هاتفنى أستاذى المحامى الشهير والمفكر الإسلامى المجتهد رجائى عطية، رافضاً شعار تنقية البخارى أو تعديله أو تصحيحه الذى يرفعه البعض، وقال رأياً له وجاهته وأهميته، وهو أننا يجب أن نترك كتاب البخارى كما هو دون تعديل أو تنقيح كما نترك أى كتاب تراث إسلامى أو عربى، فصحيح البخارى ملك الزمن والتاريخ ولا نستطيع - نحن - أن نأتى لننقح ونعدل ونبدل، وليأخذ من يأخذ منه وليرد ويرفض من يرد ويرفض، ولكن الكتاب فى النهاية محفوظ كتراث، وأنا مثل الأستاذ رجائى لا أطالب بشطب أو إضافة أو تعديل أو تغيير للكتاب، ولكنى أطالب بتعديل وتغيير منهج تعاملنا مع الكتاب، تعديل وتغيير عقولنا المرتعشة أمام مناقشة ما هو داخل الكتاب. إن البعض قد ساوى بين البخارى والقرآن فى القداسة، والبعض اعتبر أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والبعض يرفض أن يناقش المتن مادام مقتنعاً بالسند. . وهنا تحدث المشكلة، فيلجأ من يجد فى حديث البخارى تناقضاً مع العلم الحديث إلى اختراع تبرير عجيب، وهو أن العلم حتماً ولو بعد ألف سنة سيثبت صدق البخارى!!، وهو تبرير خطير ولعبة غير مضمونة، الأسهل منها والأكثر أماناً وإقناعاً وإنقاذاً للعلم والدين أن نقول إن مضمون الحديث مثلاً كان يتناسب مع معتقدات المسلمين وقناعاتهم العلمية البسيطة آنذاك، وعندما نجد أحاديث عن الحجامة أو الذبابة، أو أن التمر يشفى من السم.. إلخ، نأخذها على أنها معتقدات بنت زمانها وبيئتها، ويجب ألا تمتد لأكثر من ذلك حتى لا نقع فى فخ التبرير المحرج الذى يجعل عنادنا فى إثبات صحة هذا الكلام محط انتقاد وطعن فى الدين نفسه. صوت الأستاذ رجائى عطية المستنير همس وسط صراخ وضجيج من دعاة يتهمون من يناقش، مجرد نقاش أى حديث فى البخارى، بالردة والكفر، وسيندهش الأستاذ رجائى عندما يقف مدافعاً عمن اتهمهم هؤلاء بالكفر نتيجة إنكارهم حديث الذبابة أو حديث سحر النبى أو فقأ النبى موسى لعين ملك الموت أو غروب الشمس تحت العرش، أو أنه لن يبقى على ظهر الأرض بعد مائة سنة نفس منفوسة أو أن طول سيدنا آدم ستون ذراعاً برغم مخالفة علم الحفريات لهذا الكلام.. إلخ. وأريد من الأستاذ رجائى عطية بفكره واجتهاده وممن مثله أن يقدموا منهج عمل أو مانيفستو تعامل أو دستور تفكير لكيفية تناول أحاديث البخارى، وهل مناقشة المتن ليست لها أهمية، وهل صحيح البخارى لايمكن أن يناله أى خطأ، وهل مناقشة هذه الأحاديث ووضع بعضها تحت منظار العلم الحديث يعتبر عدم احترام لجهد وورع وتقوى البخارى وهدماً لركن من أركان الاسلام، وهل الشيوخ العظام والفقهاء الكبار الذين راجعوا واستنكروا بعض الأحاديث هم خارجون على صحيح الدين، منهم مَن سبق البخارى مثل الإمام أبوحنيفة الذى رفض أحاديث ولكن البخارى جاء بعده وأوردها، ومنهم من جاء بعد البخارى بسنوات عديدة مثل الشيخ محمد الغزالى - الأزهرى الذى تم تأليف 14 كتاباً للهجوم عليه عندما انتقد بعض أحاديث البخارى، أما ما فعله الأزهر بالشيخ أبورية الأزهرى الذى خلعوه وصادروه عندما انتقد بعض أحاديث أبوهريرة فيشيب لهوله الولدان؟! لا لتعديل وتنقية البخارى.. نعم لتعديل وتنقية العقول. [email protected]