فى كل مرة أسمع فيها عن إرهاب «داعش»، أتذكر على الفور، أن داعش صناعة أمريكية أوجدتها الولاياتالمتحدة لكى تنفذ أشياء، شأنها فى ذلك شأن القاعدة، التى أسستها أمريكا لطرد الجيش الأحمر من أفغانستان وعندما حققت ذلك انقلب السحر على الساحر، وأصبحت القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن من أعدى أعداء أمريكا.. على أية حال، داعش تسير فى نفس الخط.. ناهيك عن أنها صورة أخرى من القاعدة.. فأمريكا هى التى مولتها ماديا وقدمت لها منذ عام 2004 الدعم اللوجستي.. وتريد أن تحقق لها أمرين.. وقد حدث ذلك بالفعل، الأول هو أن ترتعد فرائص دول الخليج العربية فتتكالب الأخيرة على شراء الأسلحة من أمريكا.. فيرتفع الى أعلى الاقتصاد الأمريكى وينخفض الى أسفل سافلين الاقتصاد العربي.. ولا شيء يهم بعد ذلك.. الأمر الثانى أن تضرب أمريكا مواقع داعش ومراكز تدريبها فى سوريا.. أى أنها تضرب الشعب السورى وحكومته وتدعى أمريكا أنها أخطأت العنوان.. وما هى إلا نيران صديقة!! هذا ما ضمنته أمريكا.. وضمنت أيضا أن الدول المجاورة قد وافقت على ضرب داعش!! أقول الحق، لقد زاد احترامى لقيادة مصر عندما رفضت الإغراءات الأمريكية ولم تقبل الانضمام إلى ما يسمى ب«التحالف الدولي».. ولم تطرب لكلمات كيرى المعسولة.. وإصرار القيادة المصرية على أنها ضد الإرهاب (كله) وليست ضد تنظيم بعينه! ثم.. عندما كانت تواجه مصر إرهاب الإخوان، الذين حرقوا 60 كنيسة وأكثر من 50 مسجدا.. السؤال الآن: أين كان كيرى ولماذا لم نسمع له صوتا.. وأين كانت أمريكا.. بل أوروبا كلها.. العجيب والغريب أن مصر فوجئت أن أمريكا منعت المعونة الأمريكية وكذلك أوروبا منعت المساعدات الأوروبية، برغم أن بها قطع غيار لمكافحة الإرهاب!! لقد سعدت بقرار الحكومة المصرية، الذى يقضى بعدم المشاركة فى هذا التحالف المشبوه.. وأثلج صدرى أن بعض السياسيين المصريين اعتبر زيارة كيرى ودعوته بانضمام مصر زيارة غير مرغوب فيها.. الحق أن أمريكا لاتزال تماطل ولم تيأس.. لأنها فى الواقع العملى لا تحارب الإرهاب فى عمومه.. وإلا لماذا غابت عن حرب الإخوان الإرهابيين ضد منشآت الشعب المصري.. اللهم إلا اذا كانت تؤيد هذا الإرهاب الأسود! باختصار أمريكا تصك المصطلح ليخدم مصالحها فقط، وتنتظر منا أن نروج هذا المفهوم.. ونردده.. بل وننفذه.. لكن هيهات! .. ضمن هذا الإطار تتحدث الأوساط الأمريكية عن مصطلح آخر هو الجماعات المعارضة المعتدلة فى سوريا.. وهذا لعمري.. مفهوم مغلوط.. لأن المعارضة هى المعارضة فى كل زمان ومكان.. ثم من يملك سلطة تحديد أن هذا الشخص معارض معتدل.. والآخر معارض غير معتدل..! فى عقيدتى أن أمريكا تعطى نفسها حقا ليس من حقوقها.. وهى ترى نفسها الآمرة.. الحاكمة فى هذا العالم.. وهذا غير صحيح على كل حال.. المثال الثالث هو استحداث مصطلح: العقاب غير المفرط!.. المشكلة أننا ظللنا نروجه فترة فى أزمان سابقة ونسينا نسأل أنفسنا: هل هناك عقاب مفرط.. وعقاب غير مفرط! الحقيقة أنه عقاب فى كل الأحوال.. وهو مرفوض شكلا وموضوعا.. لكن ما الحيلة وأمريكا تتصرف وكأنها مالكة العالم ومحتكرة للقرار الدولى العالمي.. الحق أن أمريكا تحارب المنطقة العربية بالمصطلحات.. فنرى أنها فقط تقوم بإطلاق المصطلح.. ثم نتكفل نحن بترديده.. وتلك هى المحنة الكبري.. فأمريكا من هذا المنظور أعطت نفسها الحق فى أن تقول عن هذا التنظيم أى تنظيم إنه إرهابي.. وترى أن التنظيم الآخر ليس إرهابيا.. ثم تقول إن هذا النظام ديمقراطى والثانى ليس ديمقراطيا.. وهكذا.. كما وظفت الجمعيات الحقوقية لتنفيذ سياستها الخارجية المغرضة بصرف النظر عن مبادئ حقوق الإنسان والأخطار الإنسانية الكبري.. والحق يقال إن هذا العيب موجود فى كل السياسات.. ومن يكن فى شك مما نقول فليقرأ كتاب «الأمير» لميكافيللي، الذى يرى أن الغاية تبرر الوسيلة. باختصار أدعو الجميع ألا يرددوا مصطلحات أمريكا، وليعلم أنها لا تصك هذا المصطلح أو ذاك خدمة لسواد عيون الإنسان والبشر أينما كانوا.. وانما من أجل سواد عيون مصالحها فقط لا غير..! وحسنا صنع الرئيس السيسى عندما رفض الانضمام الى التحالف الدولي، و أكد أن مصر حكومة وشعبا ضد الإرهاب، كل الإرهاب وليس ضد تنظيم ما. الثقافة والقوة الناعمة المصرية.. لقد عادت مصر الى دور الريادة، الذى ظل شاغرا طوال فترة غيابها.. وما أعلنه هناك صحف ثقافية.. وأن معرضا للكتاب سوف يكون فى إندونيسيا قريبا.. وأن الهيئة العامة للكتاب سوف تصل بمنافذها الى هناك.. وأن جاكرتا ستكون ضيفا قريبا فى معرض الكتب المصرى وأن تنسيقا بين إدارة النشر بالهيئة والأزهر الشريف وسفير إندونيسيا يتم الاعداد له من الآن. لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي