مشروع قناة السويس لفت الأنظار الى المنطقة المحيطة به والمليئة بالآثارالتى تحكى تاريخ مصر العسكرى منذ حرب التحرير التى قادها احمس ضد الهكسوس وحتى حرب أكتوبر 1973 مرورا بجميع العصور القبطية والرومانية والاسلامية، مما يرشح المنطقة لتكون اكبر متحف مفتوح للاثار العسكرية فى العالم. وعندما تم الإعلان عن بدء العمل فى مشروع محور قناة السويس، تعالت الأصوات تنادى بضرورة الحفاظ على الاثار الموجودة بالمنطقة، إلا أن الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار اكد أن قناة السويس الجديدة بعيدة عن المنطقة الأثرية، وأن أقرب منطقة لها على مسافة 3 كيلو مترات، و قال ان هذا المكان يحوى تاريخ مصر العسكرى ولا مساس بالآثار الموجودة به، «الأهرام» تحدث مع الدكتور محمد عبد المقصود منسق عام اللجنة التى شكلها وزير الآثار لمشروع تطوير المناطق الأثرية شرق وغرب قناة السويس ، و رئيس البعثة المصرية الأثرية العاملة بسيناء ، فقال : إن الآثار الموجودة بالمنطقة ستكون داعمة للمشروع، وكلها تقع فى المكان الذى ليس فيه ازدواج للقناة، والمجرى الجديد الذى يتم حفره تحت إشراف القوات المسلحة ويبلغ 35 كم لا يوجد به آثار، و لدينا الخرائط التى تحدد الأماكن الاثرية بالمنطقة، واضاف ان هذه المنطقة المليئة بالآثار العسكرية مرشحة لان ينشأ بها اكبر متحف مفتوح للآثار العسكرية، واشار الى ان هذا المكان يحوى ارشيف مصر العسكرى منذ العصر الفرعونى و صاحب الفضل فى كشفه الجيش المصرى عندما عبر فى 1973، حيث ان اول منطقة استولى عليها الجيش بعد العبور كانت القنطرة شرق، واستعاد موقع «تل حبوة »، واكتشف وهو يقيم معسكراته بعض الاثار منها قطعة أثرية مكتوب عليها اسم سيتى الأول، و فى عام 1983 بدأنا العمل و التنقيب عن الاثار فى هذه المنطقة بعد ان سمح لنا الجيش بالتنقيب. و فى هذا المكان الذى اختاره الجيش المصرى عام 1973 ليقود منه اول معركة لتحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلي، عثرنا على قلعة « ثاروا » والتى قاد منها احمس اول معركة ليحرر مصر من الهكسوس ، وكأن التاريخ يعيد نفسه. كل ملوك مصر من الأسرة ال 18 و ال 19 من الدولة الحديثة بعد احمس عرفوا اهمية المكان وأقاموا القلاع الضخمة للدفاع عن مدخل مصر الشرقى ، ولهم آثار فيه، حتى الملك توت عنخ آمون عثر له هناك على آثار عليها اسمه، و منذ بدء اعمال الحفر والتنقيب فى الثمانينيات تم الكشف عن طريق حورس الحربى القديم بين مصر وفلسطين والمنقوش على جدران معبد الكرنك بالاقصر، والذى أقامه الملك سيتى الاول، ويضم 11 قلعة تمتد حتى غزة ورفح المصرية منها قلاع فرعونية ورومانية، وبطلمية وإسلامية، كلها تشكل مثلثا من القنطرة لبورسعيد لبالوظة على مسافة حوالى 25 كم، و كان كل قائد مصرى قبل ان يتولى العرش يأتى لهذه المنطقة التى كانت بمثابة منظومة دفاعية عن مصر على مر العصور، من سيتى الى أحمس الى تحتمس ورمسيس الثانى ورمسيس الثالث و غيرهم من ملوك مصر، كلهم عبروا هذا المكان وتربوا عسكريا فيه، وكانت هذه المنطقة ايضا محصنة فى الدولة الوسطى بحائط الأمير والذى تم الكشف عن أجزاء منه، وفى الدولة القديمة نجد الفرعون «مريكارع» يقول لhبنه فى وصيته له «ازرع هذا المكان بالبشر، وخير البشر»، كما شهدت هذه المنطقة اهم المعارك العسكرية للدفاع عن مصر من حرب التحرير التى قادها احمس ضد الهكسوس وحتى حرب اكتوبر المجيدة فى 1973. وأضاف انه مع المشروع القومى الذى تشهده المنطقة الآن يجب ان توضع الاثار فى الاعتبار وان يتم التنسيق معها فى الخطوات القادمة، و يتم العمل على زيادة البعثات الاثرية للتنقيب عن الاثار فى هذه المنطقة التى مازالت تحوى الكثير من الأسرار لصفحات من تاريخ مصر، واضاف انه يجب ان تميز المنطقة بمتحف مفتوح وبانوراما للتاريخ العسكري، تحكى تاريخ مصر العسكرى فى هذه المنطقة ستسجل مشاهد حية لمعارك وبطولات الجيش المصرى على مر التاريخ ومن المقرر أن يكون افتتاحها مواكبا مع افتتاح قناة السويس الجديدة وسيتم خلال الفترة المقبلة طرح مناقصة عالمية لتنفيذ مشروع البانوراما . لا يوجد أى تعد على الآثار من جانبه أكد الدكتور ممدوح الدماطى وزير الاثار ان هناك تنسيقا بين وزارة الاثار وهيئة قناة السويس منذ فبراير الماضى وان هناك خطابات متبادلة بينهما تحدد المناطق الاثرية الموجودة شرق قناة السويس، و اضاف انه لا يوجد إطلاقا اى تعد على الاثار، حيث ان المدخل الشمالى للفرع الثانى يبدأ جنوب القنطرة ب10 كم و يبعد 3 كم عن المنطقة الاثرية. وقال الوزير انه تم تشكيل لجنة برئاسته للعمل فى مشروع تطوير المناطق الأثرية شرق وغرب قناة السويس ومقرها سيكون فى المركز العام لآثار سيناء بالقنطرة شرق. و أكد انه تم تجهيز مجموعات من الاثريين للعمل بداية من 15 سبتمبر، و تم تخصيص ميزانية 2 ملايين جنيه من وزارة الآثار بصورة مبدئية للبدء فى العمل، و سوف تصاحب مجموعات العمل من الأثريين جميع المشروعات التى ستتم بالمنطقة تحسبا لظهور آثار فى مناطق جديدة، وستقدم الخرائط الأثرية اللازمة لتفادى المواقع الأثرية عند انشاء الطرق والكبارى والإنفاق والمشروعات الكبرى مثل المزارع السمكية والمناطق الصناعية. تطوير المناطق الأثرية شرق و غرب القناة منطقة تلال حبوة : تبعد 3 كم عن مجرى قناة السويس و بها 4 قلاع فرعونية تقع على ضفتى النيل القديم، و يربط بينهم قنطرة و منها أتى منها اسم القنطرة الحالية، يقع تل حبوة فى المدخل الشرقى لمصر ، و اكدت اعمال الحفائر التى استمرت 20 عاما ان المنطقة هى مدينة ثارو عاصمة احد أقاليم الوجه البحرى و بها حصن ثارو الذى كان مركز انطلاق الحملات الحربية و أول نقطة على طريق حورس الحربى، و كان مركزا لقيادة الجيش المصرى و به احد الموانئ المهممة بالبحر المتوسط و المتصل بفرع النيل البلوزي، وكان مقرا لملوك مصر الذين قاموا بعبور سيناء لتأمين حدود مصر الشرقية، عثر فيه على نقوش مهمة للأسرتين ال 18 و ال 19، كما يوجد بها أكبر المعابد الحدودية وهو معبد حورس من الطوب اللبن، و كانت هذه المنطقة منطقة زراعية اشتهرت بزراعة العنب و صناعة النبيذ، و مازالت اعمال التنقيب والحفر تجرى فى المنطقة و يتم حاليا دراسة ما يصلح من الاثار المكتشفة لافتتاحها للزيارة. مدينة بلوزيوم : شهدت هذه المنطقة فتح مصر على يد عمرو بن العاص حيث كانت بها قلعة رومانية و كانت المدينة تقع على الفرع البلوزى للنيل و من هنا جاء اسم المدينة، وبها اهم الموانئ على البحر المتوسط فى العصر الرومانى بعد الاسكندرية ، كما تم الكشف فيها على اكبر مسرح رومانى فى مصر، بالاضافة للكشف عن أساسات قلعة رومانية بنيت عليها قلعة إسلامية. قلعة الطينة : توجد هذه القلعة شمال البلوزيوم وترجع الى العصر المملوكى وجار تطويرها حاليا. القلعة الرومانية بالقنطرة شرق : تسمى هذه المنطقة بتل ابو سيفي، كشف فيه عن قلعة رومانية بنيت على أنقاض قلعة بطلمية ذات أسوار ضخمة. عيون موسى : وتوجد شرق قناة السويس بمحافظة السويس، وهذه المنطقة بها آبار مياه وتعد مزارا دينيا، وجار تطوير المنطقة بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة لافتتاحها قريبا.