تبدأ اليوم الجولة الثانية من المفاوضات المصرية الإثيوبية السودانية حول سد النهضة، وسبل تقليل الآثار السلبية لمشروع السد الاثيوبى على الأمن المائى المصرى والسودانى، وتأتى المفاوضات فى ظل روح جديدة من الحوار المتزن وتبادل الآراء ومناقشة للبدائل التى تكفل الحفاظ على الحقوق المائية لمصر والسودان. ولعل مما يشجع على التفاؤل هو اختفاء لغة التصادم، وأجواء التصعيد، والحرص على نجاح الحوار الفنى، وتخطى الخلافات الصغيرة لتحقيق مبادئ حسن الثقة بين الأطراف الثلاثة، وقد وافقت الحكومة الأثيوبية رسميا على المقترحات المصرية لجدول أعمال المفاوضات، وهو الأمر الذى يبشر بالاتفاق على القضايا محل الخلاف. .. وبات واضحا أن مسألة الحقوق المائية المصرية ليست محل خلاف، وذلك نظرا لأن هذه الحقوق ثابتة وتضمنها الاتفاقيات الدولية، وفيما يبدو الآن أن القضية الأكثر أهمية تتمثل فى قضية التشغيل للسد، إذ ينبغى وضع اتفاق واضح يحدد كيفية التشغيل، بحيث تصل مياه النيل إلى السودان ومصر، ولا تتأثر بتوليد الكهرباء. ومن الواضح أن الاتفاق على هذه القضية الجوهرية قبل الانتهاء من بناء السد سيكون «أمرا ضروريا»، بل وسوف يزيل مصادر خلاف كثيرة بين الدول الثلاث. ومن الأمور التى تدعو للتفاؤل بشدة تأكيد الجانب المصرى قبل بدء الجولة الثانية من المفاوضات أن جميع الأطراف حريصة على التوصل إلى اتفاق، ومن ثم فإن الفشل «مسألة مرفوضة تماما». وهذه الروح مختلفة وبناءة وتدعو إلى التفاؤل بسيادة روح من التعاون، والتوصل لحلول مرضية للجميع فيما يتعلق بثلاث نقاط مهمة: استكمال الدراسات الفنية التى أقرها التقرير النهائى للجنة الدولية حول أمان السد، وهل الخلافات بشأن السعة التخزينية، وسنوات ملء الخزان.. ويبقى أن هذه الروح الجديدة ستكون مدخلا مهما لبناء علاقات تعاون، والارتقاء بمستوى العلاقات المصرية الإثيوبية إلى آفاق كبيرة فى المستقبل. وتتطلع القاهرة فى ظل حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى «علاقات استراتيجية» مع دول حوض النيل وفى مقدمتها إثيوبيا، وهذه العلاقات لمصلحة الشعوب، ومن أجل رخاء وازدهار وأمن الجميع. إنها علاقات تقوم على مبدأ «الكل رابح»، وفى المقدمة شعوب المنطقة التى من حقها أن تتطلع إلى «حياة أفضل»، وأن يستمر النيل «شريان حياة» لا مصدرا للخلافات والنزاعات. لمزيد من مقالات رأى الاهرام