عندما تذكر الإعاقة يذكر معها التأهيل، فهما وجهان لعملة واحدة، لأن بداية علاج أى حالة مرضية خاصة بذوى الإعاقة تستلزم تأهيل المريض من الناحية البدنية والصحية فى الوقت نفسه حتى يستطيع الطبيب تشخيص المرض وإيجاد حلول له .. لذلك نتناول فى هذا الموضوع أهم العوامل الخاصة بالتأهيل الطبى والصحة النفسية. يقول الدكتور أحمد مصطفى شلبى - مستشار الصحة النفسية والإرشاد النفسى والأسرى- إنه عندما تذكر الصحة النفسية يتبادر إلى ذهن العديد من الناس علاج الأمراض النفسية والعقلية، ولا شك أن هذا شق أساسى من الخدمات التى تقدمها الصحة النفسية تختص به أفرع منها كالطب النفسى والعلاج النفسى وغيرهما، ولكن النطاق الأوسع من الخدمات يقدمها فريق الصحة النفسية للعاديين من الأصحاء ومنهم ذوى الإعاقة؛ إذ أن الهدف الأساسى للصحة النفسية أن يعيش الفرد معظم أوقات حياته فى حالة من الطمأنينة والسلام مع النفس مما يمكنه من تعرف امكاناته واستثمار قدراته بأسلوب يجعله نافعا لنفسه مفيدا لأسرته ومواطنا صالحا فى مجتمعه بل وربما مصدر عطاء لعالمه وقادرا على مواجهة ما يعترضه من مشكلات وعقبات خلال رحلة حياته. ويضيف: إن أصحاب الإعاقات فى عمومهم ليسوا بأى حال من الأحوال مرضى نفسيين أو عقليين، فهم مجموعات من البشر تعرضوا لظروف خاصة نتج عنها قصور فى عضو أو أكثر من أعضاء الجسم، مما استلزم التدخل بإحدى الوسائل أو المعينات التربوية أو الاجتماعية لجبر هذا القصور بما يمكنهم من ممارسة حياتهم والقيام بواجباتهم وخدمة أوطانهم: فكفيف البصر مثلا حالت ظروف فقد البصر دون أن يقرأ ويكتب بالطريقة العادية فتعلم الكتابة والقراءة بطريقة برايل، وتقدم الصحة النفسية العديد من الخدمات لأصحاب الإعاقات والعاديين منها: الإرشاد الزواجى لهم، ومتابعة الأسر المعرضة أكثر للإعاقة، والاكتشاف والتدخل المبكر عند حدوثها، وتوجيههم لنوع التعليم والتأهيل المناسب، واستثمار الحواس الأخرى والطاقات الكامنة واكتشاف إبداعاتهم. وهذه الخدمات وغيرها تكون أكثر فائدة مع الفئات الخاصة منها لدى الشخص العادى حيث يكون لها مردود أكبر فى تشكيل أسلوب حياته وصنع مستقبله. ويوضح الدكتور مصطفى: إن الصحة النفسية تعمل خلال 4 محاور رئيسة هى: محور علاجى للمصابين بالأمراض النفسية أو العقلية وأصحاب الاحتياجات الخاصة شأنهم شأن غيرهم من العاديين في هذا الأمر، ومحور إرشادي كلنا محتاجون إليه، ومحور تنموى يعتمد على اكتشاف وتنمية الإمكانات والقدرات الموجودة لدى الشخص، ومحور يهتم بتقديم التوعية للأسرة والمجتمع حول القضايا المتصلة بالصحة النفسية لهم وكيفية التعامل مع صاحب الإعاقة وتقديم الخدمة له. فقدان الحواس أما جانب التأهيل الطبى لذوى الإعاقة فيقول عنه الدكتور وليد نادى - باحث بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة - إنه عندما تذكر الإعاقة يذكر معها التأهيل، فهما وجهان لعملة واحدة ؛ فلا يمكن أن تكون هناك إعاقة دون أن يكون هناك تأهيل. مع العلم أن الإعاقة ليست مرضاً – كما يعتقد البعض – بل هى حالة تلازم الفرد وتستمر معه طيلة حياته، ولا يمكن الشفاء منها نهائياً بمجرد تناول الدواء، بل من خلال خطة تأهيل شاملة تنمى قدرات الفرد فى كافة الجوانب التربوية التعليمية والنفسية والاجتماعية وغيرها .والتأهيل الطبى يعد جزءاً أصيلا من تلك الخطة ، وهو محاولة استعادة أقصى ما يمكن أن تصل إليه قدرات الفرد المعاق من قدرات ، من خلال العلاج بالأدوية أو التدخل الجراحى أو العلاج الطبيعى أو علاج عيوب النطق وتنمية الحواس وغيرها . مستشفى لذوى الإعاقة ويضيف: إن ذوى الإعاقة بحاجة ماسة إلى عناية صحية فائقة ومتابعة مستمرة خاصة الحالات الشديدة ، وذلك من قبل فريق متخصص يتمتع بخبرة فى هذا المجال ولعل أبرز المشكلات التى يعانيها هؤلاء الأفراد فقدان الحواس وما يترتب عليها من مشكلات صحية وبدنية كتشوهات القلب واضطرابات الوظائف الحيوية والتشنجات العصبية ونوبات الصرع وأمراض الدم الوراثى وقصور الغدد وغيرها من المظاهر.الأمر الذى يجعل هذه الفئات بحاجة إلى عناية طبية مستمرة ومتابعة دقيقة واكتشاف مبكر؛ وذلك لإتخاذ الإجراءات الطبية المناسبة، وفيما يتعلق بواقع الرعاية الطبية لذوى الإعاقة فى مصر فهناك قصور شديد؛ ففى ظل الأعباء والظروف المادية والاجتماعية التى يعانيها معظم المصريين إلا أن هذه الأعباء تزداد بوجود طفل معاق والذى يتطلب احتياجات عدة وعلى رأسها الاحتياجات الطبية والتى تعد أكثر تكلفة ، ومنها جلسات العلاج الطبيعى والتخاطب والأدوية النفسية والأجهزة التعويضية وغيرها. ورغم ما تبذله الدولة مع جهود إلا أن معظم هؤلاء محرمون من أبسط حقوقهم الطبية الأساسية ، التى نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية . ويوضح الدكتور نادى: إن تأهيل الأسرة بحيث تصبح شريكاً مع الأطباء والمعلمين وغيرهم فى نجاح خطة العلاج، وتأهيل الأطباء وأن يتم دراسة تخصص الإعاقة على مستوى أعمق وأشمل فى كليات الطب. وأخيراً أوجه الدعوة للدولة ولشرفاء الوطن بتبنى مشروعاً قومياً لإنشاء مستشفى كبير متخصص لتأهيل ذوى الإعاقة، الأمر الذى سينعكس عليهم إيجابياً وعلى ذويهم وعلى المجتمع مستقبلاً .