رغم أي شيء وقبل أي شيء هناك حقيقة لا يمكن أن يجادل فيها أحد بأن إسرائيل سوف تدفع ثمنا باهظا لسياستها الحمقاء التي كشفت حقيقة عدم مصداقية قبولها للسلام واستمرار منهج القصف والقتل والتدمير والتهجير والاستيطان والتوسع كعنوان لاستراتيجية التعامل مع الشعب الفلسطيني تحت وهم الاعتقاد بقدرة الآلة العسكرية المدعومة أمريكيا علي تركيع الشعب الفلسطيني. إن ما يجري في قطاع غزة من مجازر وحشية أكبر من أن يكون عقابا لحماس أو طلبا لتدمير الأنفاق ونزع سلاح المقاومة ولكنه عنوان لاستيقاظ أسطورة الأرض الموعودة التي لا تحدها حدود بعد أن كانت هذه الأسطورة قد سقطت وتحطمت تحت أقدام قوات العبور في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. وإذا كانت إسرائيل تراهن مرحليا علي هشاسة وترهل وتفكك النظام العربي وتشعر بالاطمئنان نتيجة تخاذل المجتمع الدولي وانكشاف نفاقه المفضوح فإنها تتجاهل أن دفع الفلسطينيين إلي اليأس قد يضع إسرائيل والمنطقة بأسرها علي شفا الهاوية. والأمر المؤكد أن أمريكا شريك أساسي في دفع الأمور باتجاه أخطار فادحة لن تنجو هي ولا مصالحها في المنطقة من خطر قادم تتوفر أسبابه ليس فقط في جحيم قطاع غزة الذي يعيد إلي الأذهان مشاهد التفجير النووي في هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية وإنما في توازي ما يحدث في قطاع غزة مع التنامي الملحوظ لفصائل الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا. لقد انكشفت حقائق كثيرة وسقط القناع عن كل أكاذيب الترحيب الأمريكي بأكذوبة الربيع العربي التي لم تكن سوي فخا منصوبا ببراعة لتوجيه طاقات الغضب والاحتجاج المشروعة في العالم العربي صوب أهداف ومقاصد لا تخدم في نهاية المطاف سوي أمريكا وإسرائيل... أتحدث عن أمريكا التي تنتقد عدوانية إسرائيل بلطف وتزعم مساندتها لوقف إطلاق النار ثم تعلن في الوقت ذاته عن تزويد إسرائيل بكميات إضافية هائلة من الذخائر والمعدات العسكرية... ويقال لنا أن هذا الدعم لا يحتاج إلي موافقة الكونجرس لأنه من رصيد المخزون الاحتياطي الأمريكي الموجود للطوارئ فوق الأراضي الإسرائيلية ليستخفوا بعقولنا! خير الكلام: من لم ينفعه ظنه لم تنفعه عينه! http://[email protected]