وسط حالة من الفوضى الشاملة ومع انزلاق العراق نحو التشرذم والحروب المذهبية، كان رئيس الوزراء العراقى المنتهيه ولايته نورى المالكى يصر ويتمسك بالاستمرار فى منصبه لفترة ولاية ثالثة، ويبدو أن المالكى الذى تحول إلى أحد مسببات الأزمة المحتدمة فى بلاد الرافدين، وكان تشبثه بالسلطة أحد مسببات الثورة فى المحافظات السنية قبل أن تستولى عليها تنظيمات داعش الإرهابية، سيبقى لفتره من عوامل عدم الاستقرار فى هذا البلد صاحب أكثر وأكبر الأزمات. فالعراق الآن، ورغم تكليف حيدر العبادى بتشكيل الحكومة الجديدة، ليس من السهل عليه تجاوز أزماته السرطانية التى تفرخ يوميا أو القضاء عليها لأسباب تعود إلى الأسس المختلة التى بنيت عليها العملية السياسية العراقية والتى هى جوهر ما يمر به العراق من كوارث ومآس يومية. وإذا نظرنا إلى المالكى فقد كان له ولرجاله الدور الأكبر فى تكريس حالة الاحتقان التى فجرت الأوضاع ومهدت الأرضية لتمدد داعش على الأرض وخلق بسياساته الحاضنه الاجتماعية فى أوساط العرب السنه بالرغم من أنه أضاع فرصة القضاء على القاعدة فى عامى 2007و2008 على يد العرب السنة، إلا أنه مارس أبشع صور الاقصاء والتهميش والقتل ضدهم مع القطيعة مع الأكراد وهو ما جعل من داعش الخيار المتاح أمام الكثير من العرب السنه لتعود داعش والقاعدة الى ذبح العرب السنة وغيرهم مثلما فعلت القاعدة، بل إن ما يسمى الدولة الاسلامية ذبح الكثير من القيادات من المقاومة التى قاومت الاحتلال الامريكى والفصائل المسلحة التى تحالفت معها فى البداية سواء فى كتائب ثورة العشرين أم الطريقة النقشنبدية بل والكثير من قيادات البعث الذين لم يصل إليهم الأمريكان أو حكومة المالكى، وهو ما جعل من الواقع فى المحافظات العريية السنية أكثر مأساوية، بل إن عمليات التصفية وضمن الحرب المذهبية طالت العرب السنه فى المحافظات الأخرى سواء فى البصرة أو غيرها كرد فعل على المذابح التى تعرض لها أبناء تلك المحافظات على يد داعش فى الموصل وتكريت وغيرها ضمن مسلسل الذبح الممنهج من الجميع ضد الجميع والذى كان للمالكى اليد الطولى فيه بطرق مباشرة أو غير مباشرة. إن رحيل المالكى من المشهد الدموى العراقى لا ينفى مسئوليته ولا ينهى دوره فالرجل الذى جعل من الجيش العراقى صاحب التاريخ المشرف جيشا للميليشيات والقتلة يتحكم ويترأس الكثير من المنظومات الأمنية المعلنة وغير المعلنة والتى يعرفها المتابعون ومسألة تفكيك هذه الأجهزة وفك قبضة المالكى عنها هى بداية فى طريق طويل وشاق لابد أن يبدأه العبادى الذى يدرك ويعى أن الوضع لا يتحمل أى صفقات أو حصانات للمالكى أو غيره ممن مارسوا القتل.