نظرا لما أثير من لغط حول مدي تأييد أو رفض المشاركة في الأضراب للعاملين في الدولة وأن الشعب يرفض العصيان, فانه يثور التساؤل حول مدي مشروعية القيود التي تكفل سلمية الإضراب دون تخريب المنشآت ودون السعي لتحقيق أهداف سياسية وفقا للمعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية التي وافقت عليها مصر مما يقتضي الايضاح والتفسير. أن مبدأ الحرية النقابية غدا في العصر الحديث من حقوق الانسان بما يسمح بحق تكوين النقابات للدفاع عن المطالب والمصالح, ويتمثل في الحق في الاضراب عن العمل, ونظرا لخطورة ما يرتبه الإضراب من آثار قد تؤثر علي كيان المجتمع مما يضر بالنظام العام وذلك إذا ما أسيء استخدامه, مما قد يبعث علي الفوضي والإضرابات الأمر الذي يستلزم معه وضع بعض القيود التي تكفل موضوعية وشرعية الإضراب. وفي عام1981 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم537 لسنة1981 بالموافقة علي الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في1966/12/16 والتي وقعت عليها مصر بتاريخ1967/8/4 وقد نشرت تلك الاتفاقية في الجريدة الرسمية بعد أن وافق عليها مجلس الشعب المصري. ولما كان الدستور المصري السابق كان ينص في الفقرة الأولي من المادة151 منه علي أن رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان, وتكون لها قوة القانون بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة وينص في الفقرة الثانية من ذات المادة علي أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة أو التي تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة في الموازنة تجب موافقة مجلس الشعب عليها. وذلك حسبما يري كل قطر وفقا لظروفه الاجتماعية والسياسية. واستحدث المشرع المصري في قانون العمل الجديد رقم12 لسنة2003 مشروعية حق الاضراب السلمي للعمال ونظم احكامه بمقتضي المواد من192 حتي195 وذلك بحسبان أن هذا الحق من الحقوق الانسانية للعمال علي المستوي الدولي ووفقا للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. علي أنه إذا كان المشرع المصري قد أباح للعمال حق الإضراب إلا أنه قد أحاطه بالعديد من القيود التي تحول دون الاضرار بمصالح المجتمع أو الحياة الاقتصادية أو الإخلال بأمن البلاد أو التخريبي بأموال الدولة لأموال الدولة, ويمكن تحديد القيود الواردة علي حق العمال في الإضراب في قانون العمل الجديد فيما يلي: القيد الأول: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الاضراب سلميا, ومن ثم فإنه لا يجوز استخدام القوة بشأنه أو إحداث ثمة أضرار بالمنشآت أو الممتلكات أو تخريبا لأموال الدولة أو إخلالا بالنظام العام أو الآداب العامة, كما لا يجوز فيه استخدام القوة بشأنه أو ثمة أضرار بالمنشآت أو الممتلكات أو تخريبا لأموال الدولة أو إخلالا بالنظام العام أو الآداب العامة, كما لا يجوز فيه الهتافات المعادية للنظام الحاكم أو التحريض علي النيل من أمن البلاد. القيد الثاني: ويتمثل في أنه يلزم أن يكون إعلان الإضراب سلمي وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية التي يتبعها العمال المقبلين علي الإضراب سواء من حيث الإعلان عنه أو تنظيمه, وذلك حتي تتمكن المنظمة النقابية من الرقابة علي الدوافع الحقيقية للإضراب وما إذا كان يمارس في ظل القيود والضوابط التي نص عليها القانون من عدمه والتأكد من عدم الخروج اعلي أحكامه. القيد الثالث: يتمثل في أنه يلزم أن يكون الهدف من الاضراب السلمي للعمال للدفاع عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية وذلك في الحدود وطبقا للضوابط التي والإجرائات المقررة قانونا, ويترتب علي ما تقدم أن المشرع المصري استهدف من الإضراب الدفاع عن المصالح المهنية والإقتصادية والإجتماعية, ومن ثم فأذا استهدف الاضراب أغراضا أخري أو سياسية فإنه يضحي غير مشروع. القيد الرابع: ويتمثل في وجوب قيام اللجنة النقابية بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الادارية المختصة قبل اجراء الإضراب بمدة معينة, وقد فرق المشرع بين الاضراب الواقع من عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية وبين الإضراب الحادث من عمال المنشأة التي لم يك;ن لجنة نقابية ففي الحالة الاولي فانه عند اعتزام عمال المنشأة الاضراب في الاحوال التي يجيزها القانون, وأوجب المشرع علي اللجنة النقابية بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة المعينة بأغلبية ثلثي عدد أعضاءه إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام علي الأقل وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول. وفي الحالة الثانية فإنه إذا لم يكن بالمنشآة لجنة نقابية يكون الاخطار باعتزام العمال الإضراب للنقابة العامة المعنية, وقد أوجب المشرع علي النقابة العامة المعنية, وقد أوجب المشرع علي النقابة العامة المعنية بعد موافقة مجلس إدارتها بأغلبية ثلثي عدد أعضائه القيام بالإخطار المشار إليه. القيد الخامس: يتمثل في خطر المشرع علي العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة منظماتهم النقابية بقصد تعديل إتفاقية العمل الجماعية أضناء مدة سريانها, وإتفاقية العمل الجامعية هي إتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل ويبرم بين منظمة أو أكثر من منظماتهم. كما حظر المشرع كذلك عكس العمال الإضراب أو إعلانه بواسطة تنظيمات النقابية خلال جميع مراحل وإجراءات الوساطة والتحكيم, والوساطة تكون إذا كان نزاع يتعلق بشروط العمل أو الظروف أو أحكام الاستخدام نشأ بين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال وبين العمال أو فريق منهم فإنه مع عدم الإخلال بحق التقاضي يتعين علي الطرفين الدخول في مفاوضات جماعية لتسوية وديا فإذا لم تتم تسوية النزاع كليا خلال ثلاثين يوما من تاريخ بدء المفاوضات جاز للطرفين أو لأحدهما أو لمن يمثلها التقدم بطلب إلي الجهة الادارية المختصة لإتخاذ إجراءات الوساطة, فإذا لم يقبل الطرفان أو أحدهما التوصيات التي قدمها الوسيط كان لأي أحد منها أن يتقدم إلي الجهة الإدارية المختصة بطلب اتخاذ إجراءات التحكيم, وفي جميع مراحل إجراءات الوساطة والتحكيم يحظر علي العمال الإضراب أو إعلانه. اخيرا يتمثل القيد السادس في أنه يحظر الإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب عليها توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين, ويختص رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنشآت المشار إليها, والقصد من هذا القيد هو الحفاظ علي النظام العام في الدولة, وحتي لا تتأثر مصالح الأفراد سلبيا بسبب تعطل المرافق العامة, ويراعي أنه يترتب علي الإضراب المذكور احتساب مدته أجازة للعامل بدون أجر.