أثيرت حملات من الغضب والاشمئزاز مما آلت إليه الأعمال السينمائية والدرامية من تدن وهبوط فنى وأخلاقى لم تعهد مصر مثله فى تاريخها منذ أن اضاءت أعمالها الفنية الرائعة أفق المنطقة عربيا ودوليا. ولا يدرى المرء ما هو الحل تجاه أناس يتعاملون مع الفن على أنه بزنس وليس رسالة إنسانية سامية، والذى يتحتم على الدولة أن تأخذ به لإنقاذ قوة مصر الناعمة التى خان رسالتها ودورها المتميز نفر من الدخلاء يحميهم مع الأسف مظلة دفاعية من بعض الفنانين والمثقفين فى إطار كاذب من الدفاع عن حرية الفن والإبداع، وقد دبجت المقالات الموضوعية والكاشفة التى أوضحت وبرهنت على ان ما يقدمه هؤلاء من أعمال فى السينما والتليفزيون لا صلة له بمفهوم وجوهر الإبداع الفني، فهى ليست سوى مشاهد خليعة يؤديها ممثلون يفتقرون إلى الموهبة ويدركون أن فرصتهم فى الشهرة رهن بأداء مثل تلك المشاهد، والتى لا هدف من ورائها سوى العائد المادى واشباع النزوات وتحطيم التابوهات الأخلاقية فى المجتمع. فلابد أن نعترف أن هناك من بات هدفهم ومبتغاهم أن يتحرر المصريون خاصة الشباب من الحياء والأدب والتحفظ فى علاقات الجنسين، فمن يتابع أفلامهم يكتشف بوضوح تلك الرغبة المريضة فى تحطيم النمط الأخلاقى للمجتمع المصري، وقد شاهدنا فى مشاهد سينمائية تتكرر فى أفلام عديدة كيف تتحول علاقة صداقة بين شاب وفتاة أو رجل وامرأة إلى لقاء ساقط فى الفراش على نفس النهج الغربى مما يمكن أن نطلق عليه «سينما الفراش»! ان مصر لم تعد تواجه فقط خطر الإرهاب الأسود، ولكنها أيضا باتت تواجه خطر الانهيار الأخلاقى الذى بدأت تباشيره فى الظهور من خلال ظاهرة التحرش الجنسى القميئة، وحوادث خطف الأطفال الاناث واغتصابهن وقتلهن، بالإضافة إلى التحلل من الثوابت الأخلاقية التى كانت عبر التاريخ بمثابة السياج الواقى ضد النيل من كيان ووجود الدولة. والمدهش أن هؤلاء، ومن يبرر أعمالهم الشاذة (خليط الجنس والعنف) باتوا غرباء عن المجتمع المصري، فهم يتجاهلون عن عمد وضعف الانتماء إلى أرضنا الطيبة قضايا المصريين الحقيقية، فأين أفلامنا ومسلسلاتنا من ثالوث الفقر والجهل والمرض من خلال أسلوب فنى راق يحترم قيمنا وطبيعة عاداتنا وتقاليدنا (كما نشاهد فى أفلام الزمن الجميل)؟!.. أين تلك الأعمال الرديئة من قضايا الحرية والديمقراطية وأهداف ثورتى 25 يناير 30 يونيو؟!.. أين أولئك من قيمة العدل التى تراجعت بشكل كبير فى العقود الأخيرة؟! أين هم من قضايا الشباب (الزواج والسكن والعمل وغيرها) وحضهم على احترام الوالدين والحرص على صلة الرحم؟!.. وأين هم من قضايا التعليم والصحة والأمية والخطاب الدينى المتخلف، وطرح المقترحات والحلول الإبداعية لمواجهة التحديات الوطنية؟! لقد باتت بعض وسائل الإعلام مع الأسف البوابة السحرية لتسليط الأضواء على هؤلاء الممثلين والممثلات والدعاية لأعمالهم المسفة!! فأين الدولة والمثقفون الوطنيون الغيورون على مصر وهويتها الحضارية لكى يتصدوا لأولئك الأدعياء، ويحموا المجتمع من سمومهم ونزواتهم؟! محمد سعيد عز