سرب من الطائرات العسكرية قصفت قنابلها علي مدينة صغيرة فدمرتها تدميرا, وقتلت أعدادا غفيرة من سكانها, واحتفل الطيارون بنجاح مهمتهم الشيطانية, في إحدي الحانات, وكان احتفالهم صاخبا. وكانت الطائرات التي دمرت مدينة جرينكا الاسبانية في26 ابريل1937, طائرات المانية كلف النازي الالماني هتلر أطقمها بقصف المدينة في اطار مساندته للجنرال الاسباني فرانكو, ابان الحرب الأهلية الاسبانية التي اندلعت عام1936 بين قواته والقوات الجمهورية الطامحة الي تحرير البلاد من جبروت الجنرال وطغيانه. وعندما آتي نبأ المذبحة الرسام الاسباني الموهوب بابلو بيكاسو, وكان يعيش في المنفي في باريس, استشاط سخطا وغضبا علي الجنرال والنازية والغاشية, وعكف علي رسم اللوحة الشهيرة جرينكا, التي تكشف فظائع المذبحة, وهو ما ساهم في ادانة نظام الجنرال. وأضحت موقعة الحرب الأهلية الاسبانية وجرائمها ومذابحها تؤرق الضمير الانساني, وكان صفوة من الكتاب والمثقفين الأوروبيين قد انضموا للقوات الجمهورية ابان صراعها مع الجنرال, وكتبوا عن تلك الحرب كثيرا, ولايزالون يكشفون خبايا فظائعها بحيث عن الوعي متقدا, والرفض مستمرا للطغاة. لكن المثير للدهشة, أن مذبحة أكثر وحشية من مذبحة جرينكا, قد ارتكبها الرئيس السوري حافظ الأسد في مدينة حماه في2 فبراير.1982 وأزهق في غضون سبعة وعشرين يوما أرواح ما يربو علي عشرين الف سوري, وأسدل النظام المستبد علي المذبحة ستارا كثيفا من الصمت ولوح لعائلات الضحايا بالسياط والمعتقلات لو تجاسروا علي البوح أو حتي الحزن علنا علي الشهداء. انه الديكتاتور في أوج غلظته وذروة نزقة, وانكاره للشعب, واعتباره مجرد أفراد يحق له أن يسحقهم سحقا بهرواته ودباباته ان تمردوا,أو تحدوا حتي بالهمسات المرتجفة نبراتها النظام المستبد. وقد تمكن الديكتاتور من أن يمزق عباءة النظام الجمهوري التي كان يتدثر بها,ومهد السبيل لأن يتولي ابنه بشار طبيب العيون العرش من بعده. وهي سابقة آثمة الهمت حسني مبارك أن يحذو حذوه, وهو ما أورده والوريث وعصابة نظامه مورد التهلكة, عندما اندلعت ثورة25 يناير2011, ولم يكن الليبي معمر القذافي, واليمني عبدالله صالح بعيدين عن مخطط التوريث. غير أن ثورات الربيع العربي أطاحت بهؤلاء الطغاة.. ولكن بشار ما يزال يشهر سيف العائلة,وتقتل قواته شعبه منذ دعا تلاميذ مدينة درعا للثورة,وكتبوا علي جدران الشوارع شعار يسقط النظام. واعتقلت قوات الأمن الأطفال وسامتهم تعذيبا,ودوت صرخاتهم ايذانا بانطلاق الثورة السورية في مارس.2011 واللافت للانتباه أن بشار الاسد برغم ولعه بلغو الخطابة المملة, قد أصيب,فيما يبدو, بحالة غريبة,فهو ينكر في حديثة مع المذيعة الأمريكية الشهيرة باربرا وولتز ان من يقتل السوريين ليسوا قواته ويضيف ان من يقتل شعبه يعتبر مجنونا. ولكن بشار لم يكف يوما عن قتل شعبه منذ اندلاع الثورة. وفي حمأة مذابحة اليومية, تمردت لأول مرة علي الصمت الذكري الثلاثون لمذبحة حماه.. وجري نشر صور الضحايا. واستشاط الديكتاتور غضبا, وارتكب مذبحة جديدة, مروعة في مدينة حمص, وكأن مذابحه طوال شهور الثورة لاتكفي لتنصيبه طاغية الطغاة العرب. انه الطاغية حين يفقد صوابه,ويمضي علي اشلاء شعبه نحو نهايته المحتومة, التي لا ريب فيها. المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي