تبدلت الأحوال فى محافظة أسيوط من حال إلى حال حيث انقلبت الأوضاع رأسا على عقب وبات الارتباك يسيطر على الجميع بعد تأكد عودة أعضاء الحزب الوطنى المنحل للحياة السياسية ورغبتهم فى خوض الانتخابات البرلمانية مما أحدث انقلابا فى خريطة التحركات الانتخابية وخاصة لدى الشباب والوجوه الجديدة التى ظنت لبضعة أيام قليلة أن الساحة قد خلت تماما عقب اختفاء القوى الضاربة سواء عائلات الحزب الوطنى أو التيارات الدينية. وظن الجميع ان الصراع الانتخابى سيكون متكافئا ولكن مع العودة لأعضاء الوطنى بات الجميع أمام اختبار صعب للغاية، حيث سيتطلب خوض الوجوه الجديدة للانتخابات البرلمانية المقبلة مواجهة العائلات المخضرمة سياسيا فى أسيوط ممن لها باع طويل فى مجال الانتخابات النيابية ونجحت فى الحفاظ على مقعدها البرلمانى طوال سنوات عديدة ولدورات متتالية بالرغم من تغير الأشخاص ولكن لا ينتقل المقعد بعيدا عنهم، حيث يتبادلونه كيفما يشاءون داخليا كما يصعب لأحد من المنافسين الاقتراب منه. الأمر الذى جعل الجميع يعيد ترتيب أوراقه الانتخابية خاصة أن الصراع على المقاعد الفردية بات مشتعلا للغاية عقب التقسيمات الجديدة للدوائر الانتخابية بالمحافظة التى تسببت فى سحب مقعد من مراكز مثل البدارى والفتح وأبوتيج وهى مراكز ذات العصبيات وتسيطر عليها العائلات ليصبح الصراع فى الانتخابات البرلمانية على مقعد واحد مما أفرز صراعا شرسا بين العائلات التى بادرت بتقديم الخدمات للمواطنين سواء بتوزيع اللحوم أو المواد الغذائية مع نهاية شهر رمضان لكسب تأييد المواطنين لمرشحيهم، أصعب الاختبارات التى يواجهها الشباب والوجوه الجديدة تكمن فى مدينة أسيوط حيث يحافظ محمد حمدى الدسوقى على المقعد الذى تركه له والده ويعد النائب الوحيد الذى صمد فى وجه الإخوان بالانتخابات الماضية وكاد أن ينجح، كما أنه يتمتع بشعبية كبيرة، وكذلك الوضع في دائرة مركز ديروط حيث تعد هذه الدائرة من الدوائر المغلقة على عائلتى الكيلانية والقرشية، والأخيرة تحتكر المقعد منذ ما يزيد على أربعة عقود وهى بالمقاييس السياسية فترة طويلة جدا، مما يعد دلالة على قوة العائلة ونفوذها السياسى فى الدائرة حيث لم يستطع أحد الوصول إلى المقعد البرلمانى أو خطفه من أنياب القرشية، وفى دائرة مركز أبوتيج تشهد الدائرة صراعا من نوع خاص ولا سيما بين أبناء عائلة أبو عقرب وعائلة مكى ومن خلفهم الوجوه الجديدة. أما المراقب للمشهد السياسى بالنسبة للأحزاب فى أسيوط فيرى أن الارتباك والحيرة هى اللغة السائدة بين الكتل السياسية سواء المتحالفة أو المتناحرة وهذا الارتباك ليس وليد اللحظة بل هو امتداد طبيعى لما كانت عليه الحياة السياسية فى مصر طوال السنوات الماضية، فالاعتماد على الحزب الواحد جعل من كل التحالفات الحزبية قوى كرتونية تسمع صراخها على الشاشات ولا تجد لها صدى داخل الشارع السياسى بداية من اكبر الأحزاب السياسية فى مصر وهو حزب الوفد إلى أحدث الأحزاب التى تعددت أسماؤها ولم تتضح هُويتها السياسية بعد , مما جعل أبناء الحزب الوطنى أشبه بحبة، «الكريز» على سطح التورتة داخل المحافظة ودفع ذلك تلك القوى والأحزاب السياسية للاتفاق مع أعضاء الوطنى المنحل وعائلاتهم للانضمام إلى قوائمها فى الانتخابات القادمة ليعود نواب الوطنى السابقون فى «نيو لوك» جديد للحياة السياسية تحت رعاية تلك الأحزاب التى تطمع فى الهيمنة على تلك المقاعد ولا تنظر إلا الى لغة الصفقات. كما أن وسائط التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعى لم تغب عن المشهد خصوصا الفيس بوك، حيث لجأ بعض الشباب الطامح فى الانتخابات الى تدشين صفحة له على الفيس ودعا الى إبداء الرأى ومشاركته فى خطوة الترشح فى محاولة منه لقياس ردود الفعل حول إمكانية خوضه الانتخابات خصوصا أنه لأول يدخل لينافس الكبار معتمدا على مبادئ الثورة التى فجرها الشباب، فى حين لجأ البعض الآخر لتدشين صفحات هدفها رصد تحركات المُرشح مؤكدين أنها ليست الصفحة الرسمية للمرشح وإنما محبوه ومؤيدوه هم من يقفون خلفها. ورغم أن نواب الحزب الوطنى يملكون أدوات اللُعبة فيبقى الامل معقودا لدى الوجوه الجديدة على لفظ الشارع ورفضه لعودة هذه الوجوه مرة أخري.