مع بداية أول دورة برلمانية بعد ثورة25 يناير يتزايد الحديث عن وجود رغبة حقيقية لدي كافة القوي السياسية الممثلة في البرلمان لإنجاز عدد كبير من مشروعات القوانين التي سيجري طرحها علي مجلس الشعب لإقرارها في هذه الدورة, ومن ثم يتجدد الحديث في صفوف الرأي العام عن ضرورة التريث وإجراء الدراسات المتأنية واستطلاع الآراء استطلاعا حقيقيا وعلي فترات متسعة وليس في شكل صوري من نوع ما تتم الدعوة إليه باسم جلسات استماع برلمانية محدودة! إن القانون في البداية والنهاية هو دستور التعامل اليومي بين الناس ومن ثم فإن أي قانون لا يمكن أن يكتسب مشروعيته واحترام الناس له إلا إذا كانت قد توافرت له كل أسباب القبول الشكلي والموضوعي عند الرأي العام وأهم هذه الأسباب هو توافر أرضية الاقتناع بسلامة النصوص وبساطة ويسر إجراءات إعمال هذه النصوص في أرض الواقع... ومن هنا تجيء أهمية المشاركة الشعبية في صنع أي قانون لأن القانون لا يكتسب قوته بصحة الإجراءات والخطوات الدستورية والتشريعية التي اتبعت في جميع مراحل استصداره فحسب, وإنما قوته الحقيقية تجيء دائما من التفاف الناس حوله وحمايتهم له باحترام نصوصه عن اقتناع. بوضوح شديد أقول: إن ترسيخ البناء الديمقراطي يحتاج إلي خطوات شجاعة تبدأ من نقطة القبول بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية والحزبية في إصدار القوانين مهما اقتضي ذلك من إطالة فترة الحمل التي تسبق الولادة الشرعية لأي قانون لأن التريث في البحث والدراسة والاستقصاء يتفق تمام الاتفاق مع روح الديمقراطية التي لا تقل في أهميتها عن السلامة الدستوريةاللازمة لصحة وشرعية أي قانون. وقد يقول قائل إن اللجوء لهذا الأسلوب يعني أن مجلس الشعب قد يستغرق الدورة كلها في مناقشة مشروع قانون واحد خصوصا إذا كان من نوعية القوانين التي ترتبط ارتباطا مباشرا بمصالح أكبر شريحة من المواطنين وردي علي ذلك هو: إن اتهام مجلس الشعب بالبطء أفضل بكثير من أن يتهم بالتسرع والادعاء عليه بعد ذلك بأنه يسلق القوانين سلقا مما يحول دون التنبه إلي ثغرات كثيرة تظهر بعد ذلك عند التطبيق ويحتاج الأمر إلي العودة مرة بعد أخري إلي إدخال تعديلات... ومعروف فقهيا أن الخروم القانونية يسفر عنها في أغلب الأحيان نشوء خروم أكثر وهو ما يؤدي تلقائيا إلي ظاهرة تعديل التعديلات. إن ما أدعو إليه من تريث ودراسة وإعطاء أكبر مساحة زمنية ونوعية لمناقشة أي مشروع قانون قبل إقراره في مجلس الشعب هو السبيل الوحيد لإكساب حزمة القوانين مصداقيتها المطلوبة. خير الكلام: الحمقي فقط.. هم الذين يتركون أنفسهم أسري للغرور! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله