فى مكتبتى عدة رفوف تحمل اسم «رجائى عطية» لسلسلة مؤلفاته التى تكرم بإهدائى إياها وتزيد على 50 كتابا تتنوع بين الفقه الدينى المستنير والفقه القانونى الرصين والرؤية السياسية الواعية للشأن العام المصرى ولكننى وقفت متحيرا أمام كتاب أخير تلقيته بحثا عن رف جديد وتصنيف جديد فهذا هو أول كتاب عن رجائى عطية دون أن يخط الرجل كلمة واحدة فيه. الكتاب تحت عنوان «رجائى عطية فى عيون مصرية» من إعداد الأستاذ عادل عبد الصمد رئيس تحرير الهلال الأسبق وتقديم الأستاذ محمد حسنين هيكل وبمشاركة حشد هائل من كبار الكتاب والمفكرين بينهم من رحل عن دنيانا وأغلبهم مازالوا نجوما ساطعة فى المشهد الثقافى وجميعهم أنصفوا رجائى عطية ووضعوه فى المكانة اللائقة به من خلال كتابات وحوارات نشرت على مدى يزيد على 20 عاما متصلة وهو ما يعكس حجم الجهد الجبار الذى بذله الأستاذ عادل عبد الصمد فى صناعة هذه التوليفة المتناغمة. والحقيقة أن من يتابع مسيرة المحامى القدير رجائى عطية يكتشف على الفور أنه مفكر من طراز فريد وليس مجرد مساهم فى الشأن العام وينطبق عليه ما قاله هو شخصيا ذات مرة فى إحدى مقالاته الشهيرة قبل سنوات: «إن التأمل ليس صناعة عموم البشر فإطالة تقليب الفكر هو زيادة فى سلامة العقل وحريته». وقد اكتسب رجائى عطية قيمته الفكرية من اقتدائه برائد التنوير الشيخ محمد عبده حيث اعترف بذلك فى كتابه المعروف «بين شجون الوطن وعطر الأحباب» عندما قال بالحرف الواحد» إن الشيخ محمد عبده «الأستاذ الإمام» «كان مطبوعا على عبقرية الإصلاح وعبقرية التعليم وربما كان إدراكه عميقا أن الإصلاح لا يتحقق إلا بالتعليم وأن إنارة العقول لاكتساب القدرة على الفهم لا تكون إلا بالتعليم وتدريب العقل على النظر والتفكير». ولم يكن من قبيل المجاملة فقط أن يقول الأستاذ محمد حسنين فى مقدمة هذا الكتاب: «تحتاج قصة رجائى عطية أن تكتب كاملة وأن يجاب فيها على كل سؤال وأن تلقى مساحات الضوء بالتساوى على كل المواقع». ورأيى المتواضع أننا أمام رجل متعدد المواهب واسع المعرفة غزير الثقافة له فكر مستنير وسيظل دوره فى التمهيد لثورة 30 يونيو عنوانا متفردا لرجل متفرد! خير الكلام: كل صداقة تقوم على الاحترام مضمون لها الدوام ! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله