عن أبى هريرة رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لى عن أمتى ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم» رواه البخارى. يقول الدكتور عبد الغفار هلال الاستاذ بجامعة الأزهر. فى هذا الحديث الشريف بيان لرحمة الله الواسعة، ونعمه الوفيرة التى أسبغها على عباده، وما أكثر جوانب الرحمة والنعمة التى يتفضل الله بها على عباده، ومن سعة رحمته سبحانه وتعالى أنه يعفو عما يجول فى النفس من خواطر، وما يتردد فيها من حديث النفس الذى يدعو إلى المعصية إذا كان غير مستقر فيها ولم يطمئن بها، بل كان عارضا لا يلبث فيها بل يزول وهذا الإكرام من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم. وأوضح انه إذا كان الله تعالى قد تجاوز عن مثل ذلك الحديث فإنه من باب أولى يتجاوزعما دون ذلك، مثل «الهاجس» وهو ما يلقى فى النفس ولا يستقر فيها، كما يعفو أيضا عن «الخاطر» وهو ما يمكث قليلا ثم يذهب. وهذا من رحمة الله تعالى بعباده ورأفته بهم «إن الله بالناس لرءوف رحيم» أما إذا أخذ كل من الهاجس، والخاطر، وحديث النفس صفة الاستمرار والطمأنينة والركون والاستقرار فإنه لا يعفى عنه لأنه أصبح تلذذا بذكر المعصية، واقترابا منها وداعيا إليها، كما أن هذه الأمور الثلاثة إذا كانت فى الطاعة فلا أجر فيها من الحسنات لأنها لم تأخذ صفة القصد القوى، وهذا بخلاف «الهم» وهو أن يترجح جانب الفعل وقصده، وبخلاف «العزم» وهو قوة القصد والجزم به. واشار الى انه من زيادة فضل الله أن من همّ بحسنة كتبها الله له وإن لم يعملها بسبب طارئ خرج عن إرادته فإن فعلها ضوعفت له، ومن هم بسيئة وتركها خوفا من الله كتبت له حسنة،لأنه جاهد نفسه وقد قال تعالى:”وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هى المأوى” فإن فعلها كانت سيئة واحدة.يوضح كل هذا قوله صلى الله عليه وسلم – فيما رواه الشيخان -: «إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنه كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة».