قبل أسبوعين وتحت عنوان " بلاغ لوزير الثقافة" عرضت للأزمة المالية التي كادت تعصف بنادي القصة، وناشدت السيد وزير الثقافة د. جابر عصفور التدخل السريع لانقاذ أقدم محفل للسرد القصصي في العالم العربي. وعقب نشر المقال أبلغني رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، المهندس محمد أبو سعده، أن السيد الوزير أصدر تعليمات فورية لمعاونيه في قطاعات صندوق التنمية الثقافية وهيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب بالعمل علي حل مشكلات النادي. وعقب ذلك اجتمع وزير الثقافة بأعضاء مجلس إدارة نادي القصة ومعاونيه وتمت الموافقة علي إعادة صرف الدعم المخصص من صندوق التنمية للنادي واستمرار صدور مجلة القصة والكتاب الفضي بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة و الهيئة العامة للكتاب.. واليوم إذ أتوجه بالشكر للسيد وزير الثقافة د.جابر عصفور لاستجابته السريعة ومجمل قراراته كي يتجاوز نادي القصة أزمته و يتحول لقوة ضاربة في معسكر مواجهة الفكر الظلامي( وهو الأمر المُتوقع من مفكر بقامة وقيمة د. جابر عصفور)، أتحين الفرصة لتناول بعض مما شغل الساحة الثقافية عقب صدور قرارات سيادته بشأن المجلس الأعلى للثقافة وإسناد مهام للبعض واستبعاد البعض الآخر، أظنه يؤثر سلبا علي المنظومة الثقافية ككل .. ولعل ما أثار دهشتي في سياق جدل شغل ساحة ثقافية مأزومة بإشكاليات ثقافية حقيقية تعوق بناء منظومة قادرة علي مواجهة التخلف وتغيير الواقع الثقافي والاجتماعي، شخصنه المشكلة وتجاهل حقائق من قبيل تضارب اختصاصات المؤسسات الثقافية وضعف تمويل أنشطتها وتراجع المنتج الثقافي الرفيع المستوي لمصلحة ثقافة استهلاكية والعجز عن التوظيف الأمثل للعاملين في منظومة صناعة الثقافة وقواعد اختيار القيادات وقضايا حرية التعبير !!. ففي ظل تجاهل شبه تام لمناقشة رؤى وأهداف منظومة الثقافة المصرية الطويلة والقصيرة المدى وتغييب مناقشة لخطط عملها، بدا الأمر وكأن مشاكل الثقافة المصرية تم اختزالها في استبدال س ب «ص» من البشر، أو أننا نتعامل مع أزمات تهدد المجتمع المصري، كثير من حلولها يكمن في أوراق الملفات الثقافية ،بمنطق اسكتش الكرة لثلاثي أضواء المسرح( شالوا ألضو..حطوا شاهين..!!).. ورغم أن أسباب استبعاد السيد "ألضو" ومسوغات تعيين السيد "شاهين "غير واضحة وتستوجب توضيح أسباب الاختيار والإزاحة كي لا يقول السيد ألضو" مانتوش لاعبين !!" ونهدر الوقت في معارك جانبية لا طائل منها، إلا أنني أظن من واقع خبرتي المهنية في الشأن الثقافي منذ ثمانينيات القرن الماضي أن أسباب الداء والدواء- بداية من تضارب اختصاصات قطاعات وزارة الثقافة ومشكلات العاملين بها وصولا لأزمة نادي القصة- كامنة في غياب وضوح الهدف و الخطط العملية القابلة للتحقق علي ارض الواقع . وفي تقديري( والله أعلم) ان الأفكار الهلامية والتراخي عن وضع خطط تلملم الجزئيات المتناثرة هنا وهناك وتتعامل مع مشكلات واقع ،كان وسيظل العائق الحقيقي الذي لم ولن يعرقل فقط بناء منظومة ثقافية تتفاعل مع الواقع و تستشرف المستقبل ،بل أيضا يعوق حل إشكاليات وزارة ،رغم أهميتها باتت مثقلة بأعباء تكاد تشل حركتها!! وأظن أن مشكلات الجمعيات الأدبية والمآسي التي تعرضت لها أثارنا الإسلامية نتيجة لتضارب مسئولية الإشراف عليها بين وزارتي الثقافة والأوقاف تمثلان نموذجا لتداعيات عدم وضوح الأهداف وأساليب التنفيذ واطر العلاقة بين المؤسسات الرسمية والأهلية ..فنتيجة لتبعية الجمعيات الأدبية ونوادي الفنون ماليا لوزارة التضامن الاجتماعي وهلامية مسئولية الإدارة العامة للثقافة العامة بوزارة الثقافة، المنوط بها متابعة الأنشطة الثقافية الأهلية، شهدت السنوات الماضية تراجعا في أداء الجمعيات والمنتديات الأدبية والفنية، تراوحت تداعياته ما بين توقف واختفاء البعض أو العجز عن الإشهارأو تحول البعض منها في المحافظات لمجرد جمعيات للحج و لإيفاد المعتمرين !!. ولأن اللحظة لا تحتمل رفاهية ترحيل المشكلات لوقت لاحق وتجاهل أسبابها أو تأجيل حلها ، و لان المناصب التي تبوأها د. جابر عصفور في قطاعات وزارة الثقافة المختلفة أتاحت له فرصة التعرف عن قرب علي سلبيات وايجابيات أجهزة وزارة الثقافة أتوجه برسالتي الثانية إليه و لكل المعنيين بالشأن الثقافي .. أخاطب عقل المفكر الذي بات مسئولا عن وضع و تنفيذ السياسة الثقافية المصرية الآن واستعادة المواطن المصري هويته الثقافية، وأناشد المعنيين بالشأن الثقافي ومؤسساتها الرسمية أوالمستقلة، بضرورة تحديد الأهداف ووضع الخطط العملية لحل كل إشكالية علي حدي بغض النظر عن السيد "ألضو" والسيد "شاهين" ..فبدون ذلك سنظل وستظل الثقافة سجينة المربع صفر.. http://[email protected] لمزيد من مقالات سناء صليحة