فى عام 2008 كنت أعمل استشارى عيون فى مستشفى رمد طنطا وتم تكليفى مع بعض الزملاء باستلام أجهزة وآلات العيون الخاصة بمستشفى زفتى التخصصى، وأيضا تكليف أطباء فى تخصصات أخرى، باستلام الأجهزة المتعلقة بتخصصاتهم «أنف وأذن وحنجرة وتحاليل طبية وأسنان»، وذلك تمهيدا لافتتاح المستشفى، وانبهرنا بما شاهدناه، حيث أقيم المستشفى على أحدث طراز وأجمل صورة. وفوجئنا بآلات وأجهزة متطورة ذات تقنية مرتفعة تواكب العصر على عكس ما كانت عليه حال المستشفيات الحكومية وقتها، وتسلمنا الأجهزة بجهد الجميع، وتم افتتاح المستشفى وتوقعنا أن ترتفع جودة الخدمات التى يقدمها للمرضى، فالمبنى ممتاز ومزود بالمصاعد والأثاث الفخم وأطقم الأطباء والتمريض والموظفين ولكن للأسف ظل أداؤه ضعيفا ومرتبكا مع أن الدولة تكلفت ستة ملايين جنيه بأسعار ذلك الوقت ثمنا للأجهزة إلى جانب مبلغ ضخم لبناء هذا الصرح الطبى الكبير. ومرت الأيام ولم يستخدم أى من هذه الأجهزة بدعوى وجود نزاع قضائى بين شركة آدم للمقاولات ووزارة الصحة واعتقد المسئولون فى الوزارة أن هذا تبرير كاف لاستمرار تدنى الخدمة التى يقدمها المستشفى للمرضى!ولم توجعهم ضمائرهم من صرخات المرضى الذين لا يجدون العلاج اللازم لحالاتهم فى الوقت الذى تقبع فيه الأجهزة بالمخازن فى انتظار حسم النزاع. لقد كان من بين ما تسلمناه من أجهزة، كاميرا تصوير قاع عين، وجهاز طبوغرافيا القرنية ووحدة ليزر، وجهاز قياس النظر، وغيرها الكثير من الآلات الجراحية وقد تركوها للإهمال ويكاد عمرها الافتراضى أن ينتهى بدون استخدام والنتيجة أنه سيتم تكهينها فماذا يجدى النزاع القضائى إذن، ولماذا لم يتم محاسبة الشركة المسئولة حتى الآن؟.. وأين وزراء الصحة المتعاقبون على الوزارة مما يحدث بالنسبة للأجهزة المركونة فى المخازن؟! ولقد تم تعيينى مديرا لمستشفى رمد طنطا عام 2011. ووجدته يفتقر إلى الكثير من الأجهزة وما هو موجود منها لا يعمل بالكفاءة المطلوبة وعندما أردت تدعيم المستشفى ببعض الأجهزة غير الموجودة فيه اصطدمت بعقبة عدم توافر الموارد المالية سواء فى مديرية الشئون الصحية بالغربية أو إدارة طب العيون بوزارة الصحة، ففكرت فى الأجهزة الموجودة بمستشفى زفتى والتى لا يتم استخدامها، وذهبت مع الدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة بالغربية وحاولنا أن نأخذ عدة أجهزة لرمد طنطا ولكن حال دون ذلك اعتراض أطباء مستشفى زفتى الشديد بحجة »النزاع القضائى«مع شركة آدم للمقاولات وظلت الأجهزة حبيسة المستشفى يعلوها التراب . وهنا لجأت إلى بريد الأهرام الذى قاد حملة ناجحة أسفرت عن دعم مستشفى رمد طنطا بأحهزة عديدة بتبرعات أهل الخير وتحسنت حال مستشفى رمد طنطا وأصبح فى وضع ممتاز فى حين مازال مستشفى رمد زفتى العامر بالإمكانيات يعانى الإهمال الشديد. والحقيقة أن الدكتور محمد شرشر قد ساعدنا فى نقل بعض أجهزة العيون من مستشفى كفرالزيات لجراحات اليوم الواحد والذى تم الغاؤه، وإضافته إلى مستشفى كفرالزيات العام، إلى رمد طنطا بعد أن ظلت أجهزته مركونة فى المخازن لعدة سنوات! ولكن ما هو الحل؟ ..إنه ليس بالطبع تشكيل لجنة وتكليف إدارات لحل مشكلات مستشفى زفتى التخصصى المتراكمة، فمع الوقت تلقى كل إدارة بالمسئولية على الإدارات الأخرى وكل مسئول على من سبقوه و المحصلة هى ضياع حقوق المرضى فى خدمة صحية متميزة. والحل هو أن يزور صاحب قرار وسلطة بوزارة الصحة المستشفى ويدرس وضعه بدقة، ويأمر بإزالة معوقات تشغيل الأجهزة فى الحال، وتدريب الكوادر الطبية وإصلاح ما عطب منها، واستبداله فى التو واللحظة، ثم متابعة أحوال المستشفى متابعة دقيقة لضمان حسن سير العمل به.. وهذا الحل لا يستغرق أكثر من شهر، وليس تشغيل مستشفى زفتى أصعب من مشروع قناة السويس الجديد الذى سيتم افتتاحه بعد عام واحد من بدء العمل فيه، فى حين إن تشغيل وزارة الصحة لمستشفى صغير لم يتم بعد برغم مرور ست سنوات على إتمام البناء والتطوير! د. عيسى حميم أبواليزيد مدير مستشفى رمد طنطا السابق محرر بريد الأهرام:أرجو من الدكتور عادل عدوى وزير الصحة أن يبحث وضع هذا المستشفى بعد أن تأكد بنفسه أن الأجهزة موجودة فى المخازن ولكن يعطلها النزاع القضائى مع شركة آدم للمقاولات. ويتم تشكيل لجنة عاجلة تعرض ما تنتهى اليه على المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لإنهاء هذا الأمر، وبحث مشكلة الأجهزة الموجودة فى المخازن على مستوى الجمهورية فليس معقولا ألا يجد المواطن البسيط علاجا فى مستشفيات الحكومة فى الوقت الذى توجد فيه أجهزة بملايين الجنيهات قابعة فى المخازن وقد علاها الصدأ وأكلها الإهمال!