وجوه البر والتقوى، ومراتب الفضل والحسنى، تدعو الشباب إلى الاستفادة من ثمرات الصيام، والانتفاع بهدى شهر القرآن، وترى أن عليهم أن يهاجروا إلى الله ورسوله، ساعين إلى أفضل مراتب الهدى والرشاد والصلاح، ليحظوا بالجزاء الأعظم، وهذه الهجرة تعتمد على التحلى دائما بالمعانى الإنسانية النبيلة، والفضائل الخلقية السامية التى فرض الصوم من أجلها، إن الهجرة ليس فيها تحريض على الانتقال من مكان الى آخر، وإنما هى فطنة للأساس الصحيح لمعنى الهجرة، واستجابة لقول الهادى صلى الله عليه وسلم، «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» وقوله: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته الى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. إن تلك الهجرة تربية للنفس وتزكية لها، تريد الوقاية من شرور الدنيا، وبذلك تسمو الروح للتقوى، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل..» وحين يهاجر الشباب الى الصيام ايمانا واحتسابا يدركون أن فى شهر رمضان المبارك مدرسة عظيمة للتهذيب والطهر، جامعة للأخلاق الكريمة، وحافلة بالدروس النفيسة الهادية تنادى المؤمنين: »يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون«. إن الدراسة فى هذه المدرسة الجليلة شهر مبارك، أعد لهم أجورا سخية، وجوائز مختلفة القيم والمقادير، للفائزين المتقين، ولا يوجد نظير لتلك المدرسة الطاهرة، فواضع مناهجها رب العالمين، العليم القدير الخبير بشئون خلقه، الحى القيوم، الحكيم العادل، الذى جعلها محققه لكل ما يصلح أمر العباد، وينظم حياتهم، انها مدرسة الصيام التى تدعو الشباب الى الاستفادة من خيراته المليئة بضروب البر والتقوى، ودرجات الفضل والحسن والخلاص والصدق، فهم فى أشد الاحتياج الى الهجرة الى الصيام، ليفوزوا بالهدى والرشاد، يسعد قلوبهم، ويمنحهم حصنا منيعا، يقهر هجمة الإغراء الشرسة، ويصد موجة الاثارة الغريبة، التى تحاول بكل ما تستطيع هزيمة الاستقامة وقهر الفضيلة، ولا ريب فى أن الشباب سيرى أن فى هجرته وصيامه ما يكبح جماح الشهوة، ويحد من شدتها، ويضعف إغواء الشيطان، ويحد من وسوسته، إن مدرسة الصيام تطالب الشباب بالإخلاص فى السر والعلن، والاستقامة التى تكفل لهم حياة طيبة، وتحثهم على الخير، ففى كل ليلة ينادى ملك الى انبثاق الصبح، ينادى من السماء: »يا باغى الخير يمم وأبشر، ويا باغى الشر أقصر وأبصر، هل من مستغفر يغفر له؟ هل من تائب يتوب الله عليه؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من سائل يعطى سؤاله؟.