بصرف النظر عن رضاء أو عدم رضاء بعض قطاعات في الرأي العام عن سخونة وحدة المناقشات التي شهدتها جلسات مجلس الشعب حيث يري البعض أنها دليل علي حيوية البرلمان الجديد. بينما يري البعض الآخر أن هناك تجاوزات في لغة الحوار فإن نسبة المشاهدة لهذه الجلسات حققت أرقاما قياسية تفوق كافة البرامج الحوارية. وهذا الإقبال الواسع علي مشاهدة البث المباشر لمناقشات البرلمان يعكس شوقا جماهيريا للتعرف علي درجة تجاوب أصحاب الحصانة مع المصالح والمطالب الشعبية المعروفة وهل هي بنفس درجة تدفق الناس نحو صناديق الانتخاب أم لا؟ إن الشوق الجماهيري للديمقراطية أمر يمكن فهمه ولكن ينبغي أن نحدد المواصفات الصحيحة للممارسات الديمقراطية والتي تبتعد كثيرا عن أية ممارسات فوضوية أو مظهرية لمجرد إبراء ذمة النائب أمام ناخبيه. والحقيقة أن أبسط تعريف للديمقراطية أنها حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب... ومن هنا فإن الديمقراطية السليمة لا يمكن أن تتحقق في ظل سيطرة فصيل سياسي دون باقي الفصائل وأيضا فإن الديمقراطية لا تستقيم إلا بإسقاط كل فرصة لديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية علي حد سواء!. إن الديمقراطية ليست مجرد لافتة يجري تعليقها أو مباديء يتم الإعلان عنها, وإنما هي أسلوب وممارسة.. ومن ثم فلابد أن تكون هناك رابطة قوية بين الديمقراطية وأسلوب الممارسة الديمقراطية بحيث يسيران معا جنبا إلي جنب ليس كمجرد حصان وعربة وإنما كالحب والزواج! وكلما كان أسلوب الممارسة الديمقراطية ملائما ويتسم بالشفافية كان هناك ازدهار ديمقراطي تعكسه مناقشات مجالس التشريع والرقابة في المجتمع, وذلك بالبعد عن الشكليات والاستغراق في الموضوعية فقط!. ويتوقف عمق وجدية الممارسة الديمقراطية علي دور رئيس الجلسة البرلمانية فمن يرأس اجتماعا ينبغي أن يكون بعيدا عن التحيز وأن يمتنع عن الاشتراك في مناقشة أية قضية معروضة من كرسي الرئاسة, وإن كان ذلك لا يحول دون حقه وواجبه في أن يقدم خبرته ومشورته القانونية كلما اقتضي الأمر ذلك! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: اقبل معاذير من يأتيك معتذرا.. إن بر عندك فيما قال أو فجرا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله