أعاد لى مقال الكاتب الكبير والصديق العزيز الأستاذ صلاح منتصر المركبة عدت وبتتعاجب يوم 5 يونيو الحالى ذكريات 39 سنة مضت حينما استعدت الدولة للاحتفال بعودة الملاحة فى قناة السويس 5 يونيو 1975 بعد عامين من انتصار أكتوبر المجيد 73 وتكليف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بتجهيز أغنية لهذه المناسبة الوطنية المهمة يغنيها عبد الحليم حافظ، وتلقى الأستاذ عديدا من الأغنيات التى كتبها كبار الشعراء وتمنى كل منهم أن يكون الفائز بابداع العملاقين الكبيرين، وفى اتصال تليفونى مع الاستاذ عبد الوهاب وكان قد استمع لبعض أغنياتى الوطنية خاصة «منقولش ايه اديتنا مصر» سالنى هل كتبت شيئا فى هذه المناسبة وقرأت له مطلع أغنيتى «المركبة عدت وأهى ما شيه .. والكل شايفها بتتعاجب .. والضحكة أهى زادت .. وبتغنى كان الأمل مغلوب صبح غالب قال الله حلو يحب الجمال» وظل يردد كلمة كان الأمل مغلوب صبح غالب وقلت : ورفعنا الشراع يا بلدنا ورجعنا اللى ضاع يا بلدنا وبعزم الرجال ،، وبعزم الرجال خطينا المحال .. والموج رقص جنب السفينة .. لما القناة رجعت الينا .. فسكت عبد الوهاب وطلب قراءة باقى كلمات الأغنية وما أن انتهيت من قراءتها كاملة من جديد على مهل وببطء ودون توقف ولم أكن أعلم ماذا يريد عبد الوهاب من تكرار كلمات الأغنية أكثر من مرة وهو ما أدركه الكاتب الكبير صلاح منتصر، وكان قريبا من عبد الوهاب وكبار نجوم الفكر والأدب والفن بقوله إن عبد الوهاب كان يسجل ما أقول وأمضى يوما كاملا فى إنهاء اللحن والموسيقى التى ملأت وجدانه وهو يستمع الى كلماتها تليفونيا مما أعادنى الى ذكريات 39 سنة مضت على هذه الأغنية. حيث طلب منى الأستاذ عبد الوهاب الاتصال ب عبد الحليم وابلاغه إن عبد الوهاب استقر رأيه على هذه الأغنية وكان هذا اليوم 29 مايو عام 75، و لكننى ترددت فى الاتصال ب عبد الحليم ظنا منى أن عبد الوهاب يجاملنى وأنه من غير المعقول أن يترك كلمات كبار الشعراء الأساتذة الذين يتعامل معهم وتعلمت منهم كتابة الأغنية ويختار أغنيتى وبعد ثلاثة أيام وكنت خارج المنزل وعلمت أن الأستاذ عبد الوهاب طلبنى وعايزنى ضرورى وكان فى منزل عبد الحليم وعدت بسرعة واتصلت به وكنت فى غاية الاضطراب وسألنى معاتبا : إنت فين؟ مش فيه أغنية ؟ قلت يا أستاذ عبد الوهاب حضرتك لم تطلب منى إرسال الكلمات فقال: أنا سجلتها بالتليفون وسمعته ينادى يا أستاذ فؤاد وكان يقصد الموسيقار أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الموسيقية وقال : دور الشريط وإذا بى أسمع البروفة كاملة بصوت عبد الحليم مع الفرقة الموسيقية وأنا فى قمة اندهاشى وطلب منى الحضور فى اليوم التالى حيث يتم تسجيل الأغنية باستوديو 46 بالاذاعة وجلست فى كابينة الاستوديو بجوار مهندس الصوت زكريا عامر المتخصص فى أغانى عبد الوهاب وعبد الحليم لمتابعة التسجيل ووجدت الموسيقار كمال الطويل بجوار عبد الوهاب وعبد الحليم فى الاستوديو وهكذا كان يفعل كبار الملحنين مع بعضهم فى زمن الفن الجميل .. يشارك كل منهم فرحة الآخر فى بداية عمل فنى جديد . أما المفاجأة الأهم فى مقال الأستاذ صلاح المركب عدت ... وبتتعاجب » الذى كتبه يوم 5 يونيو فتتمثل فى إنه نبه المسئولين فى التليفون بأن هذه الأغنية وإن كان المؤلف كتبها منذ 39 مضت ولكن من يعيد قراءة كلماتها يجد أنها تتوافق كثيرا مع الأحداث التى عبرت فيها المركب المصرية عواصف الإخوان وأمواج الإرهاب التى كانت ستستغرق مصر وتوقف مسيرتها ولكن ها قد جرت الانتخابات الرئاسية دون حادث واحد وأعلنت لجنة الانتخابات فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى بعدد غير مسبوق من الأصوات والمركبة عدت وأهى ماشية والكل شايفها بتتعاجب مما جعل التليفزيون والاذاعة يحرصان على تقديمها عدة مرات وبصفة دورية وليس فقط فى 5 يونيو كما كان يحدث من قبل وتم وضعها على خريطة الأغانى الوطنية التى تذاع بصفة دائمة تمشيا مع ما تشهده القناة من عبور المراكب والسفن والبواخر والناقلات الكبرى مع إعادة تصويرها من جديد بحيث تواكب حركة الملاحة اليومية فى القناة، كما أعادنى هذا المقال لذكريات امتدت ما بين 38 و 41 سنة عندما ذكر صلاح بعض أغنياتى الوطنية خاصة، ما نقولش إيه إدتنا مصر، التى انطلقت مع لحظات العبور الأولى فى 6 أكتوبر 73 وقام التليفزيون بتصويرها مع أول لقطات حية من عبور الجنود على الزوارق المطاطية ورفع العلم على أرض سيناء، كما ذكرنى الكاتب الكبير بصديقه الغواص فى بحر النغم عمار الشريعى ورائعته الأولى أقوى من الزمان للفنانة القديرة شادية 76 سنة عندما تحمست للكلمات واللحن ولم تنتظر الإجراءات الروتينية المتبعة فى التليفزيون وسجلتها على نفقتها الخاصة ودفعت تكاليف عشر بروفات لأعضاء الفرقة 25 عازفا وأجر الاستوديو ومهندس الصوت وهو نفس ما فعله عبد الحليم فى المركبة عدت .. هكذا كان يفعل نجوم الغناء الكبار فى تسجيل أغانيهم الوطنية حبا فى الوطن فعاشت وستعيش وترددها الجماهير على مدى السنين . لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى