الانفصالية فى إقليم بافاريا جنوب البلاد الذى يمثل 20% من مساحة ألمانيا ، اذ يرى مواطنو بافاريا أنهم يملكون هويتهم المميزة، حتى أن بعضهم يعتبر نفسه "بافاريا" فى المقام الأول، وألمانيا فى المقام الثاني. ومما اسهم فى تأصل النزعة الانفصالية لبافاريا، عدم رضاء شعبها إبان القرون الوسطى عن الانضمام للإمبراطورية الألمانية البروتستانتية وتفضيهلم البقاء كإمارة مستقلة تعتنق الكاثوليكية.
ولا تكاد تخلو دولة أوروبية من أوضاع مشابهة، فهناك الفلاندر فى شمال بلجيكا، الذين يتحدثون اللغة الهولندية، وتتراوح مطالبهم ما بين الاستقلال أو الانضمام لهولندا، وهناك أيضا إقليم سافوى فى فرنسا ، ويكاد يكون القاسم المشترك فى كل هذه الأقاليم ذات النزعة الانفصالية هو تفوقها الاقتصادى على سائر مناطق دولهم ، ويؤكد المراقبون أن أزمة منطقة اليورو ، والكساد الذى انزلقت إليه العواصم الأوروبية قد أجج مطالب الانفصال فى المناطق الصناعية الغنية. فلا شك فى أن الحركات الانفصالية الحالية تذكر بتاريخ أوروبا القديم وما شهده من قيام واندثار ممالك بقوة السلاح بشكل متسارع ، وكأن "ذنب" ما يجرى فى الشرق الأوسط قد أصاب المستعمر الأوروبى القديم الذى قسم منطقتنا يوما ما إلى دويلات، وربما يريد هذه الأيام تقسيمها إلى فتات أصغر حجما!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.