يدفع الشعب المصرى الآن ثمن السياسات الفاشلة التى طبقتها الحكومات المتعاقبة طوال السنوات الماضية، حيث أدت تلك السياسات الى تراكم الأزمات والمشكلات واختنق الاقتصاد الذى أصبح على شفا هاوية، يحتاج إلى عمليات جراحية سريعة ومؤلمة فى بعض الأحيان ولم تعد تجدى المسكنات صنعا. وإذا كان هناك اتفاق بين جميع الخبراء الاقتصاديين على أهمية معالجة الخلل فى أسعار المنتجات البترولية، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، فإن من الضرورى فى الوقت نفسه أن تستعد الدولة مسبقا بعدة إجراءات لتخفيف وطأة أى زيادة فى أسعار الطاقة والوقود على المواطن البسيط، حتى لا يدفع هو الثمن من قوت يومه الذى لا يكاد يكفيه. ولعل أبرز مثال على ذلك هو تأثير زيادة أسعار الوقود على تعريفة ركوب سيارات الأجرة والميكروباص التى تسببت فى معارك عديدة بين الركاب والسائقين أمس. فقد أعلن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء أنه ترك الحرية للمحافظين لإصدار قرارات بتحديد تعريفة الركوب فى محافظاتهم، وأن الزيادة فى التعريفة ستكون فى حدود 01% داخل المدن و 5% بين المحافظات. لكن الذى حدث بالفعل أن معظم المحافظين لم يصدروا أى قرارات بتنظيم تعريفة الركوب، وتركوا الأمر للصراع بين السائق والركاب، وكان المفترض أن تصدر هذه القرارات قبيل تطبيق الزيادة فى أسعار المحروقات أو على الأقل بالتزامن معها. كما لم يلتزم أحد بنسبة الزيادة التى أعلنها محلب، وعلى سبيل المثال ارتفعت تعريفة الركوب بين القاهرة والإسكندرية من 03 إلى 05 جنيها أى بنسبة 07% وليس 5% فقط حسبما ذكر رئيس مجلس الوزراء. والغريب أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أصدر دراسة مهمة عن تأثير الزيادة فى سعر البنزين والسولار على تعريفة ركوب الأفراد والنقل، أوضح فيها بشكل علمى أن متوسط زيادة تعريفة الركوب داخل المدينة لا تتعدى 7% للركاب وخارج المدن 24%. مما يعنى أن الزيادات الضخمة التى طبقها السائقون على الركاب أمس والتى وصلت إلى 001% فى بعض الأحيان لا تعبر عن تأثير حقيقى لزيادات أسعار البنزين والسولار، بقدر ما تعبر عن عملية جشع وانتهاز للفرصة من جانب بعض السائقين للاستفادة المادية بشكل مبالغ فيه جدا. إن هذا الموقف يعنى أنه لابد من تدخل سريع وحاسم واجراءات محددة من جانب الدولة لضبط الأسواق، والسيطرة على محاولات استغلال الموقف، واتخاذ إجراءات رادعة لتخفيف وطأة أسعار المحروقات الجديدة على المواطنين وحمايتهم من الجشع والاستغلال، فهذا هو دور الدولة الحقيقي. لمزيد من مقالات رأى الاهرام