إذا قلت لقب الأستاذ فقط دون أن تذكر الاسم يعرف السامع فى الوسط الفنى أنك تقصد فؤاد المهندس أستاذ الكوميديا الراقية الذى تتلمذ على يديه عشرات النجوم اللامعين حيث كان يحرص دائما على أن يعطيهم مساحة كبيرة من الوجود إلى جواره ويشجعهم على الابتكار وتخليق الضحك من داخل الشخصية الدرامية التى يؤدونها. بدأ فؤاد المهندس مشواره الفنى قبل حتى مرحلة الدراسة الجامعية من خلال زياراته المتكررة لمسرح نجيب الريحانى حيث يقف فى الكواليس صامتا متأملا كل حركة وسكنة يؤديها أستاذه الريحانى ولاحظ النجم الكبير وجود ذلك الصبى الصغير دائما فى الكواليس فسأله : بتعمل إيه عندك ياولد فأجاب المهندس ببراءة باتفرج واتعلم ياأستاذ... وأعطاه ذات مرة ورقة من فئة الجنيه ليشترى له سجائر لعله يطمع فى الجنيه وينصرف فيتخلص من إزعاجه. ولكن عاشق المسرح عاد حاملا السجائر وبقية الجنيه لأستاذه مبديا سعادته بتقديم الخدمات لمن علمه وإندهش الريحانى أكثر عندما عرف أن هذا الصغير هو ابن عميد كلية دار العلوم ورئيس مجمع اللغة العربية وبالطبع والده يعارض ويقاوم اشتغال ابنه فى الفن ويدخل فؤاد المهندس كلية التجارة بجامعة فؤاد الأول حيث يتفوق فى العلم وفى النشاط المسرحى بنفس القدر وينجح فى اقناع أستاذه الريحانى بأن يخرج له عملا فى المسرح الجامعى وتكون نصيحة الريحانى مخرجا لتلميذه لا تقلد ولاتكن صورة من فنان آخر كن أنت نفسك وتحقق المسرحية نجاحا كبيرا على مستوى الجامعة وعندما يتخرج دارس التجارة وعاشق المسرح يقرر العمل بإدارة رعاية الشباب بالجامعة ليكون قريبا من مجال عشقه وبالفعل يخرج عددا من المسرحيات للطلبة ولكن الموهبة الكبيرة والطموح الفنى يتخطى أسوار الجامعة لينطلق فؤاد المهندس باحثا عن كيانات شابة جديدة تحتوى طاقته ويشارك فى تأسيس فرقة الكوميديا الجامعية عام 1954 ثم فرقة ساعة لقلبك عام 1955 ويخرج أول عروضها، ومنها ينتقل إلى مسرح التليفزيون الذى كان يعد تجربة شبابية جديدة فى ذلك الوقت يثبت من خلالها قدراته وتفوقه كممثل كوميدى من طراز رفيع ويتعرف على زملاء العمل عبدالمنعم مدبولى ورفيقة الكفاح والفن والحياة الجميلة شويكار ليعلن لها حبه داخل احدى المسرحيات ويطلب منها الزواج فى أثناء المشهد بينما الجمهور يظن أن هذا الحوار جزء من النص المكتوب أعمال كثيرة عظيمة قدمها المهندس على خشبة المسرح نذكر منها على سبيل المثال : السكرتير الفنى حالة حب أنا فين وانتى فين حواء الساعة 12 سيدتى الجميلة انا وهو وسموه سك على بناتك انها حقاعائلة محترمة هالة حبيبتى علشان خاطر عيونك روحية اتخطفت وكلها من كلاسيكيات المسرح الكوميدى الذى عشقه نجمنا الراحل وتمنى أن يموت على خشبته أو بين كواليسه مثلما حدث لأستاذه الريحانى لكنه للأسف مات بحسرته على حال المسرح المصرى الذى كان آخذا فى التراجع والتغريب تحت مسمى التجريب ولم يجد نصا واحدا يروق له أو يشجعه على الوقوف فى اللحظات الأخيرة على خشبة المسرح ورغم مرور ثمانى سنوات على رحيل الأستاذ إلا أننا لم نفطن إلى ضرورة الاستفادة من تجربته فى احترام التراث الفنى السابق والحرص على إعادة تقديمه بما يتناسب مع روح العصر والبحث عن النصوص الجيدة لأنها هى الأساس فى فن المسرح والفرحة بنجاح الشباب وتبنيهم بصدق ودعمهم بالخبرة والنصيحة لأنها سمات الأستاذية ولعل مهرجان المسرح الجامعى الذى يرفع شعار عودة الروح ويشرف عليه الفنان المبدع خالد جلال يهتم بعمل دورة خاصة من دورات المهرجان للمسرح الكوميدى تحمل اسم الأستاذ فؤاد المهندس.