بقيت شهور قليلة ويشتعل الشارع المصرى امام الانتخابات البرلمانية القادمة التى ستأتى بأهم واخطر برلمان فى تاريخ مصر الحديث .. ان اخطر ما فى هذه اللحظة اننا امام استكمال مشروع كبير لإعادة بناء هذا الوطن بعد كل محاولات التخريب التى دمرت فيه اشياء كثيرة كان اخطرها واهمها الإنسان المصرى الذى تعرض لعملية تجريف حادة امام نظام مستبد وفاسد ونظام آخر عاد بالوطن عشرات السنين للوراء فى لحظة تاريخية وانسانية دامية .. امتلأت صفحات الجرائد هذه الأيام بالأحاديث والتنبوءات والقوى السياسية واحتمالات المواجهة فى انتخابات البرلمان القادم .. ان هذا البرلمان سيكون نقطة تحول خطيرة اما ان يكون طريقا لمزيد من الإستقرار واما ان يكون مغامرة كبرى يدفع المصريون ثمنها غاليا .. تجىء انتخابات البرلمان القادم والشارع المصرى يشهد مجموعة من الإنقسامات بين جميع القوى السياسية والوطنية وفئات الشعب المختلفة.. هذه الانقسامات لم تعد سرا ولكنها تحولت الى ظواهر ثابته تعكس حالة من حالات التشرذم والانقسام . رغم قيام ثورتين وعزل رئيسين واقرار دستورين لم تستطع النخبة المصرية ان تجمع شتاتها وان تتحول الى قوة سياسية مؤثرة فى الشارع المصرى .. لقد خسرت هذه النخبة معركتها الأولى مع ثورة يناير وشبابها الحائر .. وحين انقسم الشارع المصرى الى قوى إسلامية واخرى مدنية انتهزت جماعة الإخوان المسلمين الفرصة وسرقت الثورة من شبابها ووقفت النخبة المصرية تتابع الموقف دون ان تحرك ساكنا وهنا كانت خسارتها الأولى .. وامام الإعلانات الدستورية فى ظل المجلس العسكرى وفى ظل دستور 2012 بقيت النخبة بعيدة تماما عن المشهد بل انها غابت عن كل ما حدث فى الشارع المصرى بعد ذلك .. ورغم ان النخبة وقفت مع ثورة يونيه إلا انها لم تستطع ان تترجم ذلك الى وجود حقيقى بين جموع المصريين .. فى الثورة الأولى اكتفت برحيل النظام، وفى الثورة الثانية اكتفت بمتابعة المشهد، والآن مازالت النخبة تقف بعيدا عن الشارع المصرى ولم تستطع طوال السنوات الماضية ان تكون شريكا فيما يجرى من الأحداث .. وفى الشهور الأخيرة شهدت النخبة انقسامات عميقة فى صفوفها وبين قياداتها حتى وصلت الأحوال الى التشكيك فى قدرتها على ان تكون صاحبة دور فى مستقبل مصر . من يشاهد الآن فلول النخبة المصرية وانقساماتها يشعر انها تجمدت عند احداث ثورة يناير ولم تستطع تجاوزها حتى الآن .. وإذا كانت النخبة قد خسرت تأييد الشارع المصرى فقد خسرت ايضا جزءا كبيرا من شباب الثورة لأنها تخلت عنهم وهم مطاردون من اجهزة الإعلام والمحاكمات وعمليات التشويه المتعمد وتصفية الحسابات مع فلول الوطنى والإخوان.. لم تجد الدولة فى النخبة سندا فتخلت عنها، ولم يجد الشباب فى النخبة نصيرا ومؤيدا فابتعدت عنها .. وحين تحولت النخبة الى شراذم فقدت التواصل مع رموزها وهى الآن تعيش حالة عجز كامل ونحن على ابواب انتخابات برلمانية لا بديل عن خوضها مهما كانت النتائج. نحن امام تيارات دينية انقسمت على نفسها، امام مخاطر جسيمة امتدت ما بين معارك فكر ووسائل إرهاب .. إن اخطر ما تعانيه التيارات الدينية غير انقسامها على نفسها ان فصائل كبيرة منها تورطت فى انشطة ارهابية جعلت الشعب المصرى كله يعانى منها ويتصدى لها بكل الأساليب والإمكانيات مؤيدا جيشه العظيم وهو يخوض واحدة من انبل واروع معاركه .. فى ايام الثورة الأولى وقفت جميع القوى السياسية دينية ومدنية موقفا واحدا ضد النظام المخلوع .. فى لحظة تقارب عابرة اقترب السلفيون من الإخوان من بقية التيارات الأخرى حتى وصلت الى صيغة تفاهم مع تنظيمات وجماعات استخدمت العنف والفتن طريقا .. ان حالة التصدع التى اصابت النخبة المصرية تسربت امام الأحداث لتنقل عدوى الانقسامات الى التيارات الدينية واصبح من الصعب بل من المستحيل ان تستعيد هذه التيارات تواصلها خاصة بعد ان تلوثت الأيدى بالدماء وسقطت فى بئر الخيانة والإرهاب، ان العداء الأن بين السلفيين والإخوان اكبر بكثير من اى عداء مع القوى السياسية الأخرى، ولا شك ان حالة التشرذم التى اصابت التيارات الدينية اعمق واخطر مما اصاب القوى المدنية، وقد تكون الانتخابات البرلمانية فرصة فريدة لتصفية بعض الحسابات بين القوى الدينية خاصة إذا تصور السلفيون انهم البديل للإخوان. هناك ضربات ثقيلة تحملتها جموع الشباب خاصة شباب الثورة .. ان اعدادا كبيرة منهم دخلت دوائر التهميش بل الإدانة .. لا احد يظهر الآن فى المشهد من شباب ثورة يناير، حتى ثورة 30 يونيه شهدت بعض الشروخ بين شبابها .. ان حالة الصمت والغياب التى يعيشها الشباب الآن تفتح ابوابا كثيرة للظنون والهواجس هل هو صمت الإحباط ام الرفض ؟!هل هو غياب مقصود ام مفروض؟! وفى كل الحالات فإن انسحاب الشباب من المشهد خسارة كبيرة يمكن ان يدفع ثمنها الجميع.. هنا ايضا ينبغى ان نتوقف عند شباب الإخوان والى اين يسيرون وما هو موقفهم امام قيادات فشلت ورموز سقطت وما هو مستقبلهم فى مسيرة العمل الوطنى ان فريقا منهم اصابه الإحباط وهناك من اتجه الى الدعوة وهناك ايضا من يصر على المواجهة والبقاء حتى لو دفع الثمن اكثر من مرة. فى مواكب الشباب لا بد ان نتوقف عند حركة تمرد ونتساءل: هل انتهى دورها وهل يمكن ان تتحول الى كيان اكبر وهل تستطيع ان تؤكد وجودها فى الانتخابات القادمة كما اكدته فى ثورة يونيه؟! .. لا يمكن لنا ان نتجاهل حالة الانقسام بين صفوف الشباب ما بين شباب ثورة يناير .. وشباب ثورة يونيه .. وشباب السلفيين وشباب الاخوان والانقسامات التى شهدتها حركة تمرد . نأتى بعد ذلك الى القوى السياسية التقليدية ممثلة فى الأحزاب السياسية وهى بلا شك تحتاج الى ما يشبه المعجزة خاصة انها جميعا وصلت الى حالة من التفكك والصراعات بين رموزها افقدتها الكثير فى الشارع المصرى .. إن الأحزاب لم تكن صاحبة دور مؤثر فى كل الأحداث منذ ثورة يناير ومن الصعب بل من المستحيل ان تخلق هذا الدور ونحن على ابواب الانتخابات البرلمانية خاصة انها حتى الآن عجزت عن ان تجمع صفوفها وتتحول الى كتلة سياسية صاحبة دور فى الحياة السياسية المصرية .. ان هذا يعنى ان البرلمان القادم سوف يجىء من شراذم قوى سياسية مبعثرة فشلت فى ان تجمع حشودها وشراذمها المتناثرة على موائد الشارع المصرى .. نحن امام نخبة ضلت طريقها من البداية ولم تنجز شيئا يمنحها فرصة ولو ضئيلة امام شعب لم يبخل عليها بشىء، فهل تستطيع هذه النخبة فى شهور قليلة ان تقلب الموازين وتتصدر المشهد رغم ما فيه من الصراعات والمعارك . نحن امام تيارات دينية مجهدة تماما ولم تعد تتمتع بالرصيد الذى كان لديها يوما فى الشارع المصرى فى لحظة ما كان الإخوان المسلمون والسلفيون والجماعة الإسلامية وبقية الأحزاب الدينية يمثلون قوة لا يستهان بها فى الشارع المصرى ولكن هذه القوة تفككت وتبعثرت من اقصى خلافات الفكر الى اقصى حوادث الإرهاب .. نحن امام شباب افتقد الخبرة واطاحت به مشاعر احباط امام فرص ضائعة كان يتصور انه الأحق والأجدر بها ولكنها سرقت منه اكثر من مرة .. ومع هذا كله نحن امام احزاب سياسية ترهلت وفقدت الكثير من مقوماتها فى الشارع وكان ينبغى ان تتحرك بصورة افضل ولكنها تقاعست وخسرت الكثير .. فى آخر المشهد الانقسامى المؤلم تبقى فلول الحزب الوطنى المنحل ومهما كانت النتائج التى يمكن ان يحققها عدد قليل من رموزه إلا ان الزمان تغير والإنسان المصرى وصل الى درجة من الوعى منحته حصانة دائمة ضد اساليب التحايل والكذب ولهذا فإن فرص الوطنى ستبقى محدودة وهى لن تزيد على فرص الإخوان والسلفيين وبقية التيارات الدينية ومجموعة القوى المدنية وهى اضعف قوى الشارع السياسى. امام هذا الواقع المؤلم من حالة الإنقسام سوف نجد انفسنا امام برلمان يعكس بواقعية شديدة صورة الشارع السياسى المصرى .. ان الصفة الغالبة على القوى السياسية انها شراذم ما بين بقايا الفلول وبقايا التيارات الدينية وبقايا الأحزاب وبينهم شباب حائر .. فهل تكفى الشهور القادمة لكى تجمع بعض هذه الشراذم فى كيان سياسى مؤثر وهل يمكن ان يكون للشباب دور فى هذه المعركة خاصة اننا نتحدث عن كتلة عددية رهيبة تتجاوز 50 مليونا من البشر .. هل يمكن ان تتجمع الأحزاب التقليدية فى انتفاضة تعيد لها الروح لتصبح كيانا حزبيا كبيرا ؟!.. إذا لم يحدث شىء من ذلك كله فإن الأرجح ان تكون هناك مواجهة بين فلول القوتين التقليديتين فى الشارع المصرى وهما الوطنى والإخوان. طبقا لهذه المقدمات والشواهد وحالة التشرذم التى قسمت جميع القوى السياسية فى مصر فإن الأرجح ان ينعكس ذلك على مكونات البرلمان القادم حيث يفتقد قوة سياسية منظمة وقادرة على ان تشكل مناخا سياسيا جديدا .. ان الغلبة فى المجلس الجديد ستكون للشراذم السياسية ما بين حزب مدنى ضعيف وتمثيل إسلامى اضعف وفلول من الوطنى او الإخوان .. اما الشباب فيبدو ان هذا المجلس لن يكون من نصيبه وربما لاحت امامه فرص اخرى بعد سنوات حين يستكمل بناء مقوماته ويستعيد قدراته ويصبح مؤهلا لأن يخوض معركته نحو المستقبل .. ان الشىء المؤكد ان هذا الشباب هو صاحب الحق فى هذا الوطن ولكن كيف واين ومتى .. سؤال سوف تجيب عنه الأيام والأحداث .
..ويبقى الشعر فى الكعبةِ الغراءِ وجهى شاخصٌ تتسابقُ الصلواتُ فى الصلواتِ والناسُ فى الحرم ِ الشريف توافدوا ضوءُ الوجوه يطوفُ فى الساحاتِ الله أكبرُ والحجُيج مواكبٌ من كل لون قادم ٍ ولغاتٍ الله وحدهم على وحى الهدى رغمَ اختلافِ الجنس ِ واللهجاتِ جاءوا فرادى يحملون ذنوبهم ويفيضُ صفحُ الله بالنفحاتِ حين استوى الرحمنُ فوق عبادة العفو كان بداية َ الرحماتِ يارب فلتجعل نهاية رحلتى عند السؤال شفاعتى وثباتى أنا فى رحابكَ جئتُ أحمل توبتى خجلانَ من شططى ومن زلاتى أنت الغفورُ وكان ضعفى محنتى وعذابُ قلبى كان فى هفواتى أشكو إليكَ الآن قلة َ حيلتى وهوانَ عمرى .. حيرتى وشتاتى .. تتزاحُم الأيامُ بين خواطرى ما بين ذنبٍ حائر وعظاتِ يارب سيرتَ القلوب مواطنًا للحبِ .. فأغفر يا كريم هنَاتى قد كان ذنبى أن قلبى عاشقٌ فأضعتُ فى عشق ِ الجمال ِحياتى أنتَ الذى سطرتَ قلبى غنوة للعاشقينَ .. وهذه مأساتى أغفر ذنوبَ العشق ِأن جوانحى ذابتْ من الأشواق ِ والعبراتِ والآن جئتكَ بعد أن ضاق المدى واثَّاقَلَتْ فى رهبةٍ خطواتى ندمًا على عمر تولى ضائعًا أم خشية ًمن طيفِ عمر ٍ آت أسرفتُ فى ذنبى وبابك رحمتى ولديكَ وحدك شاطئ ونجاتى فى هذه الأرض ِ الشريفةِ أشرقتْ يومًا قلاعُ النور والبركاتِ بدأ الوجودُ خطيئة ً ثم انتهى بالصفح ِ والغفران ِفى عرفاتِ حتى أطل على الوجودِ محمدٌ فازينت عرفاتُ بالصلواتِ فأضاء تاريخٌ وقامت أمة ٌ بالحق ِتكتبُ أروع َالصفحاتِ وسرى على أرجائها وحى الهدى جبريلُ يتلو أقدسَ الاياتِ ومحمدٌ فى كل ركن ٍ ساجدٌ يُحى قلوبًا .. بعد طول ِ مواتِ بدءُ الخليقةِ كان من أسرارها حين استوت بالخلق ِ فى لحظاتِ وتزينت لنبيّها حتى بدا نورُ الرسالةِ فوقَ كل حصاة ِ وتكسرتْ أصنامُ مكة .. وانزوى خلفَ الحطام ِ ضلالُ ليل ٍ عاتِ فى حضن ِمكة َ كان ميلاد الهدى والدهرُ يشدو أعذبَ النغماتِ أممٌ أفاقت من ظلام ِعهودها واستيقظت من بعدِ طول ِسُباتِ القى عليك الحاقدون ضلالهم وتسابقوا فى اللغو والسوءاتِ أترى يعيب الشمسَ أن ضياءها أعمى حشودَ الجهل ِ والظلماتِ من قصيدة «على باب المصطفى» سنة 2010