أرجع الكاتب الأمريكى توماس فريدمان حالة الفوضى التى يعانى منها العالم فى العصر الحالى إلى عدة أسباب أهمها «العولمة» و«التغيرات المناخية» وأخيرا قانون «موور» لتكنولوجيا المعلومات. وأكد فريدمان فى مقال نشرته صحيفة »نيويورك تايمز« الأمريكية أن عالم اليوم يضم ثلاثة أنظمة رئيسية للحكم، فإما: نظام ديمقراطى وحكومات تمثل كافة أطياف المجتمع، أو نظام آخر استبدادى وحكومات إقصائية، أو نظام ثالث فوضوى بلا حكومات، أى الدول الفاشلة والجماعات المسلحة والقبائل والقراصنة والعصابات تتنافس على السيطرة والتحكم، بدون مركزية القوة. وأشار الكاتب الأمريكى إلى أنه لا يمكن فهم ثورة 25 يناير 2011 فى مصر مثلا دون الحديث عن أزمة القمح العالمية عام 2010 والتى أدت إلى الارتفاع المطرد فى أسعار الخبز، وهو ما ألهم معارضى نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك بترديد شعار «عيش، حرية، كرامة إنسانية». وأوضح أنه لا يمكن أيضا فهم الأزمة فى مصر دون فهم التحدى الذى فرضته عمالة الصين العملاقة على عالم صغير، حيث طرح الصينيون عمالة ومنتجات بأسعار زهيدة للغاية. وأضاف: ادخل أى بازار فى القاهرة واشتر طفاية سجائر على شكل هرم واقلبها على ظهرها، أراهنك: ستجد مكتوبا عليها عبارة صُنع فى الصين، وهو ما يؤكد أن نظام العولمة الراهن يصُّب فى صالح الدول التى تؤهل عمالها لسوق العمل بينما يضّر الدول الأخري. كما أشار فريدمان إلى جماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا التى اختطفت 250 تلميذة ثم اختفت فى ركن مظلم من الدولة، وإلى تنظيم «داعش» فى العراق وسوريا، والذى أكد أنه لا يمكن معرفة أسباب انتشاره وتوسّعه، وكذلك انتشار «الربيع العربي»، دونما ربط ذلك بالتطور المستمر فى أنظمة الاتصالات ووسائل التواصل عبر الإنترنت، التى مكنت مجموعات صغيرة من تحدى دول قائمة ومحْو حدودها فى عالم مستوٍ يستطيع الناس الرؤية والتنظيم للاحتجاج على نحو أفضل من أى وقت آخر. كما أشار إلى الوضع فى ليبيا وما خلّفه حلف شمال الأطلنطى «الناتو» من فوضى هناك، عقب الإطاحة بنظام معمر القذافى، فقد اندلعت حرب قبلية مسلحة يشنها الجميع ضد الجميع. وتساءل فريدمان عن سبب حدوث كل ذلك فى الوقت الراهن تحديدا، ورد على ذلك بقوله إن الدول الضعيفة التى أثمر عنها نظام تحالف الحرب الباردة لم تعُدْ قادرة بمفردها على توفير الحد الأدنى من الأمن والوظائف والصحة والرعاية لمواطنيها، حيث انهارت هذه الدول تحت ضغوط العولمة والتغيرات المناخية والطفرة التكنولوجية. واختتم فريدمان مقاله بالقول ثمة قوى ضخمة تؤثر على مجريات الأمور فى تلك الدول، وهذه القوى تتطلب لاحتوائها تعاونا استثنائيا من العالم المُنظَم بأكمله، بحسب تعبيره.