د. مهجة غالب: قمت بأول تفسير اجتهادى فى رمضان وفسرت سورة القدر فى 27 يوما الدكتورة مهجة غالب هى واحدة من العالمات الأزهريات اللاتى تبحرن فى دراسة علوم القرآن فهى أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر وحملت دعوة على أن تفسير القرآن الكريم ليس مقصورًا على الرجال فقط ، وحصلت على الدكتوراة عن الدخيل فى تفسير النيسابورى، وهى أول عميدة لكلية الدراسات الإسلامية بالانتخاب لأنها حصلت على 114 صوتا، فى حين حصل أقرب منافسيها على 11 صوتا والآخر 8 أصوات. ود. مهجة لها الكثير من الذكريات والأحداث التى حدثت فى حياتها وتربطها بشهر رمضان الكريم، ومازالت تذكرها فى العاشر من رمضان كل عام هو استقبالها نصر أكتوبر الذى مازالت تذكره، فقد استقبل الناس هذا اليوم بفرحة شديدة حتى أن بعضهم أسرع فى تناول افطاره ليخرجوا إلى الشوارع ليهنئ كل منهم الآخر فى سعادة شديدة فهو مشهد مازالت تتذكره كل عام. مع الدكتورة مهجة غالب أول عميدة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فى حوار ل «الأهرام»، وعضو لجنة الخمسين لصياغة الدستور، واعتداء طالبات الأزهر على عميدة الكلية تحت دعوى الدفاع عن الشرعية واعتراضا على مشاركتها فى لجنة صياغة الدستور، وحول ذكرياتها الرمضانية ، كان لنا هذا الحوار :
لماذا يتم تكفير مهجة غالب؟ ولماذا كان الهجوم عليك من طالبات الأزهر؟ منذ أن شاركت فى لجنة صياغة الدستور، تم اتهامى بتمرير بعض القوانين التى من وجهة نظرهم تعارض الشريعة الإسلامية، وهذا غير صحيح، وأكدت أن الدستور هو عمل بشرى وغير سماوى وقابل للنقض، وأكدت لهم أننى كنت أدافع عن المواد الشرعية على شبكة التواصل الاجتماعى وأقنعتهم أن يتأكدوا من ذلك بأنفسهم، ولكن لم يعطونى فرصة لأن أوصل لهم المعلومات، وأكدت أن الهجوم كان بسبب برمجتهم من قبل تيار متشدد، بهدف شل حركة التعليم، فلديهم اعتقاد أن أى شىء يعمله غير الإخوان هو عمل (كافر), وكل من يقف ضدهم يزداد الهجوم عليه لتعطيل مسار الجامعة ونشر الفوضى لغرض ما، ووصلتنى رسائل تهديد مضمونها (اتق الله وعليك الانسحاب فورا من لجنة الدستور وإلا سيزداد الهجوم عليك، وسنصعد الهجوم فى الأيام القادمة). هل تؤيدين عودة الحرس الجامعي؟ أنا مع وجود الحرس الجامعي، ولكن ضد تدخله فى شئون الجامعة، وأن تكون مهمته الأولى والأساسية هى الناحية الأمنية وعدم التدخل فى شئون إدارة الجامعة، وأكدت أن الإدارة الضعيفة فى الجامعة هى التى تسمح للحرس الجامعى بالتدخل فى الشئون الخاصة بها، ووجود الحرس الجامعى مهم فى الانضباط داخل الجامعة، ومنع أى تكتلات طلابية أو سياسية لإثارة الفوضى داخل الجامعة. وكل الأديان السماوية ضد العنف بأى صورة من الصور، سواء أكان هذا العنف من رجل أو امرأة أو أى إنسان، ولا يمكن لأى دولة أن تتقدم إلا بعد أن تشعر بالأمان، فكيف تتقدم البلاد وفيها كل هذا العنف، أو يتم الاستثمار فى ظل هذا العنف، والأمن لا يمكن أن يأتى إلا بعد القضاء على العنف، ومن يثبت عليه أن ارتكب عنفا فيجب معاقبته حسب القانون. ما هى الرسالة التى توجهينها للطلبة فى هذا الوقت؟ أقول لهم إن الإسلام هو دين الوسطية، وإن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ولنهدأ جميعا لنبنى بلدنا، وكل إنسان مهما صغرت سنه، فله دور، وينطبق عليه حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، فالراعى ليس المدير أو الرئيس، ولكن هو كل من يدير مكانا حتى لو كان هذا المكان محدودا، فالمرأة راعية فى بيت زوجها، وراعية لأبنائها، والمسئولية مشاركة بين الجميع، ولن يتحقق كل ما نحتاجه إلا إذا قام كل منا بدوره فى موقعه. هل تؤيدين فصل أى طالب تثبت إدانته فى أحداث العنف؟ أنا أؤيد ذلك، لأن الجامعة مؤسسة تعليمية، ومن يدخلها فهو جاء من أجل التعليم، سواء شرعى دينى ، أو سياسي، وجئنا لنتلقى العلم، وليس لممارسة السياسة، ونتعلم السياسة البناءة التى تهدف إلى البناء، ونتجنب السياسة الهدامة التى تثير الفوضى بين المواطنين. ما هى نصيحتك للطلبة الذين يتم القبض عليهم بين الحين والآخر؟ أقول لهم أن يجتنبوا الشبهات، ويبتعدوا عن مواطن العنف، وأيضا (اتقوا الشبهات ومن يتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) وبهذا يحمى نفسه ويحمى أهله شر هذه الفتن، أو المشكلات التى تقع بسبب دخوله فى هذه الأحداث. ما هى رؤيتك بين رمضان (زمان) ورمضان (الآن)؟ وما رأيك فى انشغال الناس بالفضائيات والإنترنت عن العبادة فى رمضان؟ رمضان زمان كان فيه صلة رحم، بخلاف ما يحدث الآن، ورمضان هدفه التقوى، (لعلكم تتقون) أن نتقى الله فى أنفسنا ومالنا وعرضنا، لأننا مأمورون بالضرورات الخمس (الدين والنفس والمال والعرض والنسل)، ولا نحافظ عليها إلا بمراجعة أنفسنا، وليس الغرض من رمضان الامتناع عن الطعام والشراب، ولكن الغرض منه هى تقوى الله فى الضرورات الخمس التى أشرنا إليها. وأناشد كل من يشاهد التليفزيون أن تكون المشاهدة هادفة وبناءة، لا أن تكون مضيعة للوقت، أو مضيعة للعبادات، لأن التليفزيون يحتوى الآن على كثير من المشاهد المسلية التى لا يستفيد منها الإنسان شيئا سوى ضياع وقته وعبادته فى رمضان، فيجب أن يركز الناس فى العبادة أولا، وترك هذه الملذات الدنيوية، وشهر رمضان هو شهر جهاد مع النفس بكل محتواها، وعدم التكاسل عن العمل. هل شاركت فى قوافل دعوية وتوعية لتصحيح الفكر المتشدد؟ وكيف نواجه هذا الفكر؟ الفكر المتشدد للبنات حصلن عليه كسلوك وتربية من المنزل، وهو سلوك مخفى، وظهر فجأة، وهناك بعض البيوت الخربة فى المبادئ والأخلاق، فهو ليس خرابا ماديا، فبناء البنت أو الولد على الشريعة الإسلامية هو بناء للمجتمع. وهذا الفكر نقوم بتغييره عن طريق الندوات والمؤتمرات وتصحيح الأفكار المتشددة، وهناك البنات كن عبارة عن فريقين، أحدهما سلبى والآخر لديه فكر تخريبى متشدد لا يقبل النقاش، وليس لديهن الاستعداد للاستماع إلى وجهات النظر الأخرى. ما سبب انتشار الفتاوى التى تحض على القتل؟ سببها وجود عنف فى الشارع، وأن هناك من يفتى وهو ليس أهلا للفتوى، وهناك بعض الناس يزرعون الشقاق بين الآخرين، وهذا يوجد العداوة والتشتت بين الناس، وإحداث فوضى فى المجتمع، ويجب أن تكون الفتوى صادرة من أهل الاختصاص وأهل العلم، وأن تكون مقصورة على الأزهر ودار الإفتاء، لأن الاجتراء على الفتوى هو الوقوع فى النار، لأن هذا الكلام أكده النبي، صلى الله عليه وسلم. ما رأيك فى فترة حكم مرسي؟ أنا أحتسبها فترة محذوفة من التاريخ، نكاد أن نفقد أنفسنا فيها، أو نفقد دورنا فى الحياة، لأنهم أشعرونا بأنهم هم المسلمون ونحن غير مسلمين. مما أدى إلى خروج ثورة الشعب ضد حكم أحدث الفوضى والارتباك، وأثر بالسلب على العلاقات المجاورة. ما هى توقعاتك فى مستقبل مصر؟ الناس فى مصر على درجة كبيرة من الطيبة، ولابد أن تأتى حكومة قوية، وكل فرد يقوم بدوره، والحكومة كانت تقوم بدور قوى فى ظروف صعبة، ولابد من الإحساس بالمسئولية وأن يكون هناك ثواب وعقاب لأى وزير مقصر، ونحن حينما خرجنا لنفوض السيسي، كنا نرى فيه أنه يحب مصر، وتهيأت لنا الظروف، وهناك أمل وتفاؤل بالعمل بأن نصل بمصر إلى بر الأمان. ما رأيك فى مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي؟ ليس هناك مشكلة، والذى يتضرر من ذلك هو المخطئ، أما من يكون وضعه سليما فلماذا يخاف من المراقبة؟ وهذا ليس تنصتا على الناس أو كبتا للحريات، لأن أمن الوطن فوق كل المصالح، والضرورات تبيح المحظورات. هل لجوء الإخوان إلى الهدنة استسلام للأمر الواقع؟ بالطبع لا، إنما هو مجرد إحساس بأن هناك سيطرة وقبضة حديدية، وأن كل من تسول له نفسه القيام بعمل تخريبى سيعاقب عليه، وهم الآن فى حالة سكون. وأنا ضد المصالحة التى أريقت فيها الدماء، وأن كل من أراق قطرة دم لابد أن يعاقب، ويجب على كل من يفكر فى المصالحة، أن يصالح نفسه أولا، ويبعدها عما يهدد أمن وسلامة الوطن، وأن يكون جنديا مخلصا فى خدمة البلاد. ما هى أمنياتك؟ ونحن فى شهر رمضان أن يسامحنى كل من أسأت له، لأننى بالطبع سامحت كل من أساء لى قبل رمضان، وكل ما مررت به كان ابتلاء، وأدعو الله أن أكون قد نجحت فى هذه الابتلاءات، وأن نكون من أهل الصبر والفوز بعطاء الله طوال العام للتخفيف من الذنوب ورفع الدرجات، وأتمنى لبلادنا الأمن والأمان.