منذ أكثر من 200 عام كان بعض البحارة يحملون معهم فى سفينتهم خلال الرحلات البحرية الطويلة أغذية مكونة من خضراوات وفواكه طازجة، وحبوب ولحوم محفوظة، وكانوا يستهلكون الخضراوات والفواكه أولا خلال مدة قصيرة ثم يتناولون لبضعة أشهر بعد ذلك أطعمة مكونة من الحبوب واللحوم فقط وهى أغذية تفتقر إلى فيتامين «سي»، بخلاف الخضراوات والفواكه الطازجة الغنية بهذا الفيتامين، ولقد ترتب على تناول الحبوب واللحوم إصابتهم بمرض الاسقربوط، وتشمل أعراضه التعب وسوء التئام الجروح وتورم اللثة وحدوث نزف فيها، وسقوط الشعر والأسنان وآلام فى المفاصل، وكان هذا المرض هو بداية اكتشاف فيتامين «سي» وأهميته فى الوقاية من مرض الإسقربوط وأمراض أخري. وانطلاقا من أهمية الانتظام فى تناول الخضراوات والفواكه الطازجة كأهم مصادر فيتامين «سي» أجريت بحوث عديدة أسفرت عن أن هذا الفيتامين يساعد فى اكتمال نحو 300 وظيفة حيوية فى أعضاء الجسم، تشمل نمو الأنسجة وتجديدها ووظائف الغدة الكظرية وسلامة اللثة، كما يساعد فى إنتاج مادة الإنترفيرون المقاومة للبكتيريا والفيروسات، ويوجد فيتامين «سي» بوفرة فى البرتقال والليمون والجريب فروت والمانجو والجوافة والأناناس، بالإضافة إلى الفلفل الرومى (الأخضر والأحمر) والبصل والبسلة والبروكلي والكرنب والطماطم والبطاطس والفجل، ويفضل تناول الطازج من هذه الأغذية، حيث تفقد نحو 50% من فيتامين «سي» بعد طبخها، أو حفظها فى معلبات ويعتبر هذا الفيتامين من أقوى مضادات الأكسدة، حيث يترتب على الانتظام فى الحصول عليه من الأغذية أو المكملات الغذائية وقاية الحمض النووى DNA من التلف، كما يؤدى هذا الانتظام إلى إنتاج وتنشيط خلايا المناعة التى تقاوم البكتيريا والفيروسات، ومن هنا تأتى أهمية تناول عصائر الليمون والبرتقال والجوافة فى أثناء الاصابة بأمراض البرد والانفلونزا، أو استخدام مكملات غذائية، ومستحضرات صيدلية تحتوى على هذا الفيتامين، وتشمل فوائده الوقاية من الاصابة بالمياه البيضاء (تكرر عدسة العين) والسرطان وتخفيف أضرار التدخين (الايجابى والسلبي)، كما يساعد فيتامين «سي» فى حماية خلايا الجسم من الأثر الضار لملوثات البيئة وسموم أخري، ويعتبر فيتامين «سي» عنصرا أساسيا لتكوين مادة الكولاجين الضرورية لأنسجة العظام والغضاريف والاسنان والجلد ويساعد فى تقليل ظهور تجاعيد الجلد وتشير البحوث الحديثة إلى أن تناول الأغذية الغنية بفيتامين «سي» بصفة مستمرة أو تعاطى مكملاته الغذائية يؤدى إلى الوقاية من أمراض تصيب القلب والأوعية الدموية وإصابات الشريان التاجي، ومنع تصلب الشريين وانسدادها والوقاية من الصدمة الدماغية وسرطان الرئة والمريء والقولون، ومن فوائد مكملاته الغذائية تحسين علاج الربو الشعبى والنقرس وأمراض الشريان التاجى وتخفيض مستوى الكولسترول فى الدم، كما يفيد فى تقليل مضاعفات مرض السكر فى القلب والأوعية الدموية والشريان التاجي. ويفيد تناول مكملات فيتامين «سي» الغذائية فى الوقاية من أضرار التسمم بالرصاص الذى قد يلوث الهواء والماء والغذاء، ولذلك ينصح الحوامل بتناول مكملات فيتامين «سى» الغذائية للوقاية من أضرار الرصاص على الحامل والجنين، حيث بينت البحوث أن ارتفاع نسبة الرصاص فى دم الحامل قد يؤدى إلى حدوث تشوهات جنينية وسقوط الجنين وإصابة طفل الأم، التى تعرضت للرصاص وهو جنين، بعجز فى التعلم واضطرابات سلوكية وتدنى مستوى الذكاء ومن فوائد فتيامين «سي» أنه يساعد فى امتصاص الحديد المستخدم فى علاج الأنيميا ووصوله إلى الدم، وتشمل الاكتشافات الحديثة للمكمل الغذائى لهذا الفيتامين قدرته على الوقاية من إصابات المعدة التى قد تنجم عن التعاطى المستمر للأسبرين، كما يساعد فى تقليل الأعراض الجانبية للكورتيزون وبعض المضادات الحيوية. وتشير البحوث إلى أن نقص فيتامين «سي» فى الجسم قد ينجم عن تعاطى الخمور والتدخين والكورتيزون وحبوب منع الحمل، كما يحدث النقص فى الأطفال الرضع الذين يتغذون على ألبان الأبقار دون تناول أغذية أخري، حيث يفتقر هذا اللبن إلى فيتامين «سي». ويجب أن يحذر المرضى الذين يشكون من تكون حصوات الأكسالات فى الكلية من تناول جرعات كبيرة من فيتامين «سي» (جرام واحد أو أكثر يوميا) حيث يترتب على ذلك حدوث متاعب للمريض. د.عزالدين الدنشارى