هل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات علي مراحل؛ لتتم النفرة في سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: أجمع العلماء علي أن ما بعد الزوال وقتٌ صحيحٌ للوقوف بعرفة، وأن وقت الوقوف ينتهي بطلوع فجر يوم النحر، وأن مَن جمع في وقوفه بعرفة بين الليل والنهار من بعد الزوال، فوقوفه تام ولا شيء عليه. واختلفوا في مسألتين: الأولي: حكم الوقوف بعرفة والدفع منها قبل الزوال، هل يجزئ عن الوقوف بعد الزوال؟ فالجمهور علي أن ذلك لا يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فعليه أن يرجع فيقف بعرفة بعد الزوال، أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر، وإلا فقد فاته الحج. والحنابلة في المذهب عندهم يرون أن ذلك يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فحجه صحيح. والمسألة الثانية: هل يجزئ الوقوف بعرفة مع الدفع منها قبل غروب الشمس؟ فالحنفية ومَن وافقهم يوجبون الوقوف بعرفة حتي غروب الشمس، والأصح عند الشافعية ومَن وافقهم أن ذلك مستحب وليس واجبًا، فيجوز عندهم للحاج الذي وقف قبل الزوال أن يُفيض مِن عرفة قبل المغرب. وأصحاب القول الثاني في كلا المسألتين يستدلون بحديث عروة بن المضَرِّس -رضي الله عنه- قال: زأَتَيتُ رسولَ اللهِ بالمُزدَلِفةِ حينَ خَرَجَ إلي الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جِئتُ مِن جَبَلَي طَيِّئٍ؛ أَكلَلتُ راحِلَتِي وأَتعَبتُ نَفسِي، واللهِ ما تَرَكتُ مِن جبلٍ إلا وَقَفتُ عليه، فهل لي مِن حَجٍّ فقالَ رسولُ اللهِ: مَن شَهِدَ صَلاتَنا هذه ووَقَفَ معنا حتي نَدفَعَ -وقد وَقَفَ بعَرَفةَ قبلَ ذلكَ لَيلا أو نَهارًا- فقد أَتَمَّ حَجَّه وقَضي تَفَثَهس. قال أبو البركات ابن تيمية الحنبلي في زمنتقي الأخبارس بعد ذكره لهذا الحديث: زوهو حجة في أن نهار عرفة كله وقت للوقوفس. وعلي ذلك فيمكن للجهات المسؤولة أن تنظم النَّفرة والإفاضة من عرفات بما يتلاءم مع أعداد الحجيج ويمنع تكدُّسهم. ويجوز لهم أن يجعلوا النفرة من عرفات علي مرتين أو أكثر، حسبما تقتضيه المصلحة العامة للحجيج. هل يجوز للمعتمر والحاج بعد انتهاء المناسك أن يحلقا لأنفسهما أو لغيرهما من المعتمرين والحجيج؟ لا يوجد ما يمنع من قيام المعتمر بعد انتهاء سعيه والحاج بعد دفعه من مزدلفة إلي مني-أن يقوم كل منهما بالحلق أو التقصير لأنفسهما أو لغيرهما ممن هو مثلهما، لعدم وجود نص يمنع من ذلك. هل السترة التي يلبسها المُحرِم في حجه وعمرته -والتي تكون قطعة من قماش يتم عمل كِنار لها ويتم إدخال مطاط لها -أستك- في هذا الكنار وتلبس أسفل الإزار- مشروعة؛ حيث إننا نقوم بتصنيعها وتوريدها للمحال التجارية، ورأيكم سيكون فيصلا في الاستمرار في هذا النشاط من عدمه؟ الممنوع علي المُحرِم هو لبس المخِيط المُحيط؛ لما روي ابنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أنَّ رَجُلا قال: يا رسول اللهِ، ما يَلبَسُ المُحرِمُ مِن الثِّيابِ؟ فقال النبيُّ: »لا يَلبَسُ المُحرِمُ القَمِيصَ ولا السَّراوِيلَ ولا البُرنُسَ ولا الخُفَّينِ، إلَّا أن لا يَجِدَ النَّعلَينِ فَليَلبَس ما هو أَسفَلُ مِن الكَعبَينِ«. فأخذ العلماء من ذلك وغيره من الأحاديث أن الرجل إذا أحرم يمتنع عليه لُبسُ المخِيط المحيط، والمقصود بذلك: أن يكون الملبوس مُحِيطًا مُفَصَّلا علي العُضو، كالمذكور في الحديث: من السراويل والقميص والخفين والبرنس، وما لم يكن كذلك فلا بأس بلُبس المحرِم له، كالساعة والنظارة والرداء والإزار مما يُلَفُّ علي الجسم ولا يُفَصِّل العُضو.وعليه فنفيد بأن »السترة« المسئول عنها بهذا الوصف الوارد في السؤال جائز لُبسُها مِن قِبَل المُحرِم: حاجًّا كان أو معتمرًا، ويجوز التعامل فيها صناعيا وتجاريا.