قبل أن تتحين فرصة انشغال زوجتك أو ابنتك عن تليفونها المحمول لتبحث فى المكالمات الواردة والصادرة والرسائل تذكر قول الله تبارك وتعالى «ولا تجسسوا» .. وإذا كنت تسعى جاهدا دون علمها للحصول على «كلمة السر» الخاصة ببريدها الالكترونى وصفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» فتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن». حالة من كل خمس حالات طلاق كما تؤكد دراسة حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حدثت بسبب شك الزوج فى وجود علاقة مع طرف آخر عبر الانترنت أو الرسائل والمكالمات التليفونية، وقيام أحد طرفى العلاقة بالدخول فى دردشة مسهبة حول بعض الموضوعات العائلية الخاصة مع شخص ثالث. ونحن نتساءل: هل يجوز للزوجة التجسس على زوجها إذا تسلل الشك الى نفسها كأن يدخل غرفة أخرى للحديث فى التليفون أو ترى عنده ما يريبها، فهل يحق لها التجسس على تليفونه مثلا أو التفتيش فى أغراضه؟ وهل يجوز للأب مراقبة تليفون بناته؟! هل هى أزمة ثقة؟ أم أنه سوء اختيار؟ أم أن التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة فتحت الباب واسعا أمام مثل هذه التصرفات التى قد تكون سببا فى انهيار العلاقة الزوجية؟! علماء الدين يحذرون الزوجين من التجسس على بعضهما البعض والاطلاع على الأسرار الخاصة، مؤكدين أنه لا يجوز للزوجة متابعة زوجها بطريقة »بوليسية« من خلال تفتيش التليفون أو الاطلاع على الرسائل الخاصة عبر »فيسبوك وتويتر« والبريد الإلكترونى دون علمه، كما لا يجوز ذلك للزوج أيضًا. وأرجعوا السبب وراء قيام أحد الزوجين بهذا التصرف إلى الشك وغياب الثقة وضعف الوازع الديني، مؤكدين أن العلاقة الزوجية يجب أن تقوم على الثقة والشفافية والاحترام. يقول الدكتور سعيد عامر، أمين عام الإفتاء بمشيخة الأزهر، إن الإسلام أراد لكل مسلم أن يعيش فى أمن وأمان وصدق وسلام فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته ) ومصلحة الأولاد مقدمة على كل شيء لذا يجب على الوالدين القيام بالتربية والتعليم والتوجيه والنصح والإرشاد، وعلى الوالدين مراقبة الأولاد فى غالب أحوالهم حتى لا ينجرف هنا أو هناك بفكر متطرف أو بالوقوع فى معصية أو بصحبة سوء. والوالد إن أحس بأعمال مريبة للابن فعليه أن يتحقق منها أولا قبل الاتهام، وإذا كان الدخول أو الاطلاع على وسائل الاتصال الحديثة هو السبيل الوحيد لمعرفة هذا الفعل المريب فله ذلك من باب مصلحة الابن ثم عليه أن يأتى بالنصيحة والتوجيه والإرشاد وبيان الصواب من غيره للابن بأسلوب طيب جميل ليس فيه عنف حتى لا يحدث تنازع وخلاف، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، وكذلك الحال بين الزوج والزوجة، والأصل فى المعاملة بينهما أن تقوم على الصدق والصراحة كما قال تعالى: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) فالميثاق الغليظ يقتضى أن تكون المعاشرة بالمعروف دون خيانة ولا مخالفة لتعاليم الإسلام والزوج مسئول عن زوجته كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون). احترام الخصوصية من جانبه يشدد الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعه الأزهر على أن الشارع الحكيم نهى عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه قال تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ) والنصوص فى النهى عن التحسس والتجسس كثيرة وغزيرة. ومعلوم أن المؤمن كيس فطن فمن الممكن للإنسان فى جانب المصلحة بكياسة وفطنة وحكمة أن يطالع بعض تصرفات الأولاد لاسيما فى سن المراهقة مثلا ليطمئن على سلوكياتهم دون أن يشعرهم بذلك أما بالنسبة للزوجة فهذا ممنوع لأنه يفتح باب الشك والريبة وهذا مؤداه إلى سوء الظن والاتهام بالباطل والمؤدى إلى الشقاق والفراق وسوء العواقب ومن التدابير الحكيمة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى المسلم أن يتجسس على زوجه فإذا قدم من سفر لا يفاجئ زوجته ولا يباغتها ولكن من الهدى النبوى أن يعلمها حتى تتزين له وتستعد لاستقباله بل بلغ الأدب الإسلامى مداه فى أن الإنسان إن استطاع ألا يطرق أهله ليلا فهذا أفضل لذلك جعل الإسلام أدب الاستئذان حتى على أعلى درجات القرابة مثل الأم فقد قال احد الصحابة يا رسول الله ( استأذن على أمى قال الرسول صلى الله علية وسلم أتحب أن تراها عارية فقال لا ) فذلك جعل الاستئذان فى كل الأمور حتى فى كل المواقف وعلى ذلك فلا يجوز شرعا تلمس عثار الناس ولا محاولة الاطلاع على خصوصياتهم وعلى النقيض من تتبع عورة مسلم ليفضحه فضحه الله ولو فى بيته وهذه الأخلاقيات السامية وما يناظرها تدل على عدم المراقبة اللصيقة لما لا يجوز للإنسان أن يطلع عليه من خصوصيات الناس ).