تساءلت أثناء متابعتى للدراما التلفزيونية فى رمضان أين المرأة المصرية الحقيقية فى هذا العدد الكبير من المسلسلات ؟ هل تمثل هذه الأعمال المرأة فى طبقاتها المختلفة ؟ تجسد طموحاتها وأحلامها والإخفاقات التى تواجهها، ترصد للمحطات المصيرية التى عاشتها فى الثلاث سنوات الماضية، لحظات توهج وعيها وفطرتها ووجودها المشرف العنيد فى كل مواجهة حقيقية من أحداث مصر الجسام التى تتابعت منذ ثورة 25 يناير حتى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، المرأة التى انتصرت للحياة والفرح والأمان، لا القمع والقبح والإرهاب؟ لو أن الدراما معلَّم وهادى ترسم للمستقبل النماذج الإيجابية التى نتمنى أن تشارك فى بناء المجتمع؛ لوجدنا تجسيد لشخصيات إيجابية تعمل وتشارك فى صنع المستقبل، شعرتُ بغربة ونفور مع معظم ما رأيته من دراما، وشرعت أستطلع أراء النساء من حولى والرجال، فوجدت لديهم سُخط من المقدم بالدراما مثل انطباعاتي، ولماذا أمام هذه النماذج لم نر الشخصيات الإيجابية التى تؤمن بنضالها وحريتها ورغبتها فى التغيير، إنحصرت النماذج المقدمة فى مجموعة من المحاور: المرأة الجسد لا الإنسان: رصدتُ لتناول درامى يعتمد على التنميط، يكرس لثقافة ذكورية تشييء المرأة، وتسلعها فى إطار دعائى يعتمد على الإغراء، أو على الأقل الجذب، أن تبدو مجرد ديكورا، كائنا زائدا عن الحاجة، غير فاعل سوى فى قضاء الشهوات ورغبة الرجل فى الاستحواذ والملكية، أداة فى عالم من العبث والضياع. مثل ما تبدى فى مسلسل «ابن حلال» و»سجن النساء» و»السيدة الأولى» العمل الذى استمر يكرس لصورة المرأة الأفعى التى اخترعتها الثقافة الذكورية منذ عصر الأساطير والأديان، . هذا بالإضافة إلى عالم الحريم الذى تبدو فيه النساء فى بيئة مضفورة بالمكائد والدسائس والغيرة والخرافة فى حرملك «»سراى عابدين». المرأة والخرافة : جسدت كثير من الأعمال الدرامية لسيطرة الخرافة على المجتمع،مثل مسلسل « السبع وصايا « و»سجن النساء» و» سراى عابدين» المرأة والعنف : ظهرت وطأة ممارسة كل أنواع العنف ضد المرأة والاتجار بجسدها وعواطفها وإنسانيتها فى معظم المسلسلات، المرأة والتلاشى فى الرجل: فى أفضل حالات ظهور المرأة على شاشة الفضائيات هناك ما يشبه الإجماع فى الحوار على أن قَدَر المرأة التلاشى والذوبان فى الرجل، كأنه يقتات من وجودها ويجثم فوق تحقق كيانها، لقد أصبح الإعلام المرئى بقنواته الفضائية وما يعرض بها من الأعمال الدرامية والقيم المتضمنة بها أكثر التصاقاً بالناس، فالشعوب العربية غير قارئة ولا مستهلكة جيدة للكتب والصحف، الدراما تدخل كل بيت وتشكل ذائقته بطرق غير مباشرة؛ لأنها تخلو من الرسائل الموجهة الخطابية التى ينفر منها المتلقي. ترى لماذا هذه الاختيارات لتلك النماذج من صور المرأة؟ وما هو السر فى رؤوس الأموال التى تقف وراء إنتاجها؟ وتتخير هذه الشخصيات المشوهة والقبيحة التى لا تعبر عن القاعدة العريضة من النساء فى المجتمع المصري؟ تساؤل أخير ألا ينتبه كتاب الدراما لخطورة الرسائل التى يوجهونها إلى المجتمع المصرى والعربى وفى القلب منه صورة المرأة؟