في أجواء مليئة بالتوتر والقلق بين المواطنين مع تحريك أسعار الوقود، التي انعكست بصورة مباشرة علي معظم احتياجات الأسر، تظهر المسئولية الوطنية كخط الدفاع الأول عن حماية موارد الدولة ومواجهة الشائعات التي تؤثر علي معدلات التنمية. وعندما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، أبناء الشعب لتحمل المسئولية الوطنية، كان ذلك بمثابة إشارة ضوء للتحرك الشعبي نحو هدف واحد وهو إيقاظ الضمير الوطني وتعظيم الشعور بحجم المسئولية الكبيرة الملقاة علي أكتاف المواطنين. تحقيقات "الأهرام" رصدت آراء عدد من المواطنين والخبراء حول مفهوم المسئولية الوطنية والدور المنوط بهم لبناء أركان الدولة. يقول اللواء حمدي بخيت الخبير الإستراتيجي، "إن المسئولية الوطنية لا تتجزأ وواجبة علي كل فرد في المجتمع، وتظهر عند المواطنين الذين يمتلكون وعيا وطنيا كبيرا ويقدرون قيمة اللحظات الفارقة التي تمر بها البلاد في ظل ظروف معقدة اقتصاديا وأمنيا". ويضيف بخيت: "للأسف هناك بعض المواطنين لا يقدرون الظروف الصعبة التي تحيط بالوطن، فيريدون الحصول علي كل شئ من الوطن دون تقديم أي عطاء له، ولا يقدرون القيمة المشتركة التي يتقاسمونها معه". ويري الخبير الاستراتيجي، "أن المسئولية الوطنية تنبع من إحساس كل فرد في المجتمع بحجم المشاكل التي تواجه الوطن في ظروف بالغة الدقة، لكن الهروب من المسئولية وإلقاءها علي أطراف أخري يتسبب في حدوث أزمة كبيرة بين المواطنين". أزمات مفتعلة ويشير بخيت، إلي أن "بعض التجار الجشعين يحدثون أزمات كبيرة، ولا يشعرون بمسئولياتهم الوطنية في هذا التوقيت الحرج حيث يبالغون في أسعار المواد الغذائية، رغم أن الزيادة في تكاليف النقل والإنتاج لا تستحق هذا الارتفاع غير المبرر للسلع والخدمات، كما أن السائقين يستغلون حاجة الراكب في استقلال وسيلة نقل آمنه ويرفعون تعريفة الركوب الأمر يستلزم وجود رقابة صارمة علي معدومي الضمير وفاقدي الإحساس بالمسئولية". ويشدد علي "ضرورة المشاركة الإيجابية من جانب كل فرد في المجتمع، حيث يستحق الوطن التضحية بكل غال حتي نسترد أركان الدولة مرة أخري ونبني اقتصادا قويا يواجه أي متغيرات عالمية، كما أن أي قرار يخدم الوطن يحتاج إلي وجود إجراءات أمنية تحميه لكي يحقق نتائج إيجابية ملموسة". "حصانة وعقد أمان" ويحدد الدكتور محمد وهدان أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر مفهوم المسئولية الوطنية، في أنها "الحفاظ علي أرض الوطن وحمايته من كل شر"، فالشعور بالمواطنة مسئولية كبيرة تعني الترابط والتعاون والتضامن، واصفا المواطنة بأنها "حصانة"، و"عقد أمان"، "وكما يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من أمن رجلاً علي نفسه فقتله أعطي لواء الغدر يوم القيامة". ويضيف، "أن الوطن يحتاج إلي تكاتف الجميع للعبور من الأزمات التي تلاحق الأمة، مع ضرورة إنكار الذات لأن المرحلة المقبلة تحتاج إلي العمل والكفاح وشعور كل فرد بالمسئولية تجاه عمله وإيقاظ المارد النائم بداخل كل مواطن". ويطالب، ببذل الجهود من أجل إماطة الأذي عن الطريق – التي هي إحدي شعب الإيمان، مستشهدا بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:"من حمل علينا السلاح فليس منا"، ويتابع أن "إن مفردات المسئولية الوطنية تتجلي عندما تدور المصانع بالعمل، ويقدم كل فرد أقصي طاقته الإيجابية من أجل الوطن من خلال عمله ولوكان بسيطا حيث إن العمل البسيط يمكنه أن يحقق طفرة هائلة عندما يتم تنفيذه بإتقان . "شعور بالانتماء" ويري جلال لاشين مهندس، "أن المسئولية الوطنية تعبر عن المشاعر النبيلة التي تهز كيان المواطن، وتشعره بالانتماء وبترسيخ هويته وتقوي فيه أواصر الاتصال بأرضه وأهله، وليس أفضل للمرء من أن يكون وطنيا في حسه وفي سلوكه اليومي إذا لا يكفي أن يفخر الإنسان بأنه وطني، وإنما يجب أن يترجم ذلك الشعور إلي واقع وأن يتحمل التضحيات التي تترتب عن ذلك مهما كانت جسامتها، فالتعبير عن حب الوطن بالكلام والخطابات الجوفاء دون قرنها بالعمل يدل علي انعدام المسئولية". "درع وسيف" أما فوزية عثمان – ربة منزل، فتقول "إن المسئولية الوطنية تحتم علي الجميع في هذه الفترة أن يسمو ويتسامحوا مع بعضهم لنصل إلي نقطة مشتركة، يمكن الانطلاق منها نحو تحقيق أهداف إيجابية لخدمة المجتمع ، فالمسئولية هي تكليف واختبار وإلزام علي المواطنين بالمشاركة البناءة لنهضة الوطن، حيث إن المسئولية الوطنية هي درع الدولة التي تحمي كل فرد كما أنها سيف المواطن علي كل فساد في المجتمع". ويقول إسلام عاصم – موظف بالنيابة العامة، أن المسئولية الوطنية تقتضي العمل وإرضاء الضمير، وهذا يعني أن نعبر عن وطنيتنا أولا وقبل كل شيء بالعمل الصالح والجهد المتواصل كل من موقعه، فالمعلم يعير عن وطنيته بتفانيه في مدرسته وتربية النشء علي حب العلم والأخلاق الفاضلة، والطبيب باجتهاده في معالجة المرضي والتخفيف من آلامهم والقضاء علي الأمراض والأوبئة، والعامل بجهده الدءوب في البناء والتشييد والتصنيع، والمهندس بالخلق والابتكار والإبداع لضمان الجودة وسرعة الانجاز، والجندي باستماتته في الدفاع عن الوطن والذود عن كرامته. ويضيف: وتقتضي الوطنية من التلميذ الاجتهاد في الدراسة والحرص علي مواعيدها واحترام معلميه والمؤسسات التربوية، كما تقتضي من المواطن المحافظة علي كل ما يحويه الوطن فلا يكسر غصن شجرة ولا يلوث الجدران بالكتابة عليها ويحافظ علي نظافة الشوارع، ولا يقطف أزهار الحدائق، ولا يهشم فوانيس الكهرباء لأن المحافظة علي هذه الممتلكات العمومية هي نوع من البناء والإحساس بالمسئولية الوطنية".