أظهرت نتائج الاستفتاء التاريخي على استقلال أسكتلندا عن بريطانيا بعد وحدة قرابة 3 قرون، اليوم الجمعة، فوز رافضي الانفصال، ولكن على ما يبدو أن دعاة الانفصال في أسكتلندا الذين اعترفوا بالهزيمة ليسوا المجموعة الوحيدة في أوروبا. صحيفة "جلوبال بوست" الأمريكية أشارت إلى أن هناك ثماني جماعات انفصالية رئيسية في الوقت الراهن تسعى لاستلهام حلم الاستقلال الرومانسي، علاوة على العشرات من حركات الاستقلال الأخرى التي تنتظر منذ فترة طويلة، وتتطلع الآن لاستثمار زخم تجربة اسكتلندا بغض النظر عن فشلها، ما يهدد بتغيير معالم الخريطة الأوروبية. وفي هذا السياق، أعد "التحالف الأوروبي الحر"، الذي يتألف من 40 مجموعة برلمانية تضم أحزابا قومية وتقدمية، ومحلية، في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، خريطة لشكل أوروبا إذا أصبح أعضاء التحالف دولا مستقلة. ووفقا للصحيفة، فإن جميع المناطق التي تسعى إلى الاستقلال في أوروبا لم تنضم بالكامل إلى التحالف الأوروبي الحر، ما يعني أن تلك الخريطة بها بعض الأجزاء الناقصة، لكن كما تتوقع الصحيفة فربما تضطر المدارس حول العالم لشراء خرائط وكرات أرضية جديدة لفصول الجغرافيا، كما فعلت إبان استقلال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا. أما الحركات الانفصالية الثمانية الرئيسية فكانت كالتالي: 1- كتالونيا: يسعى إقليم كتالونيا الذي يقع في شمال شرق إسبانيا، ويضم كلا من مقاطعات "برشلونة"، و"جرندة"، و"لاردة"، و"تراجونة"، إلى تنظيم استفتاء حول الاستقلال عن إسبانيا في 9 نوفمبر المقبل، وتعتبر كتالونيا من المناطق الاقتصادية الإسبانية الأكثر ديناميكية. وكان حاكم الإقليم، أرتور ماس، قال في خطاب له، بمناسبة اليوم الوطني للإقليم في 11 الشهر الجاري، إن حكومته لن تتزحزح عن خطط إجراء الاستفتاء في الإقليم؛ الذي يسكنه 7.6 مليون نسمة. 2- فلاندرز: وفي بلجيكا المنقسمة بين ثلاث عرقيات: الفلاندر (يتحدثون الهولندية ويعيشون فى الشمال)، والوالس (يتكلمون الفرنسية ويتركزون جنوب البلاد)، والألمان ذوو الأكثرية في العاصمة بروكسل، نجح دعاة الاستقلال في ترسيخ أقدامهم في إقليم فلاندر كله محققين نتائج في الانتخابات الأخيرة في مايو الماضي تزيد عن نسبة 25%، حيث فاز حزب "التحالف الفلمنكي" الجديد وهو الطرف الذي يسعى لتفتيت البلاد وتشكيل جمهورية مستقلة في إقليم فلاندرز. 3- فينيتو وفي قلب إيطاليا تسعى البندقية ومنطقة فينيتو المحيطة، أحد أقاليم إيطاليا العشرين، شمالي شرق البلاد بدورها للانفصال، ووفقا لاستفتاء غير رسمي عقد في مارس الماضي أعلن منظمو التصويت أن 89% يؤيدون استقلال البندقية. ورغم أنه كانت هناك شكوك حول صحة الاستفتاء، لكن استطلاعات الرأي اللاحقة تظهر أن أغلبية سكان فينيتو، التي يقطنها 5 ملايين نسمة سيقولون وداعا لإيطاليا إذا ما أتيحت لهم الفرصة. 4- جرينلاند الواقع الاقتصادي القاسي الذي أبقي جرينلاند تحت الحكم الدنماركي ربما يكون على وشك التغيير، حيث تمثل المنح المقدمة من الدنمارك بقيمة 650 مليون دولار سنويا لتساهم في الحفاظ على ميزانية أكبر جزيرة في العالم واقفة على قدميه، حوالي نصف ميزانية حكومة جرينلاند. لكن الآن، ظاهرة الاحترار العالمي (ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية) جعلت الأمر أكثر سهولة للتنقيب عن الثروات المعدنية الخفية تحت جليد في القطب الشمالي، و في العام الماضي، انتخبت جرينلاند أول رئيسة وزراء امرأة في تاريخها هي أليكا هاموند، التي تدعم فتح الجزيرة للتعدين بحيث يمكنها الوقوف على قدميها اقتصاديا تمهيدا لانفصالها عان الدنمارك. وسيصبح الإقليم الذي يقطنه 57 ألف شخص حال استقلاله أحد أصغر البلدان في العالم من حيث عدد السكان، وسيأتي في الترتيب ال 12 بين أكبرها حجما، وتتمتع جرينلاند بالفعل بدرجة عالية من الحكم الذاتي، ولكن الدنمارك لا تزال تسيطر على حقائب الدفاع والسياسة الخارجية. 5- إقليم الباسك في عام 2011، أعلنت الجماعة الانفصالية العنيفة "إيتا" وقف إطلاق نار دائم لإنهاء صراعها مع السلطات الإسبانية الذي قتل خلاله أكثر من 1000 شخص. هذه المنطقة الجميلة التي تقع على حدود إسبانيا الشمالية الغربية مع فرنسا لا تزال تكافح مع إرث من سفك الدماء، يفسر بطريقة ما السبب في أن إقليم الباسك لا يسارع للحاق بمحاولات كاتالونيا لانفصال سريع عن مدريد. لا تزال، الملصقات التي تدعم الاستقلال منتشرة في أويارتزون وبلدات الباسك الأخرى، حيث يتفاوض الحزب القومي الباسكي، الذي يدير الحكومة الإقليمية، من أجل مزيد من صلاحيات الحكم الذاتي للمنطقة التي يقطنها أكثر من 2 مليون شخص، ولكن الكثير من مؤيديه لم يتخلوا عن حلم الاستقلال المنشود منذ فترة طويلة. ويبدو أن رئيس الوزراء الإقليمي أنيجو أوكوللو يعطي دعمه للاستفتاء على استقلال كاتالونيا ويرى في التصويت الذي جرى في اسكتلندا نموذجا لغيرها من المناطق الانفصالية. 6- بافاريا نسبة 2.1% التي فاز بها الحزب البافاري في انتخابات الولايات (الألمانية) العام الماضي التي تمثل أفضل نتيجة للانفصاليين خلال أكثر من 50 عاما، ربما تعد مؤشرا على أرض البحيرات والملابس التقليدية للنساء وقلاع الروايات الخيالية قد ضاقت ذرعا من البقاء تحت عباءة برلين. كما أن 12 ملايين بافاري أغلبهم من الكاثوليك يميلون إلى اعتبار أنفسهم بمثابة عرق منفصل عن البروتستانت الباردين في الشمال، حيث يتذكر الكثيرون بفخر الأيام الخوالي التي سبقت الهزيمة في حرب عام 1866 التي أسفرت عن دمج مملكة بافاريا في الإمبراطورية الألمانية (بروسيا) التي كان يهيمن عليها البروس، وتواجدت منذ عام 1701 حتى عام 1918. 7- ويلز يتطلع القوميون الويلزيون كانوا يتطلعون بشيء من الأمل وليس الحسد إلى استفتاء اسكتلندا، فبينما حشد "الحزب القومي الاسكتلندي" أغلبيته في البرلمان الاسكتلندي للدعوة إلى التصويت على الاستقلال، يسيطر حزب "ويلز" بالكاد على سدس النواب في الجمعية الوطنية (البرلمان) الويلزية. وأعرب زعيم الحزب الشجاع "ليان وود" عن أمله في أن تصويت اسكتلندا على الاستقلال سيحفز ويلز للتخلص من حكم لندن أو على الأقل التصويت لمنحها السلطة في عام 2016. وقال وود" الخميس الماضي إن "الجميع يراقبون اسكتلندا لأن شعبها انتخب حكومة.. وهذا جعل شعبها يمسك بزمام الأمور ويتحكم في مستقبله، وحتى تفعل ويلز المفاجأة ليس هناك زخم في لندن لإبداء أي اهتمام". ويستوطن أراض ويلز الجبلية الخضراء الجبلية إلى الغرب من أنجلترا 3 ملايين شخص، يتحدث 20% منهم اللغة الويلزية المميزة. 8- مقاطعة جنوب تيرول هي مقاطعة في شمال إيطالية متمتعة بالحكم الذاتي. عاصمتها مدينة بولسانو ولكنها ليست كسائر مدن إيطاليا، كما نعرفها. فالمقاهي تقدم فطائر لحم الخنزير وفطيرة التفاح، حيث يرتدي النوادل سروال "ليدر هوسين" الجلدية، وصوت الغناء البكائي يتردد أسفل الجبال. تم التنازل عن جنوب تيرول إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى، لكنه ما زالت تحتفظ بروح نمساوية واضحة. ويتحدث نحو 60 %من سكان المقاطعة البالغ عددهم نصف مليون شخص الألمانية التي تعد لغة رسمية إلى جانب الإيطالية، حيث يسود شعور بالاستياء إزاء حكم روما على نطاق واسع. وأظهر استطلاع للرأي أجري العام الماضي أن 46% سيدعمون الانفصال، فيما تزيد الأزمة الاقتصادية التي طال أمدها في إيطاليا أعداد المنضمين إلى صفوف المتذمرين في أغنى مقاطعات البلاد. واعتبر برنارد زيمرهوفر وهو برلماني إقليمي في حزب "الحرية" بجنوب تيرول الأربعاء، أن "الاستقلال اسكتلندا، وأيضا لجنوب تيرول، سيكون لصالح الشعب"، وقال إنه "ليس فقط ممكنا، بل أصبح ضروريا.