أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار، مفتى الجمهورية، أن الأدعياء والدخلاء على ساحة الدعوة يحاولون استقطاب الشباب إلى براثن التطرف والإرهاب، وأنهم لن ينجحوا فى مخططهم. وقال إن الدار تسعى من خلال عدة مبادرات لحماية الشباب من الوقوع فى براثن هذا الفكر كما أنها تقوم بإعداد الدورات فى العلوم الشرعية لتوعية الشباب، ونشر الفكر الوسطى وإصدار مجموعة من الكتيبات حول أهم الشبهات المثارة على الساحة والرد عليها. وأوضح فى حوار ل« الأهرام« إن دار الإفتاء تبنت حملة فى كافة وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وأنشأت مرصدا يتابع كل الفتاوى الشاذة على مدار 24 ساعة للرد على المتطرفين الذين يحاولون نشر الفساد من خلال فتأوى الحض على القتل والطعن فى ثوابت الدين. وكشف عن أن وسائل الإعلام فى أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا هى الأكثر عداء للإسلام مقارنة بدول العالم الأخري، وانه على الرغم من وجود حوالى 50 مليون مسلم فى أوروبا بكاملها، إلا أن العداء فى أوروبا لا يزال مستمرًّا ... والى نص الحوار .. لماذا ازدادت وتيرة الفتاوى الشاذة فى مصر والعالم العربى رغم وجود مؤسسات دعوية وشرعية كثيرة الآن؟ هذا أمر طبيعى نظرًا للأحداث التى يمر بها العالم العربى بوجه عام وتمر مصر به بوجه خاص، وهذا يرجع أيضًا إلى وجود جماعات متطرفة تتبنى فكرًا شاذًّا يساهم فى الإساءة للدين وللأوطان، ونحن نحاول التصدى لمثل هذه الأفكار من خلال طريقتين: الأولى وهى الإسهام الفاعل فى بث مزيد من الوعى العام لدى جماهير الأمة بهذه القضية، والعمل على إرساء ما أسماه بعض علمائنا ب«ثقافة الاستفتاء«، لأن هذا بمثابة التحصين من الوقوع فى هذا الإشكال، والطريقة الثانية تتمثل فى العمل الدءوب على تصحيح المفاهيم الفاسدة التى تخلفها تلك الفتاوى الشاذة والغريبة على مجتمعاتنا وعلى روح الإسلام الوسطى الذى اتخذه الأزهر منهاجا له. ما هى خطة الدار لدمج الشباب وتثقيفهم وحمايتهم من التطرف؟ الدار تسعى من خلال عدة مبادرات لحماية الشباب من الوقوع فى براثن التطرف والإرهاب، كما أنها تقوم بإعداد الدورات فى العلوم الشرعية لتوعية الشباب، وتنشر الفكر الوسطى من خلال علمائها عبر الفضائيات المختلفة، وتسعى لإصدار مجموعة من الكتيبات حول أهم الشبهات المثارة على الساحة والرد عليها، لأنها فى يقينها أن الشباب هم عماد الأمة ويجب الحفاظ عليهم من مغبة الوقوع إلى التطرف والإرهاب.ومهمة الدار الأساسية هى بيان الحكم الشرعى للمسلمين فى كل ما يشغلهم فى أمور دنياهم ودينهم، وهذا هو صميم عملنا، فالدار من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة تحصل على الكثير من هذه الفتاوى والآراء نتيجة الرصد اليومى وعلى مدار الساعة من قبل الباحثين والمتخصصين فى هذا المرصد، ومن ثم تقوم بالرد والتفاعل مع الأحداث ونشرها فى الإعلام لإعطاء الصورة الصحيحة، ومنع حدوث البلبلة والوقيعة بين الناس فى ظل ما تشهد البلاد من ظروف فى وقتنا الحالي. نرى سفريات كثيرة لك خارج البلاد للتعريف بالإسلام، لكن محافظات الصعيد وحلايب وسيناء ومرسى مطروح تفتقد مثل تلك السفريات التى يسيطر عليها بعض المتشددين؟ لا حظنا هجومًا شديدًا فى الغرب على الإسلام ومحاولة تصويره على أنه دين يحض على العنف وسفك الدماء، فأردنا أن نقوم بدورنا للذود عن الدين، كما أنه يوجد هناك أيضًا أقليات إسلامية فى الغرب لها قضاياها الدينية التى تريد إجابة عنها، وهذا من واقع دورنا أيضًا، والدار تقوم بدورها فى الداخل حتى فى المحافظات من خلال أفرعها المختلفة ومن خلال علمائها، هى منظومة يكمل بعضها بعضًا، الغاية واحدة لكن الوسائل متعددة. بعد عودتك من الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة أصدرت بيانًا تطالب فيه بضرورة تغيير صورة الإسلام عند الغرب، ما أكثر الدول التى نحن بحاجة للتركيز عليها لتصحيح صورة الإسلام بها؟ أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا هى من أهم المناطق التى يجب التركيز عليها نظرًا لعدائها الشديد مع الإسلام وكثرة حملات التشويه بها، على الرغم من وجود حوالى 50 مليون مسلم فى أوروبا بكاملها، إلا أن العداء التاريخى للاسلام فى أوروبا لا يزال مستمرًّا بسبب الصورة الذهنية الخاطئة المترسبة لدى الأوروبيين، وهذا ما اتضح فى العداء الشديد الذى وصل إلى حالات القمع والإبادة كما حدث فى البوسنة والهرسك، ولقد عانى أبناء الدول الأوروبية الأصليون الذين دخلوا الإسلام لكنهم حافظوا على دينهم رغم ما لاقوه من أذى ومحاولات محو هويتهم الإسلامية مثل الألبان والبوسنيين، والكوسوفيين المقدونيين، والمسلمين فى بلغاريا، أضف إليهم المسلمين الجدد، من أمثال المفكر الفرنسى رجاء جارودي، والمفكر الإسلامى الألمانى مراد هوفمان، وغيرهما ممن اعتنقوا الإسلام. وفى إيطاليا تأبى الحكومة الإيطالية الاعتراف بالإسلام كدين رسمى مما أحدث ازدواجية ثقافية وصراع لدى ناشئة المسلمين وعدم قدرة على الاندماج فى المجتمع الإيطالي، وفى ألمانيا لا يزال الألمان ينظرون إلى المسلمين على أنهم أجانب وخطر على المجتمع، وفى فرنسا يوجد ارتباك ملحوظ فى سياسية الدولة الفرنسية تجاه المسلمين بالنسبة لقضية الاندماج. هناك نقطة أخيرة وهى من أهم التحديات الفكرية التى تواجه المسلمين بالخارج وهى وجود فجوة فكرية فى التاريخ الإسلامى هناك ومصدر هذه الفجوة أن العلماء والفقهاء ظلُّوا على امتداد التاريخ الإسلامى يفكرون فى الجاليات غير الإسلامية التى تعيش فى ديار المسلمين، وقد وضعوا لهؤلاء كتبًا وفقهًا تغنى هذا الجانب، ولكن هؤلاء العلماء لم يفكروا فى وضع الجاليات الإسلامية التى تعيش فى الغرب، فالحاجة متنامية بصورة كبيرة لوجود فقه للأقليات الإسلامية فى الغرب، يدرس أحوال المهاجرين، ويحصر أمرها لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسِّر وتسهِّل حياتهم فى الخارج. توسع تنظيم »داعش« فى القتل فى العراق وبلاد الشام وتهجير غير المسلمين، ما مدى خطورة مثل هذه الحركة على العالم الإسلامي؟ وما هى خطتكم لمواجهته؟ ما تفعله داعش يشوه صوره الإسلام والمسلمين، ونحن حاليًا نقوم بتهميش الخطاب المتطرف وإتاحة الفرصة للعلماء لإظهار سماحة الإسلام، وإزالة الآثار السيئة التى أحدثتها مثل هذه الجماعات وألصقتها بالإسلام، لأن مواجهة فوضى الفتاوى تحتاج إلى جهد كبير من المؤسسات الدينية، ونحن لدينا ملف بالدار للتصدى لمثل هذه الفتاوى وعلاجها يكون ذلك من خلال نشر التوعية ليس فى مصر فقط ولكن بالعالم كله، وهذه التوعية بالإسلام الصحيح تكون بعدة لغات، وإفريقيا سيكون لها أولوية خاصة لدينا. هل التغيرات السياسية أثرت بشكل أو بآخر على صورة الإسلام بالغرب؟ بالفعل فالأحداث السياسية يكون لها مردود على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والدينية إيجابًا وسلبًا، ففى بعض الأحيان يكون الخطاب السياسى العربى والإسلامى الموجه للغرب يحمل التعصب والانتقاد الشديد والهجوم القوى مما يكون له ردة فعل عنيفة من قبل الآخر والذى ينسحب بدوره على الحياة الاجتماعية ويصب فى مصلحة التعصب الديني، وتعثر عملية الاندماج المجتمعى التى يترتب عليها الكثير من المشكلات.