قبل نحو عامين، شهدت منطقة سوق الخان بمدينة طنطا (إحدى أشهر الأسواق التجارية الشعبية بمحافظة الغربية) حريقًا هائلا، أتى على جميع الأكشاك العشوائية للباعة الجائلين بالمنطقة، بالإضافة إلى شركة بيع المصنوعات المجاورة لها، الأمر الذى وضع المسئولين أمام تحد بالغ، وهو توفير أماكن أخرى للباعة الجائلين، والحفاظ على «أسواق الفقراء» التى يلجأ إليها البسطاء ومحدودو الدخل، فى ظل لهيب الأسعار الذى يكتوى بناره الأغنياء والفقراءمعًا. وفى عجلة من الأمر، ودون دراسة، تم بالفعل إنشاء نحو 400 محل من الصاج، فى منطقة نائية أمام محطة السكة الحديد، ولا تتجاوز مساحة المحل الواحد مساحة مقبرة على وجه الأرض، إلا أن هذه الأكشاك بدلا من أن تكون مأوى لهؤلاء الباعة، ومستقرًا لسوق جديد، صارت منفى لهم، وطاردة لهؤلاء الفقراء، مما دفع أصحاب هذه المحال إلى تركها، والعودة مرة أخرى إلى منطقة الخان، وشارع البورصة، والمنطقة المحيطة بالمسجد الأحمدي، وهو ما أعاد الفوضى والإشغالات لهذه المناطق، ولم تُجْدِ مطاردات شرطة المرافق لهؤلاء الباعة فى الشوارع، كما عادت شكاوى السكان وأصحاب المحال، دون أدنى اهتمام من المسئولين بالمحافظة عن إيجاد حلول واقعية لمشكلة «أسواق الفقراء». يؤكد أبو زيد حسن، وجابر شعبان (من باعة سوق الخان الجديد) أن الباعة الجائلين أذعنوا لقرارات المحافظة، واستقروا بهذا المكان المهجور، إلا أنهم عانوا الأمرّين، بسبب عدم وجود «صَرِّيخ ابن يومين» (على حد تعبيرهما) وبعد أن كانوا يعودون إلى أولادهم بالرزق الوفير، أصبحوا لا يجدون قوت يومهم. وأضافا أننا شكونا ل «طوب الأرض»، ولكن لم يسأل عنا أحد، مما دفع هؤلاء الباعة إلى ترك محالهم وغلقها، والعودة إلى أماكنهم بشارعيْ: الخان والبورصة ومنطقة المسجد الأحمدي، وعادت من جديد مشاجرات أصحاب المحال معنا، مما جعل حملات شرطة المرافق والإشغالات «عرض مستمر». ويطالبان بضرورة تدخل اللواء محمد نعيم، محافظ الغربية، وتوفير أماكن مناسبة لهذه الأسواق الشعبية المهمة. ويضيف أسامة عوف (أحد ساكنى منطقة سوق الخان) أن عودة الباعة الجائلين إلى المنطقة مرة أخرى، أعادت لأهل المنطقة الفوضى وعدم الأمان، حيث لا يستطيع مريض أن يستريح، ولا طالب أن يذاكر. من جانبه، يؤكد المهندس إبراهيم ماضي، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالغربية، أنه يجب الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة فى مجال رعاية الباعة الجائلين، وتوفير أماكن مناسبة لهم، حتى يتمكن المواطنون، خاصة محدودى الدخل، من الوصول إليهم والتعامل معهم لشراء مستلزماتهم بأسعار تناسب دخولهم. ويقترح ضرورة تبنى المحافظة فكرة «احتضان» الباعة الجائلين، بدلا من مطاردتهم فى الشوارع، بإقامة معارض لهم وسط التجمعات السكانية، وليس بعيدًا عنها، على أن يتم تخصيص شوارع محددة وأيام ومواعيد معلومة لهم لعرض سلعهم وبضائعهم الاستهلاكية. ويضيف: أرى أن يكون اليوم المناسب للباعة الجائلين ل «فرش» بضاعتهم، هو يوم الإجازة الأسبوعية للمحال التجارية، وكذلك أيام الأسواق الأسبوعية سواء بالمدن أو القرى. ويشير إلى أنه يجب فى حالة تخصيص أماكن ثابتة لهم، أن تكون قريبة من التجمعات السكنية، لتوفير وسيلة نقل رخيصة للمواطنين للانتقال إلى أماكن وجود الباعة الجائلين.