من قراءة أسطر تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى للأهرام بتنظيم ندوة عن مشاركة الشباب فى العملية السياسية، وتوضيح أن تلك المشاركة يجب لا تقف عند حدود التصويت الانتخابى فقط، و إنما الترشح كنواب عن الشعب. أقرأ فى هذه الندوة هدف «اكتشاف» وجوه جديدة من الشباب.. وجوه غير التى «استعمرت» عيوننا وعقولنا من خلال الفضائيات طوال السنوات الأربع الماضية، وعليه أتوقع أن يترشح عدد ليس بالقليل من الوجوه المتميزة فى تلك الندوة لعضوية البرلمان القادم، وكلهم فى سن الشباب والذين سينتخبونهم كلهم من الشباب بالتأكيد. لذا أثق أن المؤسسة الصحفية الكبرى ستنوع فى إختيارات الشباب من كل محافظات مصر وفى كل التخصصات العلمية، ولا تقصر ذلك الإختيار على محافظة القاهرة فقط، إذ إنها ستقدم شكلاً أولياً للبرلمان القادم.. برلمان أغلبيته من الشباب . إن تكليف القيادة السياسية للأهرام جاء من منطلق أنها مؤسسسة فكرية فى المقام الأول، ساهمت و أثرت فى الحياة السياسية المصرية زهاء القرن و نصف القرن من الزمان . كان دورها تنويرياً ليس للمجتمع المصرى فحسب، لكن للمجتمع العربى بصفة عامة. وهكذا تبدأ القيادة فى «إحتواء» شباب الوطن رويداً رويداً، وبخطة فكرية منهجية مدروسة من خلال مؤسسة الفكر الأولى فى مصر . إن مشاكل شباب مصر كثيرة ومتراكمة عبر عقود من الزمن.. مشاكل خلقت من أزمات مصر الإقتصادية والإجتماعية المتلاحقة والتى أحاطت بالمجتمع كله طوال تلك الفترة الطويلة.. مشاكل لخصتها «حجارة» المتظاهرين الشباب فى مظاهراتهم التى جرت فى مصر طوال السنوات الأربع الماضية، أرى كل حجر بمشكلة.. قد كان ذلك الحجر الذى يقذف به الشاب صوب قوات الشرطة لم يكن يوجهه صوب صديقه أو جاره جندى قوات حفظ الأمن.. إنما هو يوجهه الى رئيس القسم الظالم فى مكان العمل الذى يعمل به، إن كان يعمل، حرمه من الحافز و المكافأة التى يستحقها.. ويوجهه الى استاذ فى قاعة درس اضطهده فقلل من درجاته التى يستحقها مع ان تلك الدرجات هى حق اجاباته الصحيحة فى ورقة الامتحان.. كذلك يوجهه الى صاحب عمل يستنزف طاقته ويحمله بمجهود عمل فوق قدراته البدنية لأن صاحب العمل يدرك انه لو طرده خارج باب محله فلن يجد عملاً بديلاً فى محل آخر.. ويوجهه الى مسئول كبير فى نظام الدولة يتعجب من غضبة الشباب ويسفه ويقلل من ثورة غضبه على أوضاع حياته المعيشية ويدعو الشباب الحاصلين على مؤهلات الدراسة العليا للعمل كأفراد أمن يحرسون المنشآت والعمارات السكنية.. ويوجهه الى والد فتاة أحبها وأراد الارتباط بها فتقدم طالبا يدها من والدها فاذا به ينهره و يعنفه على ضيق ذات يده المغلولة.. ويوجهه أيضا إلى مسئول الاسكان الذى تقدم إليه بطلب حجز مسكن، فاذا به يخبره بضرورة الانتظار فى طابور المتقدمين الطويل جداً.. ويوجهه أيضا إلى الموظف الذى يطبق عليه قانون اشغال الطريق العام عندما ضبطه يبيع بعض المناديل ولعب الأطفال وضعها فوق قطعة خشبية على رصيف أحد شوارع وسط البلد، فى محاولة لكسب بعض الجنيهات بالطريق الحلال تساعده على المعيشة بشرف وأمانة، ولا طريق أمامه الا بدفع رشوة فى صورة زاكراميةس ليستعيد بضاعته المحتجزة، ليواصل العمل مرة ثانية على الرصيف.. ويوجهه إلى المدرس الخصوصى الذى لا يرحمه ويصر على قبض ثمن حصة الدرس قبل البدء فى شرح المنهج.. ويوجهه الى أصحاب السيارات الفارهة التى يتعدى ثمن الواحدة منها مئات الآلاف تجوب الشوارع بأصحابها تحيط به فى كل مكان بينما هو ينظر الى قائديها متعجباً من غرورهم بامكانيات تلك السيارات.. ذلك الغرور الذى قد يقتل عشرات من الواقفين منتظرى سيارة هيئة النقل العام على طريق المحور.. ويوجهه الى تجار الأوهام يخدعون الشباب بحلم السفر والهجرة خارج الوطن ليتم شحنهم فى مراكب متهالكة ليلقوا حتفهم فى عرض البحر بعيدا عن ارض الوطن الذى هجروه. أولئك وغيرهم هم الذين وقفوا بين الوطن وشبابه فجعلوه يعرض عنه ولا يفكر فيه وجعلوا أمل كل شاب أن يهجر الوطن ويهاجر بعيداً عنه ولا يعيش على أرضه.. شباب الوطن عنده مشكلة، علينا أن نتعرف عليها منهم وليس من أحد غيرهم، ثم ندرسها ونشخصها لنعرف أسبابها ونتعاون جميعاً لنضع الحل الأنسب لها حتى لا يضيعوا منا، فان ضاعوا منا فسيضيع مستقبل الوطن كله، ولن يرحمنا التاريخ عندئذ.. أرى تنظيم مؤسسة الأهرام العريقة لذلك المؤتمر فرصة جيدة جداً لفتح ملف الشباب، واكتشاف وجوه شابة جديدة لتقديمها للترشح فى انتخابات البرلمان القادم. لمزيد من مقالات مؤنس زهيرى