تعد جرعة السياسة فى الأعمال الدرامية فى رمضان هى الأقل، مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية، باستثناء أعمال تحوى ملمحا أو أحداثا سياسية، أبرزها مسلسلات «صديق العمر»، و»السيدة الأولى»، و»الإكسلانس»، و«المرافعة»، إذ تتسم أعمال هذا الموسم بالتنوع بين التاريخى والرومانسى والأكشن والاجتماعى والكوميدى، بالتداخل مع أحداث سياسية بسيطة، وهو ما أرجعه نقاد وخبراء إلى أسباب من بينها سيطرة الملل، والإرهاق السياسى على المصريين بعد 3 أعوام من الصراع والفوضى. فبعد ثورة يناير 2011، طغت المسلسلات ذات الطابع السياسى على الأعمال الدرامية التى انطوت أغلبها على أحداث ترتبط بثورة يناير، من بينها مسلسلات «آدم» و»الشوارع الخلفية» و»عابد كرمان»، وهو اعتبره النقاد والخبراء أمرا طبيعيا وفقا للمتغيرات التى مرت بها البلاد فى هذا التوقيت، وكون الدراما كانت متعطشة للحديث عن السياسة مثل الشعب تماماً. فى الموسم التالى 2012، قلت جرعة السياسة، لصالح مسلسلات إجتماعية وكوميدية، من بينها «فرقة ناجى عطالله» و»باب الخلق»، و»الهروب»، وهو ما عزاه النقاد إلى الإرهاق الذى أصاب المصريين من جراء الصخب السياسى والوتيرة المتصاعدة للأحداث. لكن مع موسم 2013، عادت السياسة مرة أخرى إلى واجهة الدراما، التى جرى تصويرها مع احتدام الصراع السياسى وظهور بوادر انتفاضة ضد نظام الإخوان، لتبرز أعمال ذات طابع السياسى «الداعية» لهانى سلامة، الذى كان تتر نهايته عبارة عن مظاهرات ضد النظام، و»تحت الأرض» لأمير كرارة الذى حوى إسقاطا عن أحداث وأشخاص بعينهم مثل تفجير الكنيسة، و مسلسل «ذات» لنيللى كريم الذى رصد التحولات السياسية والاقتصادية فى مصر منذ ثورة يوليو وحتى ثورة يناير، و»نظرية الجوافة» لإلهام شاهين الذى تضمنت حلقاته بالكامل إسقاطات على نظام المعزول مرسى. ومقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية الماضية فإن دراما رمضان هذا العام هى الأقل من حيث جرعة السياسة، باستثناء أعمال تحوى ملمحا أو أحداثا سياسية، أبرزها مسلسلات «صديق العمر» لجمال سليمان وباسم سمرة ودرة، ويستعرض العلاقة بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، و»السيدة الأولى» لممدوح عبد العليم وغادة عبد الرزق، التى تلعب دور زوجة أحد السياسيين الذى يفوز فى الانتخابات وتساعده للحصول على منصب سياسى بارز، ومسلسلسل «الإكسلانس» لأحمد عز والذى يحمل إسقاطاً على زواج رجال الأعمال بالسلطة، و«المرافعة» لفاروق الفيشاوى وتامر عبد المنعم وشيرين رضا، ويتناول أيضا علاقة رجال الأعمال بالسلطة. وقالت الناقدة ماجدة خير الله: إن كتاب وصناع الدراما يواجهون الكثير من المتغيرات فى الوقت الحالى بسبب الأحوال السياسية يوما بعد يوم، مما يؤدى إلى الابتعاد لفترة عن الأمور السياسية، والعودة لها فى فترات أخرى طبقا لما يحدث فى الشارع المصرى، ولكن الدراما التى تعرض خلال رمضان الحالى تتميز بالتنوع بين التاريخى والرومانسى والأكشن والاجتماعى والكوميدى وتتداخل فيها أحداث سياسية بسيطة، والتنوع أمر لابد منه خاصة أن الواقع السياسى متغير، وهو ما يصعب من مهمة المؤلفين فى بناء آراء فى ظل وجود أمور لا استقرار أو ثبات فيها. وأرجع د. رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بجامعة حلوان، تزايد الدراما السياسة فى السنوات الثلاث الأخيرة، إلى تعطش المصريين لهذه النوع بعد أن كان قبل الثورة ولسنوات طويلة من الممنوعات، وتفريغ الكبت جراء الاحساس بالظلم عند مشاهدة الأعمال التى تتناول الفساد، فضلا عن أن بعض صناع الدراما يجدون فى تصوير الأعمال ذات البعد السياسى وخاصة فيما يخص محاربة الفساد واجبا وطنيا لمحاربة الفساد فى وطنهم. واعتبر «ظهور العمل السياسى فى الدراما، مقياسا لحجم الحرية فى البلاد، فوجود أعمال تناقش فسادا سياسيا أو اجتماعيا دون قيود معناه وجود مساحة حرية وتعبير عن الرأى».