وزير التعليم يبحث مع السفير البريطاني تعزيز التعاون في تطوير المنظومة    النائبة مايسة عطوة: برنامج تكافل وكرامة نموذجا يحتذى به في محيطنا العربي والإفريقي    اقتراحات الملاك بجلسة الحوار المجتمعي بالنواب: تحرير عقد الإيجار بعد 3 سنوات وزيادة الأجرة بنفس قيمة مسكن مماثل    أبو الغيط يستقبل رئيسة الهيئة الوطنية للإذاعة والتليفزيون في الصين    مدرب تشيلسي: فخور باللاعبين.. والجماهير سبب طرد جاكسون أمام نيوكاسل    تشكيل إنبي أمام سموحة في الدوري المصري    حقيقة إلغاء الصف السادس الابتدائي.. وزارة التعليم توضح    ضمن الموجة 26 بقنا.. إزالة 8 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية بمركز الوقف    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة مستمرة للأبد إذا بقيت المساعدات بأيدي الفصائل الفلسطينية    اللواء أ.ح شريف العرايشى قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب ل «الأخبار»    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    التصريح بدفن شاب لقى مصرعه غرقا في مياه نهر النيل بأطفيح    غدًا.. نجوم العالم يفتتحون مهرجان كان السينمائى السابع والثمانين    الخلط والخطأ «2»    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    طلاب بني سويف يحصدون 8 ميداليات في بطولة الشهيد الرفاعي للكونغ فو    موقف رونالدو من المشاركة مع النصر أمام الأخدود في الدوري السعودي    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    الزمالك يتحرك للتعاقد مع حارس الأهلي    ناصر مندور: جامعة القناة تعمل على تحفيز التنمية الإقليمية في سيناء    مسؤولون أمريكيون: هناك خلافات بين ترامب ونتنياهو بشأن التعامل مع قطاع غزة وإيران    40 درجة مئوية في الظل.. الموجة الحارة تصل ذروتها اليوم الأحد.. وأطباء ينصحون بعدم التعرض للشمس    الداخلية تكشف ملابسات تعد طالب على زميله بسلاح أبيض وإصابته بالقاهرة    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    كشف ملابسات إستغاثة أحد الأشخاص لتعدى آخرين عليه بالقليوبية    محافظ الأقصر يتفقد أعمال فتح أكبر شارع بمنطقة حوض 18 بحى جنوب    «رحلة عادل إمام».. «الوثائقية» تعلن عن فيلم يوثق حياة الزعيم    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    المطربة نعوم تستعد لطرح أغنية جديدة «خانو العشرة»    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى    قبل انطلاقه.. تعرف على لجنة تحكيم مهرجان «SITFY-POLAND» للمونودراما    مجلس النواب يقر قانون تنظيم الفتوى الشرعية وسط توافق من الأزهر والأوقاف    عزة كامل: مصر من الدول المصدقة على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ضوابط تقويم أداء الموظفين في القانون    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    نظام غذائي صحي للطلاب، يساعدهم على المذاكرة في الحر    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    كندا وجرينلاند ضمن قائمة أهدافه.. سر ولع ترامب بتغيير خريطة العالم    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اراء علماء الدين فى إثبات النسب أو نفيه بال DNA
نشر في الفجر يوم 03 - 09 - 2014

أجاب الدكتور على جمعة: «من المقرر شرعًا أنه إذا صدر الإقرار من الزوج، بنسب الطفل إليه مستوفيًا لشرائطه، فإنه لا يتحمل النفي ولا ينفك بحال، سواء أكان المقر صادقًا في الواقع أو كاذبًا، وبالتالي فإن نفي النسب بعد الإقرار لا يكون معتبرًا، واطلاع الزوج على سوء سلوك زوجته الذي كان خافيًا عليه، لا يمكنه من نفي النسب الثابت من قبل».

وأضاف: «الاعتماد على «تحليل البصمة الوراثية» المعروف باسم «D. N. A» في نفي النسب لا يجوز شرعًا، لأن التحاليل يعتريها الخطأ البشري المحتمل، وحتى لو دلت البصمة الوراثية في نفسها على نفي النسب أو إثباته يقينًا، فإن ذلك اليقين نفسه يقع الظن في طريقة إثباته، مما يجعل تقرير البصمة الوراثية غير قادر على نفي النسب. أما إثبات النسب بهذه البصمة فلا يكون إلا في عقد صحيح لا يتم اللعان فيه بين الزوجين، فإن تم اللعان فإنه أقوى من البصمة الوراثية. وعليه فإن التحليل المنوه عنه في السؤال لا يثبت به نفي الولد ولا زنى المرأة».

وأوضح جمعة أنه يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:

التنازع على مجهول النسب، بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة، أو تساويها، أو كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لا يمكن التعرف على هوياتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.
ورداً على السؤال عن المدة التي يجوز للرجل نفي الولد خلالها، قال الدكتور علي جمعة: «إذا ثبت نسب الولد لا يمكن نفيه، وإثبات نسبه يكون بقبول التهنئة بولده، وكذلك السكوت على النفي وقت الولادة، أي الوقت الذي يمكنه فيه النفي ولم ينفه، وكذلك إثبات مولده في شهادات الميلاد والسجلات الحكومية. وقال ابن قدامة في المغني: «وإذا ولدت امرأته ولدًا فسكت عن نفيه؛ مع إمكانه؛ لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك» وبهذا قال الشافعي، في حين قال أبو حنيفة: «له تأخير نفيه يومًا ويومين استحسانًا، لأن النفي عقيب الولادة يشق فقدر باليومين لقلته»، أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، فهو عامٌّ خرج منه ما اتفقنا عليه من أقوال الفقهاء، فما عداه يبقى على عموم الحديث».

استقرار الأسرة

تؤكد الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية في الزقازيق جامعة الأزهر، أن الإسلام عمل على استقرار الأسرة عن طريق غرس الثقة بين أفرادها، وخاصة بين الزوجين اللذين جعل الله علاقتهما بالزواج آيةً من آياته، فقال تعالى: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.
وأشارت إلى أن الشك بين الناس بوجه عام، والشك الزوجي بوجه خاص، من الشيطان الذي يعمل على إثارة كل ما من شأنه نشر العداوة والبغضاء، فقال تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» آية 91 سورة المائدة. ولا شك أن تقوية الشك في نفوس الأزواج، وخاصة فيما يتعلق بالأنساب، من أخطر أسباب العداوة والبغضاء التي يريدها الشيطان بين الأزواج والزوجات.
وأنهت الدكتورة فايزة كلامها بتأييدها ما ذهب إليه مفتي مصر السابق، من أنه لا يجوز شرعاً اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية عند الشك في الزوجة، لأن هذا يفتح باب الجحيم، والقاعدة الشرعية هي «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».

حماية الأعراض

يرى الدكتور أحمد حسين، وكيل كلية الدعوة الإسلامية في جامعة الأزهر، أن المحافظة على الأنساب مقصد رئيسي من مقاصد الشريعة الخمسة، وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وبالتالي فإنه حمى الأنساب من كل شائبة تشوبها من خلال الشك القاتل للمشاعر الزوجية النبيلة، فيحولها إلى نار حارقة قد تصل إلى القتل.
وأوضح أن الإسلام طالب بالتثبت واليقين في كل الأخبار حتى لا نضر بالآخرين، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» آية 6 سورة الحجرات. إذا كان هذا في الأخبار العامة فما بالنا إذا كان الأمر متعلقاً بالأنساب، التي هي من أسمى العلاقات الإنسانية بين البشر.

وأنهى الدكتور أحمد حسين كلامه بضرورة غرس الثقة بين الزوجين، وعدم ترك المجال للشكوك والظنون، وذلك بأن يحسن كل من الزوجين اختيار بعضهما منذ البداية على أساس الدين، حيث قدم الرسول، صلى الله عليه وسلم، النصح لأهل المرأة إذا تقدم إليهم من يريد خطبتها والزواج منها، فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». ونفس النصيحة قدمها الرسول، صلى الله عليه وسلم، للمقبلين على الزواج، فقال للرجال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ، لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».

محاربة الشكوك

حذر الدكتور عبد الحي عزب، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية في بني سويف جامعة الأزهر، من سوء الظن باعتباره من حسن الفطن كما يردد العامة، لأن المنظور الإسلامي أن حسن الظن هو الذي من حسن الفطن، ولا شك أن سوء الظن يؤدي إلى الشك بكل أنواعه، وأخطره الشك في النسب، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» الآية 6 سورة الحجرات.

وأضاف: «لا يجوز شرعاً اللجوء لتحاليل البصمة الوراثية لنفي النسب، لأنه عمل بشري ظني ونسبة صحته لا تصل إلى درجة اليقين التام، الذي ليس فيه أدنى شك، وكذلك عموم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وذلك حفاظاً على الأعراض من الطعن وتشويه السمعة، مما قد يؤدي إلى الاقتتال بين العائلات التي تحافظ علي سمعتها، وكذلك الحفاظ على الأولاد من أن يضيع مستقبلهم أو تشوه سمعتهم».
وهاجم مطالبة البعض بالتنازل عن النصوص الدينية من أجل محاكاة الغرب المتقدم علمياً، بإباحة تحاليل البصمة الوراثية لإثبات أو نفي النسب، لأن هذا ما يخالف القاعدة الشرعية التي أرساها الإسلام في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا» آية 36 سورة الأحزاب.

الحل

كشفت الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في القاهرة جامعة الأزهر، أن الوسيلة الشرعية الوحيدة لقطع الشك باليقين عند الشك في الزوجة هو ما يعرف شرعاً ب«اللعان»، وهو كلمات معلومة جعلها الله حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد، وقد سمي لعاناً لاشتماله على كلمة «اللعن»، ولأن كلاً من الزوجين المتلاعنين يحرم استمرار علاقتهما الزوجية أبداً، وكيفيته حددها الله في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ» الآيات 6-9 سورة النور. ويلاحظ تكرار كلمات الشهادة لتأكيد الأمر، ولأنها أقيمت من الزوج مقام أربعة شهود من غيره ليقام عليها الحد، وأما الكلمة الخامسة فمؤكدة للأربع، ومما يحلف عليه الزوج أن يقول: «إن هذا الولد من زنى وليس هو مني» لينتفي عنه. أما لعان المرأة أن تقول أربعاً: «أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى»، وتقول في الخامسة بأن عليها غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنى، ويجب عدم التسرع في اللجوء إلى اللعان لأنه يعني إنهاء العلاقة الزوجية بلا رجعة.

وعن مشروعية اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية لتحديد أو نفي النسب، قالت الدكتورة عفاف: «مع احترامي لنتائج تلك التحاليل عالية الجودة، إلا أن «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب»، وخاصةً أنه لا يوجد تحليل علي وجه الأرض إلا وفيه نسبة خطأ، حتى ولو كانت ضعيفة جداً، فضلاً عن إمكان تلاعب القائم بالتحليل في نتائجه بسبب انعدام الضمير أو الرشوة وخلافه، لهذا فإنه لا يجوز شرعاً وعقلاً جعل النسب، سواء في حالة النفي أو الإثبات، مرتبطاً بتلك التحاليل مهما كانت دقتها».

باب للفتنة والفساد

تشير الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، إلى أن النفس البشرية ضعيفة، ووصفها الله بأنها أمَّارة بالسوء، فقال تعالى: «… إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ» آية 53 سورة يوسف. وبالتالي إذا فتحنا الباب لإباحة تحاليل البصمة الوراثية فإنه، من باب الفضول، سيتم اللجوء إلى إجراء تحاليل البصمة الوراثية، فما بالنا إذا كانت هناك خلافات زوجية أو وقوع الطلاق، فإن الزوج سيحاول المكيدة والفضيحة لزوجته أو مطلقته، وفي هذا ضرر كبير للزوجة، وبالتالي أولادها يكونون عرضة لنفي نسبهم ولو بالتزوير والتآمر بين الزوج والقائمين على إجراء التحاليل، مما يجعل الأعراض والأنساب تحت رحمة التحاليل، وهذا ما لا يرتضيه الشرع الذي جعل نسب الأولاد للزوج تلقائياً، طالما كانت العلاقة الزوجية قائمة.
وأوضحت أن الإضرار بأي إنسان بريء أمر مرفوض شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار». فما بالنا إذا كان هذا الإنسان هو الزوجة التي جمع الله بينهما وبين زوجها برابطة وصفها الله بالميثاق الغليظ، فقال تعالى: «… وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً» آية 21 سورة النساء.

وأنهت الدكتورة مهجة كلامها بالتحذير من التقليد الأعمى للغرب في تلك القضية، حيث يبيح القانون في الخارج للأزواج اللجوء لتحاليل «البصمة الوراثية» لإثبات أو نفي النسب أو التأكد منه، وإذا فكر أصحاب القرار في مجتمعاتنا العربية والإسلامية في ذلك تقليداً للغرب، فإنهم يكونون قد ارتكبوا إثماً عظيماً لأنهم اعتدوا على الشرع، لهذا نحذرهم بقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ، وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ عَلَيْهَا، غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَيْهَا، غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا».

جائز للضرورة القصوى

على الجانب الآخر، يشير الدكتور منير جمعة، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى أنه لا يفضل اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية إلا في الحالات النادرة جداً وبأمر القاضي الذي يريد الفصل في قضية التشكيك في النسب، كأن يكون الزوج عقيماً وفوجئ بأن زوجته تنجب، فمن حقه هنا إقامة دعوى قضائية لنفي النسب. وهنا على القاضي اتخاذ الوسائل التي من خلالها يمكن الحكم في القضية، وذلك باللجوء إلى التحاليل الدقيقة، وهو هنا لم يأت ببدعة وإنما استخدم نصاً شرعياً هو الاستعانة بأهل الاختصاص، حيث أمرنا الشرع بذلك في قوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» آية 43 سورة النحل. وإذا فرَّط الطبيب في أمانته أو تآمر مع الزوج فإنهما يكونان آثمين إثماً عظيماً من الناحية الشرعية، لأنهما خانا الأمانة ويجب ردعهما بالقانون الصارم، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وأوضح الدكتور منير أنه لا يجوز التوسع في اللجوء لتحاليل البصمة الوراثية بعيداً عن القضاء وفي الحالات الاستثنائية، حتى لا نبيح نشر الفتن والفساد في المجتمع، ونقضي علي الاستقرار الأسري، لأننا خالفنا القاعدة الشرعية التي تنطلق من قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة» آية 195 سورة البقرة.
وحذر من اتباع أهواء النفس الأمَّارة بالسوء، من خلال الشكوك أو الظنون التي لو تم فتح الباب لها فإنها ستؤدي للفتنة والفساد بلا حدود، ولهذا يجب أن يثق كل من الزوجين في بعضهما، وليعلم الزوج الشكاك أن الله هو وحده من يعلم السر وما يخفى، لأنه سبحانه وتعالى القائل: «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» الآية 19 سورة غافر.

وأنهى جمعة كلامه بتحذير الأزواج من الأخذ بالشبهات في التعامل مع زوجاتهم أو ثمرة الزواج من الأولاد، وذلك لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.