إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا أبي الحبيب لمحزونون ... أكتب في السطور التالية عن صديقي الوفي ، أخي الكبير، سندي في الدنيا ، ومرشدي في كل أمور حياتي. أكتب عن مصدر الدعاء والبركة ، عن القلب الطيب المسامح المعلق بالمساجد ، أكتب عن أبي الحبيب حمدي محمد إبراهيم الذي رحل عن دنيانا تاركاً حبه في قلوب بناته وعائلته وأصدقائه وكل من تعامل معه . أبي الغالي .. رحيلك آلمني وأوجعني أشد ما يكون الوجع، وأحاول أن أستعيد قواي ونفسي منذ رحلت عنا ومازالت المحاولات تبوء بالفشل، فحزني عليك عظيم أيها الرجل الطيب . آه أيها الموت ، أعلم أنك الحقيقة الوحيدة علي الأرض ، ولكنك مؤلم عندما تفرقنا عن أغلي الأحباب وأعز الناس.. اللهم لا اعتراض علي قضائك .. اللهم أني راضية بحكمك وأدعوك يا ربي يا حنان يا منان أن ترزقني وأهلي وكل من فقد عزيز عليه الصبر والثبات علي ألم الفراق. يا أغلي الأحباب .. إن" إبنة عمرك" كما كنت تلقبني أحرقها فراقك المفاجئ وآلمها غيابك ودمعها لم ولن يجف، فسامحني يا أبتٍ فالأب لا يعوض أبدا ! وأقول لك أن الجميع من حولي تمني أن ينال خاتمك الجميلة ، في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم وفي ليلة وترية، وأنت واقف علي قدميك ، خرجت روحك العطرة أمام عيني آمنة مطمئنة إلي ربها، وكأن الله سبحانه وتعالي قد استجاب إلي دعائك وتوفاك في رمضان كما كنت تتمني دائما ، أتدري لماذا؟ لأنك أطيب الناس ، لأنك تحمل قلباً من ذهب يسامح الجميع و يغفر لهم، لأنك لم تؤذ أحدا بالقول أو الفعل، بل كنت دائما مسامحاً حتى في حقوقه، وكان قلبك معلقاً بالمساجد والصلاة. لم تكن والدي فقط ، بل كنت شريكي في كل نجاح حققته في حياتي، فمازلت أتذكر سعادتك وفرحتك الغامرة بنجاحي في الثانوية العامة ودموع الفرح التي كانت تسبق لسانك وأنت تخبرني بالنتيجة وبأنني رفعت رأسك بين زملائك وأصدقائك. كما كنت كاتم أسراري وسندي الذي كان أجده حاضرا بجواري في كل الظروف الصعبة، مازلت أذكر محاولاتك الصادقة لكي تقوي من أزري وتشحذ عزيمتي وتمدني بطول النفس والهمة والحماسة، وكيف لم تسمح يوما لليأس أن يتسلل إلي نفسي أو يتملكني ، وكيف كنت تدفعني للنجاح وتسعد سعادة بالغة بتقدمي في عملي، وتتابع باهتمام وشغف أحوال بناتي وشئون دراستهما، وتبذل كل ما في وسعك لمساعدتي في كل أمور حياتي. واليوم أنا وحيدة بدونك رغم كل من حولي من أقارب وأصدقاء، أحاول استعادة قواي ليس حبا في الحياة بل من أجلك أنت ، من أجل أن أفي بوعدي لك وأحقق أحلامنا وطموحاتنا التي طالما كنا نحلم بها معنا، وفرحنا بتحقيق البعض منها معنا. بابا.. ما أعذبها من كلمة سأشتاق إليها، وبرغم الرحيل ستظل حياً في قلبي، وستظل روحك الطاهرة العطرة تظلل عليً وترافقني في ما تبقي من عمري، وسأظل أشعر بدعائك لي بالصلاح والفلاح الذي كنت تغمرني به كل يوم في اتصالنا اليومي. أعدك أيها الغالي بأنك ستظل حيا في ذاكرتي إلي الأبد بالدعاء الذي لن يتوقف ، وبالصدقة الجارية التي سترفع بإذن الله من درجاتك وتزيد ميزان حسناتك عند الكريم الرحمن الرحيم. وداعاً يا أعظم أب وأعز أخي وأوفي صديق .. وداعاً يا أطيب قلب .. وداعاً يا أبي الحبيب