فى البداية يجب الإشارة الى أن مصر واليونان ترتبطان بعلاقات تاريخية متميزة على مر التاريخ، وتجمعهما العديد من المصالح المشتركة والمتبادلة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وإجمالا يتسم موقف اليونان من مصر بالايجابية والتوازن فى إطار الاتحاد الأوروبي، حيث تدرك اليونان أهمية الدور المصرى فى المنطقة باعتبار أن مصر قوة إقليمية مهمة تستطيع ضبط إيقاع المنطقة وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار بها. - على خلاف موقف الأغلبية الساحقة من الدول الأوربية، كانت اليونان – ومازالت – من أكثر الدول تفهماً للظرف التاريخى الذى تمر به مصر، ومن أكثرها إدراكاً لمتطلبات المرحلة ولطبيعة التغير فى مجتمعنا، حيث عكست المواقف والتحركات اليونانية لاسيما بعد 30 يونيو تفهما واضحا للأسباب التى دعت المؤسسة العسكرية للتدخل تلبيةً للمطالب الشعبية والحفاظ على استقرار مصر باعتبارها أحد أهم الفاعلين فى تحقيق الأمن والاستقرار فى شرق المتوسط، مع الإعراب عن التفهم للصعوبات والتحديات الراهنة والإشارة إلى أن الحكومة المؤقتة تبذل جهودا حثيثة لتحقيق الاستقرار الأمنى والاقتصادى واستعادة المسيرة الديمقراطية فى أسرع وقت ممكن. - نظرت اليونان الى الأوضاع السياسية فى مصر التى نجمت عن 30 يونيو باعتبارها استمرارا للمرحلة الانتقالية التى أعقبت نجاح ثورة 25 يناير 2011، كما تبنت مواقف واضحة تعارض تناول الإتحاد الأوروبى لشئون مصر الداخلية بشكل سلبي، وتؤكد أهمية إتاحة المجال للقاهرة للقيام بالإصلاحات المطلوبة دون وصاية خارجية، بالإضافة الى ضرورة حث الدول الأوربية على تقديم المساعدات اللازمة للقاهرة من أجل التعامل مع التحديات المرحلية. - شهدت المرحلة التى أعقبت الثلاثين من يونيو 2013 تنسيقا سياسيا رفيع المستوى بين البلدين، سواء من خلال الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، حيث اختارت مصر أثينا لتكون العاصمة غير العربية الوحيدة التى يزورها رئيس الجمهورية المؤقت فى 20 يناير 2014 تقديرا للمواقف اليونانية التى قامت على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، والانصياع لإرادة الشعوب وتطلعها للتغيير. كما قام نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فنزيلوس بزيارة القاهرة فى 5 سبتمبر 2013 بهدف إبراز دعم اليونان ومساندتها للشعب المصرى وتأكيد الاهتمام بتعزيز المصالح المشتركة فور استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، بالاضافة الى زيارة وزير الدفاع اليونانى للقاهرة فى أبريل 2014 التى تعد الزيارة الثنائية الوحيدة لوزير دفاع أوروبى للقاهرة منذ الثلاثين من يونيو. - تجاوبت اليونان مع الجهود المصرية لتعزيز التعاون فى شتى المجالات، حيث تم الاتفاق على تدشين آلية للتشاور السياسى بين وزارات خارجية الدول الثلاث يتناول المسائل السياسية وكافة الأمور الأخرى عند الضرورة، حيث التقى وزراء خارجية الدول الثلاث فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة يوم 24 سبتمبر 2013، كما استضافت القاهرة الاجتماع الثلاثى الأول على مستوى كبار المسئولين يومى 11 و12 نوفمبر 2013، أعقبه الاجتماع الثانى فى أثينا خلال أبريل 2014. - حرصت اليونان على ايفاد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لحضور مراسم تنصيب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى يوم 8 يونيو 2014، فى إشارة لها مغزاها الواضح باعتباره رئيس مجلس الشئون الأوروبية فى دورته الحالية نظرا للرئاسة الدورية لليونان للاتحاد الأوربى خلال النصف الأول من العام الجارى. وتقوم اليونان بمساندة مصر فى المحافل الأوروبية والدولية بشكل مستمر. - أود أن أشير فى هذا الصدد الى أن المشاورات مع كبار المسئولين فى الحكومة اليونانية كانت تتسم بالصراحة والاحترام المتبادل عند التطرق لتطورات الأوضاع فى مصر، كما أن استفسارات الجانب اليونانى ازاء أية أحداث كان يتم تناولها بشكل هادئ وبهدف الاستفسار ومعرفة الحقائق كما هى دون أية مبالغات أو تهويل.