يأتي اجتماع القمة الرئاسي حول التغيرات المناخية بنيويورك الذي يمثل مصر فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل مواز مع اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ظل خلافات دولية شديدة حول توزيع المسئوليات الدولية للتصدي لتغير المناخ والوصول إلى اتفاق جديد يحل محل بروتوكول «كيوتو» الشهير المتعلق بالاتفاقية الدولية لتغير المناخ. الذي فشل في تحقيق الهدف منه بعد أن انقسم العالم إلى معسكرين كبيرين، الأول هو معسكر الدول الصناعية المتقدمة المسئولة بشكل كبير عن زيادة غازات الاحتباس الحراري، والثاني هو معسكر الدول النامية والفقيرة الأقل إنتاجا للغازات والأكثر عرضة للتدهور البيئي المتوقع من جراء زيادة حرارة الأرض. ولتحقيق الهدف -الذي وضعته دول العالم منذ البداية، وهو عدم زيادة درجة حرارة الغلاف الجوي عن درجتين خاصة أنها زادت منذ الثورة الصناعية إلى نحو 7.4 درجات، وحتى لا يستمر ذوبان الكتل الجليدية الضخمة بالقطب الشمالي مسببا كوارث هائلة على السواحل المنخفضة والجزر الصغرى في العالم، ومنع هذه الزيادة يتأتى بخفض الانبعاثات المكافئة للكربون حتى لا تزيد عن 44 جيجا طن مقارنة بحجمها عام 2010، موزعا على كل دول العالم، وإذا لم يتخذ العالم التدابير اللازمة للحد من الانبعاثات فإنها ستصل إلى 59 جيجا طن بزيادة قدرها 15 جيجا طن لترفع درجة حرارة الأرض إلى مستويات قياسية. ويقول الدكتور خالد فهمي وزير البيئة -الذي يشارك في فاعليات اجتماعات نيويورك- إن الخلاف بين كتلتي الدول المتقدمة والدول النامية تصاعد في الاجتماعات الأخيرة على سبل مواجهة هذه الظاهرة وتوزيع المسئولية وبالتالي التمويل. وأضاف أنه في الاجتماع الذي عقد في دربان بجنوب أفريقيا عام 2012 حاول المجتمع الدولي الخروج من هذا المأزق، وتم الاتفاق على مد بروتوكول كيوتو حتى عام 2020. وحتى ذلك التاريخ لم يتفق العالم على اتفاقية جديدة تلغي بروتوكول كيوتو. وتابع أنه من المقرر أن تنتهي المفاوضات حول هذه الاتفاقية الجديدة في مؤتمر دولي يعقد في باريس، بحيث يسبقه جولات تفاوضية عدة منها اجتماع سيعقد هذا العام في ليما عاصمة بيرو. وحول مؤتمر قمة المناخ بنيويورك يقول وزير البيئة: يأتي هذا المؤتمر على هامش اجتماع الجمعية العمومية في إطار سعي الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون لدعم قضية المناخ، والمواءمة بين مواقف الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية قبيل المفاوضات الدولية المرتقبة لذا قام بدعوة رؤساء دول العالم للوصول إلى اتفاق سياسي يدعم المفاوضات الفنية التي ستجرى هذا العام، وتنتهي في العام المقبل.وقد وُوجه الأمين العام بسبب هذه الدعوة بنقد شديد باعتباره ينحاز إلى صف الدول الغنية لأنه يستبق بذلك المفاوضات الشرعية، ولكن دعوته لاقت ترحابا، واستجابة من 142 دولة وافقت على الحضور. وماذا عن شكل الخلاف الآن، واتجاهاته في ظل المتغيرات الجديدة؟ يقول د.خالد فهمي: ما زالت مجموعة الدول النامية وخصوصا العربية والأفريقية تستمسك بموقفها الثابت، وهو التزامها بإجراءات التخفيف من الانبعاثات والتكيف مع آثار تغير المناخ، فيما تلتزم الدول الكبرى الملوثة بخفض الانبعاثات وتمويل الدول النامية للقيام بالتزاماتها في تنفيذ برامج التكيف مع آثار تغير المناخ ونقل التكنولوجيا اللازمة، ولكن مجموعة الدول النامية لا تتحدث عن أي التزام مالي من جانبها لقاء ذلك، واجتماع نيويورك لن يتمخض عنه أي التزام عالمي جماعي ولكن المفاوضات الأكبر ستكون في كوريا الشهر المقبل وبيرو خلال هذا العام حيث ستجري المفاوضات عبر ثلاثة محاور هي مبادرة الكربون ومبادرة الزراعة الذكية ودعم الطاقة. وبخصوص مبادرة الكربون فقد رفضناها لأنها تقرر فرض ضرائب الكربون على الدول للتحكم في الانبعاثات، وعلى كل دولة أن تدبر التمويل اللازم لذلك، وبخصوص مبادرة الزراعة الذكية وهي تعني استخدام الطرق الحديثة لزيادة الإنتاج الزراعي، سنطالب بدعم التكنولوجيات اللازمة لذلك. والمحور الثالث أهم ما فيه ممر الطاقة من الشرق للغرب ويعتمد على تنمية مصادر الطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح. وفي النهاية -وسط هذا الزخم من الأفكار والمواقف. حول الوضع في مصر فيما يتعلق بمواجهة الظاهرة، وإجراءات تخفيض انبعاثات الكربون، والتكيف مع آثار تغير المناخ.. يقول وزير البيئة: مصر تنتج نحو 5. % فقط من غازات الكربون المكافيء المتسبب في زيادة الحرارة، وتوقعاتنا أن الحد الأقصى الذي يمكن أن نصل إليه لن يزيد عن 1 % من انبعاثات العالم، أي أن مصر ليست مؤثرة، ولكنها الأكثر تعرضا لتغير المناخ وآثاره الوخيمة، فارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي سيؤثر على ايرادات ماء النيل نتيجة لتحرك حزام المطر، كما سيعرض مصر لزيادة معدلات التصحر وتغيير التركيب المحصولي، وكذلك على وارداتنا الغذائية، فعلى سبيل المثال سيقل انتاجنا من القمح بنسبة 11%، والذرة بنسبة 19 % والشعير بنسبة 20%، والقطن سيزداد بنسبة 17%.ومن المتوقع أن تكون الظروف المناخية الجديدة موائمة لظهور أنواع جديدة من الحشرات والآفات، وأن يكون هناك آثار جانبية على قطاع السياحة كنتيجة للتأثير على الشعاب المرجانية والسواحل.. ولكن بشكل عام فإن مصر تعمل في تطبيق اجراءات التكيف وتطبيق النظم المتكاملة لتخفيف الاثار السلبية لتغير المناخ، وبدأت بقوة في تنفيذ المشروعات الكفيلة بخفض انبعاث الكربون، وعلى سبيل المثال مشروع توسيع قناة السويس سيكون له أثر إيجابي في خفض الكربون المنبعث من آلاف السفن اثناء انتظارها للعبور، وكذلك انشاء خطوط جديدة للمترو يقلل من انبعاثات السيارات من الكربون، ولو نجحنا في ادارة المخلفات قسيقل انبعاث غاز الميثان، وهو أحد غازات الاحتلاس الحراري بمقدار 25 مرة. وأهم القطاعات عندنا هي الطاقة ثم الصناعة والنقل والزراعة، في مجال الطاقة نعتمد على سياسات جديدة تفتح الباب للطاقة الجديدة والمتجددة لخفض انبعاثات الكربون، وحاليا نقوم بوضع خليط الطاقة المصري من مصادره المختلفة ( نووي أحفوري كهرومائي) ، وفي مجال الصناعة سنعمل من خلال آليات الإنتاج الأنظف على ترشيد استخدام الطاقة بنسبة 33%، وهو من أهم المحاور. مصر خفضت 33 مليون طن من انبعاثات الكربون
تعد مستويات انبعاث الكربون من الأنشطة المختلفة بمثابة حجر الزاوية في قضية ارتفاع الحرارة وتأثيره المباشر على التغيرات المناخية، وتعمل مصر من خلال مشروع الإبلاغ الوطني الثالث من إعداد تقريرها حول مستويات الكربون الحالية في مصر، متضمنا الجهود التي بذلتها مصر في هذا المجال، وفي مقدمتها خفض 33 مليون طن من انبعاثات الكربون، لمواجهة التغيرات المناخية. التقرير أثبت- كما يؤكد د. مجدي علام مدير المشروع- انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى نحو 144 مليون طن مقارنا ب 177 مليون طن في الفترة السابقة سنويا نتيجة لزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي بكثافة في قطاعات متعددة من بينها الاستخدام المنزلي وقطاع النقل وقطاع الصناعة، مما انعكس في صورة انخفاض انبعاثات الكربون بشكل ملحوظ. ويضيف إن قطاع الطاقة هو الأول في إنتاج الكربون حيث ينتج عن أنشطة توليد الطاقة نحو 45 مليون طن سنويا، بينما تبلغ انبعاثات قطاع الصناعة 39 مليون طن وقطاع الزراعة 31 مليون طن سنويا، ويبلغ حجم انباث الكربون ما نسبته 5.% من اجمالي انتاج العالم من الكربون، وهي نسبة بسيطة وغير مؤثرة على الإطلاق في ظاهرة الاحترار العالمي، وبالتالي فإن مصر من حقها أن تسرع بعجلة التنمية في جميع المجالات، ويجب ألا تتنازل عن حقها في الزيادة المسموح بها لانبعاثات الكربون حتى ثلاثة أمثال الوضع الحالي في حدود انبعاثات تبلغ 1.5% من انتاج العالم من غاز ثاني أكسيد الكربون وهو نحو 31 مليار طن سنويا، لأنه ما زال لديها مشروعات تنموية وتوسعات في استخدامات الطاقة.