ما يحدث فى رمضان وفى هذا الظرف الاستثنائى من تاريخ مصر يتطلب وقفة واعية وسريعة وحازمة من مسئولين يقدرون صعوبة الوضع الذى نعيشه، فنحن فى مرحلة إنقاذ مصر من كبوتها الاقتصادية تمهيدا لبدء بناء مصر الجديدة ولكننا بكل أسف لانزال نعيش مجموعة من المتناقضات آن الأوان للقضاء عليها. أولا: فى شهر رمضان الذى يوجب الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر وحتى المغرب نجد زيادة غير منطقية فى استهلاك المواد الغذائية واستيراد كماليات لا علاقة لها أبدا بشهر الصيام فى الوقت الذى تعانى فيه ميزانية البلد من نقص شديد فى الموارد وزيادة ضخمة فى حجم الديون الداخلية والخارجية فهل هذا معقول؟ ثانيا: فى رمضان شهر القرآن تتبارى القنوات الفضائية والإذاعية فى سباق محموم للبرامج والمسلسلات والمسابقات، بحيث لا تكاد تعطى أى فسحة من الوقت للمشاهد والمستمع لقراءة القرآن، ومدارسته وتفسيره وبيان الكثير من أوجه الاعجاز فيه.. فهل هذا معقول؟ ثالثا: فى شهر رمضان لا يقتصر الصوم على كبح جماح الغرائز.. ولكنه يمتد ليشمل كظم الغيظ، وتنقية اللسان من الفحش والبذيء من القول فيبدو الصائم ملاكا يمشى على الأرض، ولكننا على أرض الواقع المؤلم نجد بكل أسف فى معظم مسلسلات وبرامج رمضان كل ألوان الألفاظ النابية، والايحاءات الرخيصة، والمناظر الخليعة، وصور العنف الشديد غير المبرر والسخرية الفجة من الناس المغلفة بكوميديا سوداء تفتقر إلى الحد الأدنى من الذوق والأخلاق .. فهل هذا معقول؟ رابعا: فى شهر رمضان انتصر المسلمون الأوائل فى غزواتهم، ضد الشرك والمشركين، كما انتصر المصريون فى العاشر من رمضان عام 1973 أى أن الصيام لا يتناقض أبدا مع العمل الجاد، وتحقيق الإنجازات.. وأستطيع القول من الناحية العلمية إن الإنسان فى حالة الصيام يكون قادرا على التحمل، والصبر، والاستيعاب أكثر كثيرا من حالة التخمة عقب تناول الطعام . لكننا نجد فى مجتمعنا رمضان مقرونا بقلة الإنتاج وزيادة الكسل، والخمول، فهل هذا معقول؟ وفى النهاية.. فإننى أتوجه بالنداء إلى كل مسئول فى مصر كل فى موقعه بوضع حد نهائى لهذه التناقضات التى تشوه هذا الشهر الفضيل.. كما أطالب الجهات الرقابية فى الدولة بضرورة مراجعة كل الأموال التى اهدرت على مسلسلات وبرامج ومسابقات هذا العام فى الوقت الذى يطالب فيه رأس الدولة بربط الأحزمة، وترشيد الانفاق.. وإنى على ثقة بأن رمضان الزمن الجميل سوف يعود أكثر رونقا وبهاء فى مصر الحديثة بإذن الله. د.صلاح الغزالى حرب