مع تزايد احتدام الأزمة الأوكرانية وتصاعد حدة المعارك فى جنوب شرق أوكرانيا بين القوات الحكومية وفصائل المقاتلين ممن يسمونهم بالانفصاليين فى مقاطعتى او جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك ، يعلق المراقبون والمواطنون, على حد سواء, الكثير من آمالهم فى التوصل الى حلول سلمية للاوضاع الراهنة هناك على ضوء إحتمالات لقاء الرئيسين الروسى فلاديمير بوتين والاوكرانى بيوتر بوروشينكو . ولم تستبعد مصادر للكرملين احتمالات عقد مثل هذا اللقاء على هامش قمة رؤساء بلدان الاتحاد الجمركى -اوكرانيا-الاتحاد الاوروبى المقرر عقدها فى مينسك عاصمة بيلاروسيا بمشاركة من جانب ممثل الاتحاد الاوروبى . بل وثمة من يتوقع أيضا احتمالات لقاء مماثل فى باريس بمشاركة مباشرة من جانب الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل .وكان وزراء خارجية روسياوأوكرانيا وألمانيا وفرنسا قد عقدوا اجتماعا فى برلين أسفر ,وحسب تقديرات الكثيرين من المراقبين والمعلقين, عن نجاح ملموس, قالوا إنه قد يوفر المقدمات المناسبة لاجتماع رؤساء هذه البلدان . وقالت مصادر الرئاسة الأوكرانية إن جوزيه مانويل باروزو ,أعرب عن تأييده لمبادرة الرئيس الأوكرانى بوروشينكو حول المشاركة فى لقاءات القمة لبحث الأزمة الراهنة . وبينما ترفض المصادر الرسمية للأطراف المعنية الكشف عن مفردات جدول أعمال هذه اللقاءات ,قال دميترى بيسكوف المتحدث الرسمى باسم الكرملين. أن الأوضاع الإنسانية الكارثية فى جنوب شرق أوكرانيا لا بد أن تفرض نفسها على جدول أعمال هذه الإجتماعات . وقال بيسكوف أنه من المنتظر أن يبحث زعماء بلدان الاتحاد الجمركى وهى روسياوبيلاروسيا وكازاخستان مع الرئيس الأوكرانى أفاق العلاقات بين هذه البلدان وأوكرانيا على ضوء توقيع الأخيرة لإتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المسائل المتعلقة بأمن الطاقة والأوضاع المتوترة فى منطقة الدونباس. وكان الرئيسان, بوتين وبوروشينكو ,سبق والتقيا على هامش الاحتفالات بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء فى نورماندي, بحضور الرئيس الفرنسى هولاند والمستشارة الالمانية ميركل، غير أن هذا اللقاء الذى لم يستمر لإكثر من 15 دقيقة، لم يسفر عن نتائج ملموسة تخفف من حدة الأزمة التي، وعلى العكس، صارت تتفاقم أكثر يوما بعد يوم . ولذا فان المبادرة التى طرحها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو حول اللقاء الثلاثى فى مينسك،جاءت , وحسب تقديرات كل المراقبين , فى وقتها بما قد تكون معه المقدمة المناسبة لبدء عملية المباحثات الجدية صوب تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية, ووقف المواجهة المسلحة , ونزيف الدم فى جنوب شرق اوكرانيا. ومن اللافت أن اللقاء الرباعى الذى سوف يعقد فى مينسك سيتناول ضمنا المسائل المتعلقة بالعقوبات التى فرضها الاتحاد الاوروبى ضد روسيا والإجراءات الجوابية التى إتخذتها روسيا من حظر وارداتها من المنتجات الغذائية والزراعية من بلدان الاتحاد الأوروبى وهو ما يظل يثير الكثير من الضخب واللغط على وقع إحتجاجات المزارعين الأوروبيين . على أن ذلك كله وبما فى ذلك المباحثات المرتقبة سواء على الصعيد الثنائى أو متعدد الأطراف، لن يسفر عن إتفاق عاجل حول وقف فورى لإطلاق النار وإطلاق العملية السلمية دون التوصل إلى اتفاق حول مجمل القضايا الخلافية, ومنها الموقف من شبه جزيرة القرم ومسالة الغاز . وتعليقا على هذه القضية قال فيدور لوكيانوف ,رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع ,انه لا يتوقع سرعة التوصل الى النتيجة المرجوة وأن الأوضاع الراهنة تعيد إلى الاذهان ما سبق وجرى فى البوسنة والهرسك حيث كانت العمليات القتالية لا تقف على طرفى نقيض من إستمرار المباحثات ، وحيث كان كل من الأطراف المعنية يحاول من خلال القوة العسكرية فرض وجهة نظره وتدعيم مواقفه وتعلية سقف مطالبه. ويذكر المراقبون أن ما قاله الرئيس الأوكرانى بوروشينكو واعاده أكثر من مرة منذ أول خطاب له فى حفل تنصيبه رئيسا لأوكرانيا حول أنه لن يتراجع عن مواقفه تجاه ضرورة إستعادة شبه جزيرة القرم ، يقف على طرفى نقيض مما سبق وقاله الرئيس بوتين فى لقائه مع البرلمانيين الروس فى يالطا بشبه جزيرة القرم فى الأسبوع الماضى . وكان بوتين أكد ضمنا أن التراجع عن استعادة القرم إلى أحضان الوطن هو تنازل عن الذات، مؤكدا ان الأمر يتعلق بإرادة شعب وكرامة وطن . ولذا فا ن الأنظار ستظل مشدودة إلى مينسك فى إنتظار اللقاءات المرتقبة متعددة الأطراف وعلى الصعيد الثنائى والمقرر عقدها علها تسفر عن المقدمة المناسبة لتأكيد المسار اللاحق للمباحثات فى لقاء قمة بلدان روسياوأوكرانيا وألمانيا وفرنسا فى باريس فى النصف الأول من سبتمر المقبل . وحتى ذلك الحين ثمة من يحاول البحث عن السبل المناسبة للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية التى تتواصل فى منطقة الدونباس ووقف تدفق المهاجرين واللاجئين عبر الحدود الروسية .