هو أديب ومفكر وصحفى وشاعر مصري، اشتهر بمعاركه الأدبية والفكرية مع أساطين الفكر والثقافة، فنشب أوار الخلاف بينه وبين عميد الأدب العربى حول فلسفة أبى العلاء، ودخل فى معارك مع شوقى وزكى مبارك ومصطفى صادق الرافعي.أسس مع المازنى وشكرى مدرسة «الديوان» التى حملت لواء تجديد الشعر والخروج به عن طابعه التقليدى العتيق.. إنه صاحب العبقريات عباس محمود العقاد. ورغم أنه أخرج للمكتبة العربية رواية ( سارة)، كما صنف العديد من دواوين الشعر( يقظة الصباح، وهج الظهيرة، أشباح الأصيل، أشجان الليل.. وغيرها، إلا أن هناك بعضا من النقاد شكك فى كونه روائيا وشاعرا.. أ. د حسين حمودة أستاذ النقد الأدبى بجامعة القاهرة يستهل حديثه عن العقاد روائيا فيقول: يتمثل العقاد روائيا خلال نصه ( سارة) الذى كتبه أواخر الثلاثينيات، وهو نص يسمح لنا بأن نتوقف عنده وأن ننظر فيه وأن نتساءل: إلى أى حد قد تجسد خلاله تصور العقاد حول فن الرواية؟ وهو فى الحقيقة لم يكن تصورا مُنصفا تجاه هذا الفن الذى كان قد تم »توطينه» فى الأدب العربى الحديث، وكان قد قطع شوطا فنيا ملحوظا، بعد صدور أعمال مهمة مثل (زينب) لمحمد حسين هيكل، و(عذراء دنشواي) لمحمود طاهر حقى ثم (عودة الروح) لتوفيق الحكيم. لقد رأى العقاد أن الرواية نوعٌ أدبى أقل شأنا من فن الشعر؛ تراث العربية الأهم، الذى ظل لتاريخ ممتد «ديوان العرب» والمعبر الأمثل عن الذائقة الأدبية العربية. فى مقابل مكانة فن الشعر السامية بدت الرواية، فيما يرى العقاد أشبه ب « الخرنوب» :«قنطار من الخشب ودرهم من الحلاوة»، بما يعنى أنها، مع حيزها الكبير، لا تحمل سوى مقدار قليل من القيمة. وقد رد نجيب محفوظ على هذا التصور غير المنصف، ودافع عن هذا الفن الجديد الذى احتل مكانة مرموقة فى الحياة الأدبية العربية الجديدة، وأصبح، بتعبير محفوظ، هو «شعر الدنيا الحديثة» ويضيف د. حمودة: قراءة ( سارة) تشير إلى أن رأى العقاد السلبى إزاء النوع الروائى قد تحقق عمليا فى نصه هذا إلى حد بعيد، فالملامح الفنية فى هذا النص تجعله لا يتجاوز قسمات حقبة مُبكرة من تطور فن الرواية، أى فيما قبل نضجها الفنى الذى ارتبط بترسيخ قيمة كبرى هى قيمة «التعددب» وهى القيمة التى فصلت فى مسار تطور الرواية الغربية، بين مرحلتين: ما قبل القرن التاسع عشر وما بعده، وهذه القيمة تعني، فيما تعني، تخطّى النظرة الأحادية التى وسمت الأعمال الروائية الأولي، حيث لم تكن الشخصيات الروائية قادرة على أن تحيا كشخصيات حقيقية ومتنوعة بالفعل، مستقلة بوعيها وبلغاتها عن وعى المؤلف وعن لغته. ويؤكد د. حمودة: لقد لاحت صياغة شخصيات نص ( سارة ) أشبه بتمثيلات ذهنية تعبر عن أفكار العقاد ورؤاه، أو أشبه بب دميب تتحرك فوق مسرح هذا النص، لتردد بعض مقولات هى جزء من تأملات العقاد الذاتية. يضيف د. حمودة: وفضلا على هذا، يتمثل غياب معنى التعدد عن ( سارة) فى : السرد الذى ينتمى إلى ذائقة العقاد الموروثة أكثر مما يرتبط بفترة زمنية تشير أحداث ( سارة ) إلى بعض معالمها ومفرداتها، مثل السينما، والترام ، والسيارة والتليفون. ويشير د. حمودة بالإضافة إلى ماسبق فقد احتشدت (سارة ) بعبارات كثيرة جدا، كلها من قبيل الاستطرادات الزائدة عن الخيط الروائى الأساسي، وكلها أقرب إلى «الصياغات» التى تتعالى على حدود الزمن والمكان. فهذه الملامح وغيرها تجعل (سارة) نصا غير بعيد عن رأى العقاد السلبى أو المتحفظ حول فن الرواية . ويؤكد د. حمودة أن تشبيه العقاد فن الرواية بالخرنوب قنطار الخشب ودرهم الحلاوة ، إنما يسرى على نصه هو وليس على فن الرواية بوجه عام. وطبعا، خارج مجال التشبيه يمكن للكثيرين منّا أن يجدوا فوائد جمة للخشب. .. وعن شاعرية العقاد: شعر العقاد أسقط الزوائد وخلص للجوهر وعن إنكار شاعرية العقاد التى حمل لواءها الرافضون لشعره يقول أ. د أحمد بلبولة أستاذ الأدب المساعد بدار العلوم : إنكار شاعرية العقاد هى دعوى قديمة حديثة، كأن البشرية لا تتعلم، فما قاله الرافضون لشعره فى حياته، يقوله أيضا الرافضون له الآن، ولاشك فى أنه سيقوله الرافضون له ممن سيأتون من بعد، ذلك أن هؤلاء وأولئك لايزالون ينظرون إلى الشعر على أنه لغة الملوك والوحى والكهانة، اللغة التى تهيج المخيلة، وتلقى بسحرها على من يسمعها، حتى يستسلم فينام، أو تنفثئ حواسه، فإذا ما استيقظ لم يجد منها شيئا، وشعر العقاد عكس ذلك تماما، إنما هو الشعر الذى أسقط الزوائد وخلص للجوهر، فهو شعر خالص مُصفّى كعرق الذهب، وهو ابن ذاته فلا ينسب لغير العقاد. ويشير د. بلبولة إلى أن المتصفح لديوان العقاد من الراسخين فى الشعر يدرك جبروت العقاد الذى كتب ما كتب فى فترة كانت الذائقة أسيرة الاتجاه البيانى فى الشعر الذى كان يتسنمه شوقي، ويأتى تفرد هذا الشعر من حيث الفكرة التى يعالجها، والزاوية التى يرى منها العالم وكائناته، والشاعر الذى أصبح هو وقصيدته كيانا واحدا ملتحما، هو شعر فى أغلبه موجهٌ إلى العقل بامتياز، مشوب بإثارة وجدانية لا تشوّش على فلسفته المُعدية. ويضيف د. بلبولة: وإذا كان أرسطو قد أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض، فإن العقاد قد أنزل الشعر هو الآخر من السماء إلى الأرض، من اللغة المخدومة إلى اللغة الخادمة، لينبه ويُوقظ ويُشحذ الحواس. ويؤكد د. بلبولة أن الشعر مع كونه خلاصة الخلاصة عند العقاد، إلا أنه لايقع أسيرا للفكرة المجردة، أو حبيسا يلوب فى سجن العقل، بل ينفتح على فضاءات شاسعة قادته أحيانا إلى سقف الملحمة الشعرية حين كتب مطولته الفريد ة فى الشعر العربى ( ترجمة شيطان ).