جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة فى تشكيلها الجديد بأن يبدأ دولاب العمل فى الجهاز الإدارى من الساعة السابعة صباحا ، لتكشف عن رؤية مستقبلية يبدأ بها الرئيس المنتخب مسيرته فى إدارة الدولة. ورغم ما تحمله الدعوة من ايجابيات عديدة ومتعددة، إلا انها تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات وهو ما اثار بدوره جدلا واسع النطاق بين مؤيدين وهم كثر ومعارضين يرون أن الأمر لن يختلف كثيرا. وفى محاولة لحسم هذا الجدل، يجدر بنا تسجيل ثلاثة ملاحظات تهدف الى اجلاء بعض الغموض فى مواقف كل طرف، وذلك على النحو التالي: أولا- إن الدعوة للتبكير إلى العمل هى من طبيعة المجتمع الاسلامي، حيث حثت العديد من الآيات القرآنية على الإسراع فى العمل والجد ليس فقط فيما يتعلق بالعبادات وإنما أيضا فيما يتصل بشئون الدنيا، فقال سبحانه تعالي:«فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون»، كما ورد فى حديث حسن عن النبى صلى الله عليه وسلم عن أهمية البكور إلى العمل بقوله:«اللهم بارك لأَمتى فى بكورِها». ويستدل من هذه الآيات والاحاديث أن البكور إلى العمل سمة من سمات المجتمع الإسلامى الذى حقق النجاح والتقدم بإقامة دولة قوية فى العهود الاولى من الدعوة، وهى السمة التى انتلقت الى بلاد أخرى نجحت بفضلها فى تحقيق النهضة والتقدم. وعليه، تصبح الدعوة للتبكير الى العمل خطوة أولى فى طريق النهضة التى تنشدها الدولة المصرية وهى تقيم دعائم تقدمها، حفاظا على قيمة الوقت، ومساعدة على تحقيق الانجازات المطلوبة ثانيا- رغم اهمية هذه الدعوة إلا انها تواجه جملة من الصعوبات، فثمة صعوبات تتعلق بطبيعة المجتمع المصرى وخاصة فى المدن الكبرى التى يسهر أهلها لساعات طويلة ليلا أمام التلفاز او الانترنت، وهى الطباع التى انتقلت مؤخرا الى المناطق الريفية والحدودية بما يجعل من الصعوبة بمكان تغيير هذه الطباع بالسرعة المطلوبة. ولذا، فقد يضطر الموظف أو العامل تحت ضغط هذا القرار وتطبيقه أن يستيقظ مبكرا ليذهب الى العمل ليستكمل ساعات نومه فى مكتبه، معطلا فى الوقت ذاته مصالح المواطنين وحاجاتهم، هذا من ناحية. ومن ناحية أخري، هل يترتب على الذهاب مبكرا إلى العمل انتهاء ساعات العمل مبكرا أيضا؟ فكما هو معلوم أن مواعيد المصالح والاجهزة الحكومية التى تعمل طوال الاسبوع مع يوم راحة تبدأ من الثامنة والنصف صباحا وحتى الثانية والنصف ظهرا، فى حين أن المصالح التى تعمل خمسة أيام أسبوعيا تبدأ مواعيد عملها من الثامنة والنصف وتنتهى فى الثالثة والنصف ظهرا مع راحة يومين، فهل يعنى ذهابه مبكرا خروجه أيضا من العمل ساعة مبكرا؟ فما هو العائد فى هذه الحالة؟ فعدد ساعات العمل التى سيقضيها الموظف فى العمل فى الحالتين واحدة؟ فما هو الجديد؟ ولكن، إذا ما ترتب على الذهاب مبكرا اضافة ساعة عمل أخرى لانجاز خدمات المواطنين، فهل تتحمل الدولة وميزانيتها البدلات التى سيحصل عليها العامل نظير هذه الزيادة فى ساعات العمل؟ وهل المردود من هذه الزيادة يغطى الاعباء الاضافية؟ ثالثا- رغم الصعوبات الجمة التى تواجه تطبيق هذا القرار إلا أن الحلول المنطقية والواقعية فى ضوء التجارب الدولية والاقليمية تقدم نماذج يمكن لصانع القرار الاستفادة منها حينما يسعى الى تطبيق هذا القرار بصورة ناجحة، دون أن يتحجج البعض بأن طبيعة المجتمع المصرى وسلوكياته يمكن أن تمثل عائقا امام التطبيق، فالمواطن المصرى حينما يسافر الى الخارج سواء فى الدول الاوروبية او دول الخليج العربى يلتزم بمواعيد العمل مبكرا أضف إلى ذلك أن نجاح مردود هذا القرار يظل متوقفا على قدرة الادارة العليا فى كل مصلحة او جهاز على تطبيق القواعد المنظمة دون محاباة او مجاملات. منتهى القول إن قرار السابعة صباحا يظل مرهون نجاحه أو فشله على كيفية تطبيقه وآلياته، مع ضرورة توافر الإرادة السياسية والإدارية والرغبة فى ذلك، مع معالجة سريعة لأية تداعيات سلبية يمكن أن تلحق ببعض فئات المجتمع خاصة فى المراحل الأولى لتطبيق القرار. لمزيد من مقالات عماد المهدى