نشرنا قبل بدء شهر رمضان المبارك تقريرا صحفيا عن مهرجان القاهرة السينمائى، كان اساسه الاستقالة المسببة التى تقدم بها محمد يوسف مدير عام المهرجان الذى كان يعمل فى الوقت نفسه مدير المكتب الفنى لوزير الثقافة. وارتكزت الاستقالة على اعتراضات مدير عام المهرجان على طريقة ادارة رئيس المهرجان لعدة أمور مالية، وتحديدا الاعتراض على دفع مكافآت اضافية للوحدة الحسابية لمكتب وزير الثقافة لاعتماد الجزء الأول من ميزانية المهرجان، بالاضافة للاعتراض على عدم إتخاذ الاجراءات القانونية السليمة فى بيع أثاث المهرجان الذى تم بيعه لعدد من العاملين بالمهرجان بدون مناقصة محدودة مثلا او لجنة تقييم للأثاث وتحديد اذا ما كان هالكا أم لا، وانصب الاعتراض الثالث على امضاء رئيس المهرجان على الشيكات بدون مذكرات مالية تفسيرية يوافق عليها مدير المهرجان بإعتبار رئيس المهرجان قد منح له هذا التفويض من قبل. استطلعنا راى الناقد الكبير سمير فريد رئيس المهرجان بهذه الاتهامات قبل نشر تقريرنا فرفض التعليق بالتفصيل وقال أنه حول الموضوع برمته للمستشار القانونى للمهرجان. وامتلئى البيان الصحفى الذى نشرناه بانتقادات للادارة السيئة لرئيس المهرجان مستندين على معلومات ومشاهدات اخري. بعدها بثلاثة ايام أرسل رئيس المهرجان للصحف ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة بيانا توضيحيا على ما ورد بالأهرام وذكر فيه ان رده هذا على ما جاء بالأهرام تحديدا. والحقيقة أن هذه واقعة غير معتادة من صحفى مخضرم مثل رئيس المهرجان، فالتقاليد والأعراف الصحفية تقول أن الرد يرسل عادة الى الجريدة التى نشرت الموضوع الصحفى، واذا رفضت الجريدة النشر يلجا صاحب الرد الى جريدة أخري. لكننا بالأهرام لم يصلنا أصلا شىء من رد سمير فريد المرسل لكل الصحف. ونقول رد سمير فريد لاننا علمنا من مصادر موثوقة أن رئيس المهرجان هو الذى جهز الرد بنفسه ولم يترك الأمر للمكتب الصحفى للمهرجان أو للمتحدث الصحفى الرسمي. والشائع ايضا فى المهرجانات العالمية ان تصدر المهرجانات بيانات لتصحيح بعض المعلومات بدون أن تذكر أنها موجهة ردا على جهة ما. فلم نسمع ان مهرجان كان أصدر بيانا للرد على جريدة لوموند أو مهرجان برلين أصدر بيانا للرد على دويتش فيله. والغريب أن رئيس المهرجان لم يصدر بيان رسمى للرد على استقالة مدير المهرجان المنشورة بالصحف لكنه رد علينا نحن. والغريب اكثر أن رد رئيس المهرجان على ما نشرناه بالأهرام مليئ بالمعلومات غير الصحيحة و العديد من المغالطات.فقد جاء فى البيان أن توقيع شيكات المهرجان بمقتضى قرار وزير الثقافة رقم 581 لسنة 2013 لرئيس المهرجان والمشرف المالي، وليس لثلاثة أشخاص وأن تفويض أى موظف لا يعنى سحب حق من فوضه. وهذه مغالطة فلم يقل مدير المهرجان أن ليس من حق رئيس المهرجان إصدار الشيكات لكنه نبهه إلى أنه لا يرجع اليه كنوع من أنواع إتخاذ الاجراءات القانونية السليمة والمتدرجة بدلا من اتخاذ قرارات منفردة غير محصنة قانونيا. الشيك ثم يضيف فريد فى بيانه أنه لم يتم بيع أى من أثاث مقر المهرجان، وإنما تم إهلاك عدد من المقاعد فى إطار قرار لجنة الإدارة تجديد المقر. البيع ثابت على مرأى ومسمع من موظفى المهرجان وتم البيع لعدد منهم، أما الإهلاك فهو السبب. وفى كل الحالات هناك اجراءات يجب اتباعها من تشكيل لجنة لتحديد هل هو اهلاك ام لا او عمل مزاد او مناقصة محدودة ، لكن هل يعقل أن يرى رئيس المهرجان ان الاثاث قديم فيقرر بيعه هكذا؟ ثم يقول البيان أن إدارة الحسابات بمكتب وزير الثقافة لم تطلب ولم تحصل على أى مكافآت مقابل تسوية الدعم المخصص للمهرجان من وزارة المالية عبر وزارة الثقافة. وهذا أيضا غير صحيح فالشيك الذى يؤكد صرف مكافآت إضافية لإدارة حسابات بمبلغ 16 الف جنيه موجود بمكتب وزير الثقافة ومعه شيك بالف وستمائة جنيه قيمة ضرائب المبلغ. ثم يضيف بيان سمير فريد أنه ليس مستشار مهرجان الاقصر. وهذا غريب حقا، فكل الملفات التى قدمها سيد فؤاد رئيس المهرجان للجهات الرسمية بالدولة فى أولى دورات المهرجان تقول أن سمير فريد هو مستشار المهرجان. بالاضافة إلى ان اللقاءات بينهما لمناقشة أمور المهرجان هى لقاءات معلنة وبها الكثير من الشهود. ثم يقول فريد أن سيد فؤاد انضم لوفد مهرجان كان لانه مدير برنامج آفاق للسينما العربية الذى تقيمه نقابة السينمائيين وأن النقابة دفعت تكاليف تذكرة سفره. الحقيقة هى أن نقابة السينمائيين لم تطلب سفر سيد فؤاد لمهرجان «كان»، والمؤكد هو ان إدارة مهرجان القاهرة برئاسة فريد هى التى دفعت لسيد فؤاد تكاليف الاقامة. أما تكاليف تذكرة السفر، فالصحيح فى الأمر أن نقابة السينمائيين إتفقت مع سيد فؤاد على تقاضى 30 الف جنيه كأجر الاشراف على برنامج افاق السينما العربية، ثم أصرت على خصم خمسة آلاف جنيه قيمة تذكرة السفر الى كان من المبلغ. ثم ينفى فريد فى بيانه أنه لم يقل أن مهرجان القاهرة كان فاشلا طوال تاريخه. ولا أعرف هل من الممكن لفريد أن يمحى تسجيلات المؤتمر الصحفى الذى أقامه يوم 6 مارس الماضي، وملأه بمعلومات مغلوطة وغريبة عن المهرجان منها أن النجوم العالميين الذين حضروا لمهرجان القاهرة جاءوا بسبب وجود أفلام اسرائيلية بالمهرجان، وهذا طبعا لم يحدث اطلاقا. وقال بالمؤتمر الصحفى للمهرجان أنه على الرغم من تاريخ المهرجان وعدد الدورات التى تم تنظيمها، إلا أن سمعة المهرجان سيئة للغاية ولا يعرفه أحد مقارنة بباقى مهرجانات العالم. ألم يذكر فريد أن كمال الملاخ اغتصب لنفسه جائزة عندما كان رئيس المهرجان، بدلا من ذكر محاسن الرجل باعتباره مؤسس المهرجان؟ ثم ادعى فريد فى بيانه أن المدير التنفيذى للمهرجان عام 2012 قد استقال. و هذا غير صحيح جملة وتفصيلا، لأن المدير التنفيذى استمر فى عمله حتى آخر أيام المهرجان على مرأى ومسمع من الاعلاميين والسينمائيين. ثم يدعى فريد أن هذه الاستقالة المزعومة دليل فشل دورة 2012. وهذا منطق غريب. فاذا قسنا الأمر بناء على ذلك، تكون استقالة مدير عام المهرجان محمد يوسف دليلا على فشل دورة 2014 التى يرأسها فريد. ملامح البرنامج ثم ينتهى بالبيان بقوله انه لا يوجد مهرجان فى العالم يعلن عن كل ضيف بمجرد قبول الضيف الدعوة، أو عن كل فيلم بمجرد موافقة شركة التوزيع على عرضه. وناهيك عن الصيغة المطلقة التى تدعى المعرفة بكل مهرجانات العالم، لكننا بتقرير الأهرام لم نطلب من مهرجان القاهرة بأن يعلن لنا عن كل ضيف وكل فيلم يحصل على موافقته، لكن على الاقل ينشر بعض ملامح البرنامج وأهم الضيوف تماما كما تفعل مهرجانات العالم الكبري، التى تعلن بانتظام عن الاهم فى برامجها قبل عدة شهور من انعقادها. ومهرجان القاهرة فى ادارته تلك سبق له أن اعلن عن اشتراك الفيلم الاماراتى نجوم فى مسابقته وحضور المخرج الألمانى شلندورف ضمن ضيوفه. بالاضافة لاعلان المخرج أحمد ماهر أحد قيادات المهرجان فور عودته من مهرجان «كان»، أن مهرجان القاهرة دعا صوفيا لورين والمخرج التركى نورى بلجى سيلان للمهرجان. وان المخرج أتوم اجويان قال انه ربما يحضر المهرجان عام 2015!! رفض النقد وبعد، فما يسمى بالبيان الذى اصدره المهرجان ليس غريبا. فهو نابع من نفس الذهنية التى ترفض النقد وتنكر الحقائق أو تصيغها على هواها. ويهمنا القول هنا، أننا لسنا فى حالة سجال مع الإدارة الحالية لمهرجان القاهرة السينمائي، فنحن نكن الكثير من التقدير لسمير فريد كناقد ومؤرخ كبير. لكن من حقنا تقييم أدائه كرئيس للمهرجان. وقد ظللنا شهورا طويلة لا نكتب عن المهرجان منذ توليه المسئولية، حتى بدأت الأخطاء والتجاوزات فى الانفجار، بما يهدد أننا سنكون بصدد واحدة من أسوأ دورات مهرجانات القاهرة السينمائى ناهيك عن الامثلة السيئة التى تضرب الادارة مثل عدم تقبل النقد، أو تولية المناصب للاصدقاء أو لغير المتخصصين، أوالإنفراد بالقرارات الادارية والمالية والفنية مع إعطاء الانطباع بأن لجنة ادارة المهرجان أو العاملين قد شاركوا بالقرار. وهناك الكثير والكثير مما يستحق الذكر.وسيأتى ذكره بموعده. أما الجديد، فهو تعيين د خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما مديرا عاما للمهرجان، وياسر شبل رئيس قطاع الشئون الادارية بالوزارة كمدير مالى وادارى للمهرجان. فناهيك أننا لا نعرف ما هى تفاصيل عمل المدير العام تحديدا، لكن عبد الجليل نفسه قد عبر لنا أكثر من مرة أن هذا ليس مكانه وليس تخصصه العمل المهرجاني. بالاضافة إلى أن هذا هو مسلسل لاستمرار تولى مسئولو وزارة الثقافة المناصب الفنية بالمهرجانات والاعمال المتخصصة، مثل تولى رئيس المركز القومى للسينما رئاسة مهرجان الأسماعيلية. وكأن الكفاءة والمعرفة بالتخصص يرمى بها فى عرض البحر لارضاء موظفو الوزارة الكبار. أضف الى ذلك استقالة الناقد الكبير على ابو شادى من ادارة برنامج مسابقة الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة ومعه فريقه المخرج شريف البندارى والناقد أحمد شوقى. مما يؤكد فشل رئيس المهرجان فى التعامل مع شخص وراء الآخر لا يتفق مع ما يريد. منذ اصطدامه مع لجنة الادارة فقام بتغييرها، حتى استقالة المدير العام وماتلى ذلك من أحداث. مهرجان يغرق مهرجان لم ينجح فى الحصول على دار الأوبرا للإفتتاح ولم يعلن عن مكان إفتتاحه، ولم يحصل على أفلام مهمة حتى الان، ولا سيدعو اى نجوم عالميين. مهرجان إستبعد عددا ضخما من العارفين بالعمل المهرجانى العالمى وأقصى الكفاءات الوطنية للانفراد بتمكين (الشلة)، مهرجان الغى سوق المهرجان بدلا من تطويرها. ماذا ننتظر اذن لنقول أن الادارة فاشلة ؟ والسؤال: هل سيترك وزير الثقافة د جابر عصفور مهرجان القاهرة السينمائى يغرق بسبب ايمانه بسمير فريد كناقد كبير، ام أنه سيتخذ القرارات الصحيحة التى يحافظ بها على مصلحة السينما المصرية والوطن ككل؟