هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف مسجد الأنصار وسط دير البلح في غزة    ترامب: إلغاء الرسوم الجمركية يعنى انهيار اقتصاد الولايات المتحدة    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم للصف الأول الابتدائي 2025–2026    تامر عبد المنعم يعلن انفصاله عن زوجته رنا علي بعد زواج دام 6 سنوات    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    خدمات مرورية تزامناً مع تنفيذ أعمال تطوير كوبري القبة    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    تشابي ألونسو يبدأ ولايته مع ريال مدريد بخطة جديدة    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    زيلينسكي يشيد بالنجاح في مهاجمة مطارات عسكرية روسية    التحقيقات الفيدرالي: نحقق في هجوم إرهابي محتمل بكولورادو الأمريكية    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    توريد 231 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا حتى الآن    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    وزير الزراعة: لا خسائر كبيرة في المحاصيل جراء الأمطار الأخيرة وصندوق لتعويض المتضررين قريبًا    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    أجواء معتدلة والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    تجهيز 463 ساحة لصلاة العيد بجميع مراكز ومدن محافظة الغربية    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    زلزال بقوة 6 درجات بمقياس ريختر يضرب قرب جزيرة هوكايدو اليابانية    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    سعر الدولار الآن أمام الجنية والعملات العربية والأجنبية الاثنين 2 يونيو 2025    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالاتجار فى المخدرات بالمنيا    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    مسؤول بيراميدز: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز والبطولة مجهود موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    الأوقاف تحتفي باليوم العالمي للوالدين: دعوة لتعزيز ثقافة البر والإحسان    طريقة عمل العجة أسرع وجبة للفطار والعشاء واقتصادية    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الثورة الشعبية إلي الدولة الديمقراطية‏ (2)‏
المخاض الصعب للديمقراطية‏!‏

بالرغم من كثير من المنجزات (‏الديمقراطية‏)‏ التي أخذت مصر تعرفها منذ نجاح ثورتها في خلع (الرئيس) حسني مبارك من منصبه في 11 فبراير 2011, والتي أشرت إلي أهمها في مقالي الأسبق (الأهرام 1 فبراير) مثل تفكيك جهاز مباحث أمن الدولة والمشاركة الجماهيرية والطوعية الواسعة في استفتاء 19 مارس 2011, ثم في انتخابات مجلس الشعب, ثم الاداء البرلماني الحقيقي في المجلس, فضلا عن إطلاق حريات التعبير, التظاهر, والاعتصام... إلخ أقول, بالرغم من هذا كله, فإنه لا يعني علي الإطلاق أن نظاما ديمقراطيا حقيقيا, ومستقرا, وصلبا.. قد تمت إقامته في مصر! صحيح أن ذلك الهدف كان علي رأس أولويات الثورة التي لخصها الهتاف الشعبي الموجز الشعب يريد إسقاط النظام! إلا أن تحقيقه, أي تجسيده علي أرض الواقع السياسي والاجتماعي, مهمة أصعب وأطول بكثير مما يتصور البعض! إن النظام الديمقراطي مفهوم عميق ومعقد, ويتضمن مقومات سياسية واجتماعية وثقافية لا تولد بين عشية وضحاها, ولا تتعلق بمجرد الأمل أو الحلم في تحقيقها.
ولا ينطوي حديثي هذا علي أية نية لتثبيط العزائم أو إحباط الهمم الحالمة والطامحة لتحقيق الديمقراطية, ولكنه يستهدف توضيح الحقائق, وإلقاء الضوء علي المهام والأعباء الثقيلة التي يستلزمها بناء النظام الديمقراطي, والتي يتوجب علي كل المناضلين من أجل الديمقراطية أن يستوعبوها, وأن يستعدوا للكفاح من أجل تحقيقها.
غير أنه ينبغي أولا الإشارة إلي حقيقة مهمة علينا أن نستعيدها ابتداء وهي أن تخلي حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير, لم يكن سوي مقدمة أو خطوة أولي لاسقاط النظام القديم, وإن كانت خطوة هائلة ذات دلالات رمزية ومعنوية هائلة, فضلا عما صحبها من إجراءات لإزالة كثير من قيادات وأجهزة النظام! غير أن الكثير من دعائم وأجهزة النظام لا يزال قائما في أغلب مؤسسات الدولة (وهذه قصة يمكن الافاضة فيها في مجال آخر).
فإذا عدنا لمسألة بناء النظام الديمقراطي في البديل, علينا ابتداء أن تستذكر وقائع وتوابع ما حدث في يوم 11 فبراير 2011 ففي ذلك اليوم, تخلي مبارك عن السلطة وكلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وفق البيان الذي ألقاه نائب الرئيس عمر سليمان, في ذلك الوقت. وكما سبق أن أشرت مرارا, فإن الخطأ التاريخي الأكبر الذي ارتكبته الثورة المصرية, كان هو عدم وجود قيادة ثورية تتولي مقاليد الأمور في شكل مجلس أو لجنة لقيادة الثورة أو مجلس ثوري أو مجلس إنتقالي... إلخ. ولكن الأمر آل بالتداعي- إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي كان قد أتخذ قراره التاريخي بالفعل بالوقوف إلي جانب الثورة! ولكن لأن المجلس الأعلي, والجيش, لم يكن هو الذي قام بالثورة, وإنما فقط ساندها ودعمها, فإن ذلك أصبح يعني ومنذ اليوم الأول ايجاد مسارين متوازيين للحركة السياسية في مصر! المسار الأول, هو المسار الرسمي الذي أخذ يتولي إدارته وتوجيهه, المجلس الأعلي للقوات المسلحة (أو أختصارا, المجلس العسكري) والمسار الثوري أو الشعبي الذي كان بيد الثوار, وتحديدا أولئك الذين كانوا يسيطرون علي الميدان.
المسار الرسمي للثورة تم برعاية المجلس الأعلي عبر الخطوات المعروفة, أي تكليف المستشار طارق البشري بإعداد وثيقة التعديلات الدستورية التي جري عليها استفتاء 19 مارس, والتي تم العمل وفق نتائجها.. وبداهة, فقد لقي هذا المسار التأييد الكامل من جانب الإخوان المسلمين, والسلفيين باعتبار أن هذا المسار تجنب استغراق الوقت في إيجاد دستور كامل جديد (كما كانت تريد القوي الأخري, الأكثر راديكالية) فضلا عن قبولهم لمضمون التعديلات الواردة فيه, الأمر الذي أثار هواجس وشكوكا مشروعة حول اتفاق أو صفقة بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والإخوان المسلمين, خاصة في ضوء تركيبة لجنة تعديل الدستور التي ضمت القيادي الإخواني السيد صبحي صالح.
وفي واقع الأمر, فإن كل القوي الأخري كانت تدرك جيدا أن المسار الذي أتبعه المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي اتسم بالتعجل, لم يكن في مصلحة القوي السياسية التي تمخضت عنها الثورة والتي لم يكن عمرها يتعدي بضعة أشهر, والتي وجدت نفسها في منافسة إنتخابية شرسة مع قوي وتيارات لها عقود طويلة في الحياة المصرية السياسية والاجتماعية!
ولذلك فإن نتيجة الانتخابات العامة لم تنطو في الواقع علي مفاجأت فيما يتعلق بالإخوان, وأن حملت مفاجأة النجاح الذي أحرزه السلفيون, الذي فاق التوقعات المسبقة له.
وبذلك أتي مجلس الشعب بصورته الراهنة, ذات الأغلبية الكاسحة للتيار الإسلامي السياسي (الإخواني السلفي), (ما يقرب من 70%) والتي تجعل له سيادة شبه مطلقة علي قرارات وتشريعات المجلس. ومن المؤكد أن ذلك التيار يري في تلك الثورة التي حدثت في تركيبة مجلس الشعب, أفضل ترجمة لشعار الشعب يريد تغيير النظام!
غير أن تلك بالقطع لم تكن هي وجهة نظر القوي الأخري (الثورية) التي اعتصم بعض رموزها بالميدان عوضا عن البرلمان, وتجنبت طريق الانتخابات لمصلحة المظاهرات والاعتصامات. وزاد من تلك العزلة أو ذلك الانفصام حقيقة أن رموزا قليلة معدودة من الثوار هي التي استطاعت أن تنفذ إلي البرلمان, مما يضع حدودا علي وصف البرلمان بأنه برلمان الثورة, اللهم إلا بمعني أنه البرلمان الذي انتخب في ظروف ما بعد الثورة!
إن هذه الثنائية بين القوي الرسمية والقوي الثورية هي التي تفسر إلي حد بعيد الاحتكاكات والمصادمات التي وقعت بين الجانبين في المواقع المعروفة سواء في القاهرة (في مناطق ماسبيرو, الشيخ ريحان, ومحمد محمود, وأمام مجلس الوزراء.. وفي التحرير والعباسية... إلخ), وفي الإسكندرية أو غيرها من المدن أو عواصم المحافظات. وليس غريبا في هذا السياق أن الحضور الإخواني أو السلفي في تلك الوقائع كان منعدما أو نادرا, ليس فقط بسبب الاعتراض علي تلك الممارسات, وإنما بالقطع بسبب الإنشغال بما هو أهم, أي: الوصول إلي البرلمان!
غير أن الأهم من ذلك, هو أن التوترات والتقلصات التي يتسم بها المشهد السياسي المصري, لا ينتظر أن تنتهي بسرعة أو بسهولة طالما ظلت القوي الثورية مستبعدة كليا أو جزئيا من التأثير الحاسم في مجريات العملية السياسية. وإذا أردت هنا أن أرسم صورة عامة لوضع تلك القوي في اللحظة الراهنة, يمكن القول أنها كلها مهتمة بالدرجة الأولي بإخراج المجلس العسكري من المشهد السياسي وعودة الجيش إلي ثكناته واعفائه من أعباء وعواقب الإحتكاك اليومي بالمواطنين, الذي يسيء إلي صورته الإيجابية لدي الشعب. غير أن البديل الذي تطرحه تلك القوي ليس واحدا! ويمكن هنا أن نميز بين توجهين واضحين: التوجه الأول, هو التطلع إلي البرلمان باعتباره السلطة السياسية الشرعية المنتخبة الوحيدة القائمة حاليا, ومناشدته تشكيل حكومة مؤقتة أو حكومة إنقاذ وطني! تتولي هي علي الفور استكمال المهام المفترضة للمرحلة الإنتقالية, أي: انتخابات الشوري, ووضع الدستور, وانتخاب رئيس الجمهورية بكل ما يستلزمه ذلك من تشريعات وقرارات.
ولا أعتقد أن مجلس الشعب, بتركيبته الحالية يمكن أن يستجيب لذلك الضغط, لسببين: الأول, أن تشكيله حكومة سوف تكون إخوانية أو ذات أغلبية إخوانية بالضرورة- تأخذ علي عاتقها إدارة شئون البلاد في اللحظة الراهنة ينطوي علي تحد وعبء كبيرين لأسباب لا تخفي علي أحد, وربما كان اهمها ضخامة المهام المطلوب انجازها علي مختلف الأصعدة, وعلي رأسها النمو الاقتصادي, والتفاوت الطبقي والاجتماعي, وتدهور السياسات العامة.. وفي مقدمتها: التعليم, والإسكان, والصحة... إلخ! والسبب الثاني أن الإخوان المسلمين, الذين يسيطرون علي المجلس, لن يغامروا علي الأغلب- بقرارات قد لا يرضي عنها المجلس العسكري أو تعني استبعاده مبكرا بشكل أو بآخر.
أما التوجه أو الاختيار الثاني لدي القوي الثورية, والذي أعتقد أنه أكثر اتساقا مع مسارها, فهو التقدم نحو إصلاح الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه منذ 11 فبراير, والعمل علي بلورة قوة ثورية شعبية تجسد وتجمع وتوحد كل القوي الثورية التي تفككت وتشرذمت سواء علي مستوي الشباب أو علي مستوي الحركات والأحزاب السياسية. وأنا هنا لا أتحدث عن حزب الثورة.. وإنما ما هو أكبر من ذلك وأوسع! وهو أمر ليس بغريب علي التاريخ المصري: ألم يرفض سعد زغلول الأحزاب وأعتبر أن الوفد هو الأمة؟ مثلما رفض عبدالناصر الأحزاب لمصلحة تحالف القوي الشعبية؟ وذلك حديث آخر.
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.